قصة قصيرة

فجأة أجد نفسي ضحية.. ضحية أحلامي.. وأوهامي.. وهروبي المستمر إلى قواقع الصمت.. وفجوات النسيان.. أستفيق ذات صباح مشمس – على غير عادته في شهر كانون الثاني – فلا أجدك.. هل كنت قاسيا.. وأنانيا .. ومغرورا .. فحطمت كل شيء.. أم كنت واقعيا أكثر من اللزوم.. هل كنت أفر من المستحيل.. أم رغب فيه؟؟ماذا كان...
لمّا تمكّن الشّتاء من الأيّام، كانت خيمة ناصعة السّواد تنتصب على ذروة الصّقيع من الحيّ الجبليّ الكابي، وعُقرَها قبع زوجان لم يمض على زواجهما غير بضعة أيّام وحَبْل الصّمت الممدود بينهما يرتخي ويشتدّ. كان منصور يَسُوم أحلام العودة إلى البيت الكبير بعد أن لم يبق من الغنم ما يرعى ، بينما اِلْتفعت...
للجزيرة الصغيرة خط ساحلي من صخور مرتفعة ، و عليه تنمو أعشاب قصيرة و غزيرة ، و هي البساط الأخضر الذي يعيش على مياه البحر. إنها جزيرة صغيرة قريبة من الشاطئ و مهجورة و لا تلقى عناية مناسبة من الفلاحين : و بمقدورك في غضون نصف ساعة أن تدور في كل أرجائها بقارب يعمل بالمجاذيف ، أو بطوف مطاطي مثل ذلك...
سكونٌ استحوذ على المكان بسطوة لا تُقاوم، مثير لشهوة تساؤلات، تبدأ، وتبتعد مسافات لتلامس حوّاف الكون، تشتهي النهاية لتصل إلى جواب شافٍ، فما إن ينتهي سؤال حتى يزاحمه الآخر على احتلال الصدارة في نفس صاحبه. الصرصور جادٌّ بعمله هذه المرّة، كتلة عظيمة الحجم إذا ما قورنت مع حجمه الأضأل منها، صارت ككرة...
كلماتٌ على جبينِ البؤس بالقرب من ميناء يرصّع ساحلا جزائريا كجوهرة في جيدِ غادة، يقف شابّ يهوى البحر، يتأمّل وهو يرنو إلى العيش خارج إفريقيا. في جبهته يقدح الحماس، يتطاير الشرر، تشتعل نفسه بالحياة، ويبدو من عينيه المتوقّدتين بأنّه لن يستسلم حتّى ينال ما يريد. على جنبات شارع طويل فوضوي الملامح...
كان يراها ويشتمها في كل أنواع الفاكهة ويذهب خياله بعيدا إذا ما رأى في الأطباق المفضضة أو المذهبة أو على الأشجار المخضرة المزهرة رمانة أو كرزة أو حبة من الفراولة الناضجة أو العنب الأحمر .. كانت فاكهة في جسدها وتلون لباسها بلون قشور البرتقال والليمون والزيتون والبطيخ ..في المساءات المملة حين...
1 هذه المرة استأجر ملحقاً في حي (أبو رمانة) الراقي، ولو أنه عموماً لم يكن يخرج عن دائرة مركز دمشق، فمن حي الشعلان إلى الطلياني، ومن شارع العابد إلى الجسر الأبيض، كانت مملكة هردبشت تئن تحت وطأة وجوده اليومي أو غيابه المفاجئ. كنا نأخذ ركناً لنا، مطلاً على الشارع في المقهى البرازيلي في فندق الشام،...
كان التيه والقلق والحزن الدامي.. كانت الحيرة والبحث المضني واللاجدوى.. كما تجمعنا على مائدة الانتظار .. ! نلتقي في الساحات وامام ابواب الوزارات، وعند المسؤولين، وعند ابواب السجون والمستشفيات ..كانت الأوقات.. كل الأوقات تضج بأوجاعنا ونداءاتنا وحسراتنا.. كانت الرياح تأخذ بأوراقنا ومستمسكاتنا وصور...
أضحت أفكاري ميتة كالكلمات ، بينما هذه الطبقة مختلفة عني .. يقول أحد علماء الفلك : إن الكون المادي يبدو بصورة ما كأنه يمرّ كحكاية تُحكي ، تنحل في العّدّم كرؤيا ، ويبدو إن هذا هو الشعور العام الكامن تحت سلّة العلم الفارغة .. وهكذا كان هنري ميللر يؤكد . بان التعلم ما هو إلا سلّة خبز فارغة ! أنا...
خيول آهاته تصهل مع كل ترنيمة فجر جديد ،لعله يحظى برؤيتها في أعماقه يباب مجدب وفي مشاعره ثورة لايهدأ عابثيها. أمواج تنهداته تملأ الأكوان بحثاً عن وسيلة ،تساقطت أوراق الشوق في بئر حرمانه، مرافئ حبه غادرتها شطأن اللقاء الغائر في ندبة المجرات البعيدة كتب رسائل حب مغمسة بدم قلبه الموجوع ،عند الصباح...
بعد رحلة صيدٍ مرهقة، التففنا حول الطاولة البيضاوية، أسند الرّجل السمين ذو النظارات السميكة بندقيّته إلى جانب الكرسي الّذي يجلس عليه، هل كان يُصوّب نظراته إليّ، أم خيّل إلي ذلك، من الصّعب أن تحكم، في حالة الرّجال السّمان الّذين يضعون نظّارت سميكة... طلب التعجيل في إحضار النبيذ، قبل تناول الطعام،...
أطرق باب البيت كالعادة وأظل وراءه منتظرا لوهلة خالتي فطوم كي تفتحه على وجهي. كم كنت أستعجل اللحظة، وأنا أدرك بأنني كلما حضرت إلى بيتها إلا وقمت بزيارة أُنس وألفة لخمِّ الطيور، كان يوجد فوق سطوح البيت، تعج بداخله طيور كثيرة ومختلفة. كان الخمِّ يحوي أنواعا من طيور تجمعت داخله، ديك رومي وبط...
الداخل إلى تلك المدينة الفوسفاطية من جهتها الشمالية لا بد أن تنعرج به الطريق إلى وسط غابة كثيقة من أشجار العرعار على اليسار وأشجارالأوكالبتوس على اليمين. في ذلك الزمن الجميل من أوائل سبعينات القرن الماضي، لم يكن قد زحف الإسمنت إلى الغابة بعد، اللهم مؤسسة تعليمية إعدادية واحدة، وصفّ طويل من...
حينما تدخل هذا الشارع، وترى مقاهي الكلمة مصطفة على جانبيه، على طول امتداده، ينتابك لا شك إحساس جميل يرفعك بعيدا عن واقعك. بل، قد تقودك قدماك لا شعوريا لتزاحم جموع الرواد. ترتشف معهم كأسا من الحرف الذي تعشقه أو ستتورط في عشقه كما حدث مع الكثير من هؤلاء الذين تراهم يتدفقون على المكان. هذا الصباح،...
أجلس قرب مدخل الغرفة أرقب ضوء النهار، وشعاع الشمس يتسلق أطراف ثوبي المقلم باللون الأخضر الباهت، حتى يغمر زاويتي الجدار الشاهق المقابل لغرفتي الأسرة التي سكنت معنا داخل البيت. في الأتجاه الآخر لباب الدخول التي يطوقها عقد من الطابوق المرتب كأنحناءة هلال متداعية، يجلس الكهل بائع السجائر وحب الرقي،...
أعلى