قصة قصيرة

كانت الساعة الثالثة ظهراً ودقيقتين, تمشي عقارب الســـــاعة بانتظام , عقرب اثر عقرب, هكذا كان ينظر اليها السيد طـــه, وهو يتذكر سني عمره التي مرت كالأمواج المتلاطمة والمتلاحقة,المارة يسيرون أمام عينيه, وهو يطل من ذلك البلكون الخشبي لشقته التراثية لذلك المنزل القديم ذو الشناشيل والتي تشبه ضفائر...
في مقهى مليئة بالسعال والدخان .. توزعت مصاطب من جذوع اشجار يابسة ، قطعها الناس في ايام الجوع ، عندما هبوا افواجا الى الاشجار الباسقة في الضواحي والطرقات ، بكل ما اوتوا من ادوات القطع ، يذبحون الجذوع الطرية ويهشمون السيقان المتدلية ، يجمعونها في زوايا منسية ، تجف ،يتساقط لحاؤها اكواما من القشور ،...
أفواجا أفواجا يخرجون .. يملؤون المدينة .. يتسربون الى مفاصلها بدون أن يشعر بهم أحد .. ففي الشوارع يتسكعون على غير هدى .. وفي المقاهي يتسللون كالدخان يمتصون خراطيم النراجيل ويتهامسون. وفي الساحات ينتظرون الذي لا يأتي وفي الأسواق يدورون يتظاهرون بالبحث ويحدقون بالنساء ويفعلون ،خفية، الأعاجيب...
ينهض في الصباح وكأنه يجمع رأساً فككه الليل الطويل، بصعود النهار تبتعد حالة التبعثر من رأسه، يحتسي قدح الشاي في المقهى القريب، تدور رائحة النهر في رأسه، الخيط والصنارة والطعم لا تفارق الكيس الذي يحمله، جيبه الآخر مخف باتقان يخفي فيه بعض الأوراق يقرأها أثناء الصيد، إنها مصدر كل قوته، وبقاء هذا...
حلّتا ضيفتين على اخته هاجر.. كانتا فتاتين تقيمان في القسم الداخلي لطالبات الجامعة.. حدث ذلك قبل الامتحان الأخير لدرس الكيمياء بيوم.. جناح البهو الخلفي للبيت فسيح ومؤثث بالأرائك المنجّدة بأفخر القماش، بينما الستائر الزرقاء تناسب الديكور، والطاولات والمنضدة المستطيلة تؤطران زوايا المكان.. كن يجلسن...
وشم بالمسمار تم قراءة الموضوع 928 مرة 28/9/2011 12:00 صباحا حميد ناصر الجيلاوي يمد ساقيه وظهره إلى جدار الجامع ورأسه ينقر الجدار نقرات خفيفة.. يغني مع نفسه والعصافير تقفز فوقه على أغصان شجرة السدر المشرئبة من خلف جدار الجامع. الأوراق الجافة تسقط على ساقيه وعلى رأسه. (كش.. كش) ..يطرد...
نظرتُ الى السماءِ فشتمتُ نفسي وهي في طريقها الى الجفافِ، كان القمرُ في الليلةِ البيضاء من شعبانِ: نصفُهُ اسودَ، وكنّا في رحلةِ صيدٍ، السِّراجُ يتدلى على صاريةِ المشحوفِ (2)، كنـّـا خائفينَ في تلك الأيام، أن نصحو بِلا مياهٍ، ننظرُ الى الجزْرِِ وهو ينزلُ قليلاً، قليلاً فيكشفُ عن جروفٍ تتفّطرُ...
لاح شعرها في المرأة كشلال اسود ! ينهمر على كتفيها وينزلق على جانبي وجهها الذي بدأ في المرأة مغمورا بنور فاتر يسيل لا معا كلما دنت ناحيته فتلوح في المرأة كأنما تنأى او تنطفئ في فراغ غائم مشرع على سماء متلفعة بوشاح داخن !! كان قابعا قبالة المرآة كانه تمثال شمعي يحدق منذ عشرات السنين كانت سحنته...
لن انس اليوم الذي سكن فيه ذلك الرجل الطويل القامة بيت مراد افندي في مدخل محلتنا القديمة..كان شعره فضيا منسدلا على كتفيه ولحيتة كثة تأكل معظم ملامح وجهه وشاربه الابيض الغليظ يطمر فتحة فمه فقد صُدمنا نحن الاطفال حين رأيناه،قلنا كيف يتناول هذا الرجل طعامه..؟ اسميناه الدرويش نحن ابناء محلة الخسروية...
جَفلتُ لَحظةً، هي ذاتُها الأرض التي تَركتُها. البيوت متلاصقة كأن خوفا وشى بها.. أطاردُ لعنةَ حطت بين ساعات اجتررتها من سنوات غيبتي. وقفت انظر الى حطام قديم، بيت من أكوام القصب المخلوط بطين حري كان أبي يصنعه كما يصنع طاقيته من خيوط البريسم.. نهاري ليس كما نهار الآخرين حين اتخذت قراري المروع قبل...
وضع رأسه بين كفيه ، متكئا بكوعيه على الطاولة الوحيدة في الغرفة ، و سرح بخياله ينهب سنوات عمر نيف على الخمسين ، بلا زوجة، بلا أولاد ، استوقفته ذكريات غائرة في الزمن ، توحدت في لون يميل إلى القتامة ، حولها ، على غرار المؤرخين ، إلى محطات تحقيب لعمر بدا له كاللاشيء . ما أبسط بعضها لكنها تلح في...
في يوم غائم حلق طائر السنونو نحو مدينة بعيدة حيث القصور والقباب العالية لتلك المدينة، رأى من بعيد نافذة مفتوحة تظهر منها امرأة حزينة الشكل والملامح تحمل بين يديها طفل صغير يبكي من شدة الجوع والمرض، اتجه الطائر نحو تلك النافذة في ذلك الحي الفقير وقد رأى تلك ألام التي تحمل ذلك الطفل على كتفها وهي...
جثم الصمت ، الوحشة مقيتة وقيثارة ذلك المساء الأخرس عزفت برتابة تناغمت مع نزوع الشمس لتتلفع ببردة غروب وشيك . هدوء يسبق صخب ما وكأن كل شيء حول ذلك المكان يتأهب للاحتفاء بمولود فوق العادة ، شبح سيخطف الأبصار بسحنته الكالحة ، يقفز من فوق جدار المستحيل نحو عتبة لحياة أقسى من طعم موت رفضه قبل برهة...
لم يغمض لي جفن ولا لزوجتي منذ عدة ايام وفرت احلامنا الشحيحة باجنحة من ارق ، كان يصلنا بكاء ابني سلوان من غرفته يشخط سكون الليالي الدامسة بالقلق والترقب..استدارت لي زوجتي وكلمتني بصوت مثخن بالحرقة والعتاب.. _ هل قلبك من حجر..؟الا تسمع انين ابنك الذي تتفطر له جدران البيت..؟ جلستُ على السرير وظلام...
الساعة تجاوزت نصفها الاول... عقاربها الان في بداية نصفها الثاني أمر طبيعي.. هكذا هو الحال في كل يوم. اشعر بالرعب كلما نظرت الى الساعة و يتاعظم رعبي كلما وجدت عقاربها في النص الثاني ليس في ألامرغرابة أن قلت انا الان في نصف عمري الثاني تماما كالساعة !!في بداية عمري كانت المسافة التي تفصل بين رأسي...
أعلى