قصة قصيرة

فجأة وجد نفسه في الخمسين وحيداً . يعاني من أرق كاد يوصله للجنون... وبعد صراع مرير مع كل ما يحيط به . توجه لعيادة نفسية خاصة بعيدة عن أعين الناس . شعر ببعض الراحة حين علم أن الطبيب المعالج بالعيادة التي قصدها هي امرأة... فدفع رسوم فتح الملف الصحي... ولم ينتظر طويلا لإجراء الكشف . بدت له الطبيبة...
كل مرة تعاتب عليه وصوله المتأخر إلى الفصل ، يتضرج وجهه خجلا ، و تشع من عينيه الصافيتين المتلألئتين نظرات خاطفة مغشاة بالأسى و الالتباس ، كمن تتعاقب عليه بلا انقطاع ومضات النشوة و الألم ، يفرج عن ابتسامة ، و يتعلل بمساعدة والده المريض في أعمال الحقل.. تسعى جاهدة أن تفحمه بأن الحياة زاهية و زاخرة...
دخل بيته محملا بثقل صور اليوم، أعد قهوته بردائها الأسود المقدس، وقبتها البنية السندسية، خلع عنه ملابسه واستلقى في حضن حوض الاستحمام، يسترجع شريط اليوم الدرامي.. كأنه سيخرج إلى الوجود من جديد.. كان شريط الشارع طويلا يمتد وراءه كلما تخلص منه بخطوة وهو يعبره ببطء، إلا ورأى مقصده يسابقه، وكلما انتهى...
يطأطئ الوقت نبضاته, الهواء يثقل, يندفع الباب .. يغلق ويفتح امام اصوات الخطوات .. الدالفة والمغادرة .. (هل انا ابكي ؟) نم الان.. يقول الطبيب.. لا تتحدث تبدو لي وجه امي وهي تمسح لي راسي وتقبلني .. (كم كان عمرك ايها الشقي) (هل لك عمر؟) خارجا من بخار شتوي ساخن... دالفا في (دشداشة) من (البازة)...
لقد استيقَظَت الشّمس للتو، وأطلّت من مخبئها، لا يزال الضّوء مشرّباً بالغبش، والحصّادون ماضون في مهمتهم، يعرّون مفاتن الأرض، يرفعون ثوبها الوثير شيئاً فشيئا، حاسرين طيّاتهِ عن جسدها الحي! بعد قليل سيشتدّ القيظ ، وتُجلّي الزرقة وجه السّماء، باسطة لهم حضن الأفق وكأنّهُ وعدٌ بالوصول، إلى نهايةٍ لهذا...
تسلل الفجر رويدا وتنفس الصبح متنهدا. وارتفعت الشمس متثاقلة تخلع عن الدنيا ثوب ليل ممزق شوقا وهما ودمعا وأملا. موج الحياة في المدينة انطلق. بشر وطير وحجر. اقتحمت الشمس قلب السماء. والتفت أحدهم يخلع الرداء. وتسمر بصراخ يتعالى: "أين ظلي؟" تفقد الجميع ظلالهم، فما وجدوا لها أي أثر. وقفوا تحت الشمس...
لم أكن أعرف وقتها ما معنى أن تفقد أحدا أو أن تشعر بغياب أحد حدّ الفراغ القاتل. كان النبض ينخفض قليلا فيعود طبيعيا، ذلك الخيط الرفيع الذي يسري متعرجا ومتموجا، كنت أصلي لله ألاّ يستقيم أبدا. إلهي، ماذا لو استقام الآن؟ أسميتها "رفال"؛ أول اسم خطر ببالي حين سألتني الممرضة ماذا ستطلقين كاسم على...
ما أن ضغطت على جرس الباب الخشبي الضخم العتيق حتى هرول لفتحه واستقبالي ثلاثة صبية بكل ما يحملون من براءة الطفولة ومن كنوزها المخبوءة فيهم. فتحت ذراعي على مصراعيهما، انحنيت قليلا وأخذتهم ثلاثتهم في حضن واحد وأمعنت فيهم تقبيلا بكل ما يكنه لهم قلبي من حب وشغف. إنهم أبناء أخي أحمد. دون شعور مني ولا...
حين أتت السيدة المحسنة التي تنتمي لجمعية رعاية الأطفال لزيارتنا سألتنا، كما يفعل الجميع، لماذا ننجب كل هذا العدد من الأطفال، فانبرت زوجتي التي كانت تشعر بانقباض في ذلك اليوم لتعلن صراحة ودونما مواربة: "لو كانت لدينا الإمكانيات لذهبنا إلى السينما في المساء. وبما أننا لا نملك النقود، فإننا نأوي...
ظهراً كان الوقت ، ومن الباحة الخارجية لمقهى " ديلا بايكس " كنتٌ أتخذٌ مجلساً ، أتابع حركة الحياة الباريسية بأبهتها ، ورثاثتها ، مندهشاً بتأثير ما تناولت من شراب لرؤية المشاهد الغريبة للكبرياء ، والفقر علىَ السواء يمرّان من أمامي عندما سمعت من يناديني باسمي .. استدرت ! فإذا بي أشاهد السيد " ما...
صبية ثلاثة يمشون على طول الشاطىء جنباً إلى جنب ويمسكون بأيدي بعضهم البعض. طولهم متقارب وأعمارهم أيضاً متقاربة في حوالي الثانية عشرة، لكن مع ذلك يبدو الذي في الوسط أقصر من الاثنين الآخرين. باستثناء هؤلاء الصبية الثلاثة فالشاطىء الطويل فارغ، يمتد فيه شريط الرمل العريض بوضوح على مد النظر، يخلو من...
بعد أن تأملت اللوحة تغيرت ملامحها، التفتت إليه وقالت مُحتدة : ـ لماذا ترسم المرأة جسداً من غير رأس؟ ملأت الابتسامة وجهه لكنه لم يرد، فأردفت: ـ هل هذا يعني بأنك تؤمن أن النساء من دون عقل؟ كتم ضحكة كادت تفر من بين شفتيه، وتشاغل بإشعال سيجارة، نفث الدخان بعيداً عن وجهها الغاضب ثم قال بهدوء : ـ...
وصلتني رسالة في البريد الإلكتروني من طرف أخي عبد الله، يدعوني فيها للانضمام إليه في تلك القرية السويسرية التي يدعوها "الجنّة". لكنّي لستُ أدري ما أُجيب. تركتُ الرسالة جانبا ورُحتُ أكتُب في مُدوّنتي على الإنترنت. إنّها نافذتي الوحيدة على العالم. أنا هنا حرّ طليق، أفعل ما أشاء. أمّا الواقع فسجن...
عادت للبيت، وهى فى قمة السعادة، فقد أُهدِى لها قفص به عصفوران غاية في الجمال .. حلم كان يراودها منذ طفولتها، ولكن حالت الظروف دون تحقيقه .. واليوم تحقق .. اهتمت أن تقرأ عن كيفية مراعاة العصافير، و تغذيتهم، واشترت كل ما يحتاجانه .. وضعتهما بمكان مناسب، حسبما قرأت .. مرت عدة أيام، وهى سعيدة...
لم يصدق الجالسُ في غرفته وحيداً،أن الوقت مرَّ من أمامه من دون أن يفعل شيئاً أو يحرك ساكناً. حين لم يتبقَ إلا ليلة وحيدة تفصل بينه وبين الموت، ذالك المخلوق الداكن المخيف، الذي تهابه الكائنات، وتكره لقاءه الأرواح. تساءل وهو يحك خدَه برفق عن شيئين يلحّان عليه،الشيء الأول موعد مهم يتكرر عليه كل...
أعلى