سرد

أحياناً في الليالي حين تكون الأم تبكي في الغرفة، ولا أصوات إلا وقع خطوات غريبة تسمع على الدرج، فإن" أوكي" لديه لعبة يلعبها، تسليه عن بكائه. يلعب على أنه غير مرئي و أن بإمكانه التواجد في المكان الذي يريد بمجرد التفكير فيه. في تلك الليالي كان هناك مكان واحد يرغب "أوكي" التواجد فيه، و فجأة يجد نفسه...
لا يمكنك ان تلتقي بذي لسان عذب كهذا العجوز ؛ كانت عيناه رماديتين بنقطتين من المياه البيضاء وأنفه مقوس كظهره ، لديه شعيرات بيضاء خفيفة فوق صلعته المكرمشة. لقد أوقف سيارته ليقل عشرينية تنتظر زبونها في الشارع ، وكان على برغوث أن يحشر أنفه فاقتحم السيارة وجلس في المقعد الامامي مناديا الفتاة التي لم...
اعترف أني لا اعلم هل مقولة "لا دخان بلا نار" صحيحة؟ من ناحية علمية حصل تقدما هائلا في العلوم والتكنولوجيا منذ قيل المثل المذكور. ليس سرا مثلا ان هناك قنابل دخانية بلا نار، فهل يعتقد البعض ان الدخان بلا نار هو اعجوبة لم يقم بها حتى الساحر البارع هوديني؟ او انها قنبلة لتفريق التجمهرات غير...
انسل وحيدا تحت مطرٍ خفيفٍ لم يزل يتساقط منذ بكرة الصباح. خاض لاهثاً في وحل ممرٍ جبلي يصعد إلى مقبرةٍ مهجورة. كان مشتت الذهن لا يفكر بشيء محدد. ضايقته كتل الطين اللزجة التي تثّقل حذاءه. وجده كما جرى الأتفاق معهم. حطوه في باطن الغروب الماطر تحت شجرة لوز شاهقة ملفوفاُ ببطانية مبتلةٍ وملوثةٍ بالوحل...
الطرقات الخالية في الليالي الشتوية المطيرة ليست مُعَدّة للسير وحيدًا، عيناي لم تألفها بعد في تلك الصورة، المباني الشاهقة وواجهات المحال التجارية تنتصب على جانب، والبحر قابع في الجانب الآخر بهديره الذي لا ينقطع وكأنه يغط في نومٍ عميق، وقطرات المطر تبلل الطريق فتنطبع على صفحته انعكاسات الأضواء...
الثانية عشرة بعد منتصفِ الليل: تقدّمَت بخطواتٍ متوجّسة، وهي تَجر حقيبتَها وحيدةً خارج محطة مترو (باراخاس) المحاذية لمطار مدريد، هنالك مشكلةٌ ما في إشارةِ تحديد المواقع GPS بهاتفِها، لذا عليها أن تتّبع الطّرقَ القديمةَ لكي تصل إلى تافندق بشارعِ (أفييندا خنرال) والّذي يقعُ بالقربِ من محطة المترو...
بعدَ أن أغلقتُ باب الحمّام عليَّ خلعتُ عني بيجامتي ورحتُ أتفحص جسدي جيدًا للتأكد من عدم إغفالي شيئًا ليلة البارحة. أخذتُ أفكر : ابتلى اللهُ الفتياتِ بشَعرٍ في أجسادهن إلا أنه أنعمَ عليهن بماء الورد المُريح من الألم… وقفتُ تحت الماء الساخن مستمتعة بانزلاقه فوق جسدي الأبيض البضّ، الناس لا يعرفون...
من على مقعده وراء الحاجز الخشبي، يطالع عبدالله الناس بانتباه، مؤملا أن يلحظ الأفاق الذي سرق ماله. لقد أعطاه جل ما يملك، ولولا مساعدة زوجه، لما تمكن من فتح هذا الاستوديو صغير الحجم، يعتاش منه وأسرته. ورغم أن كثيرين استسلموا لليأس، بعد انتظار طويل، مازال عبدالله يعيش على أمل استرجاع ماله، ويحلم...
حينما رأيت شجرة توت في شيكاغو، لم أفرح حسب بل كما يقال عندنا في العراق “كدت أطير فرحاً”، بالرّغم من علمي ألّا أحد طار سواء أكان فرِحاً أم مغموماً. المهمّ أنّني أسرعت نحوها. وقفت تحتها، رفعت يدي باتجاه أغصانها المتدليّة التي أثقلها حملها بثمراتها الشّهيّة. كان التوّت السّاقط منها كمّاً كبيراً،...
شاء القدر أن تزل على قيد الحياة، بعد نجاتها من حاث مروع على الطريق الصحراوى، مات زوجها فى الحادث الأليم، أما هى فكانت اصابتها خفيفية مع كدمات فى الرأس، أسعفتها نجدة الطريق وأدخلتها المستشفى القريبة من المكان، وقامت بإجراء عملية بسيطة حتى كُتب لها النجاة. خرجت بعد أيام قلائل من المستشفى، فوجدت...
وبكل ما أوتيت من قوة قفزت فى جوف البرميل البلاستيكى الكبير ، وانكمشت فى الظلمة التى يعلوها قبة من الضوء ، خائفاً .. مرتعشاً . كان واحداً من عدة براميل كبيرة ومتجاورة بلون أزرق قاتم ، مصطفة دونما انتظام بجوار حائط رطب . ولحظة اندفاعى تجاهه استطعت أن ألمح قليل من النفايات المنزلية تنتشر حوله ...
أعرف أنني سأموت منزوياً في طريق عام، هناك بجوار قاعدة أسمنتية لكوبري علوي. سوف يكون الشارع خاليًا من المارة تقريبًا، غير أنني أرى بوضوح الكلب مبتور الساق الذي حدق بي. سوف يتأمل المشهد طويلاً، دون أن يفهم لماذا يموت البشر هكذا في الشوارع!! أستطيع الآن أن أشم رائحة اليوريا وهي تخرج من أعضاء...
وضعْتَ حقائِـبكَ المتعبةَ على مصطبةِ المدخلِ، تنفسْتَ الصعداءَ، خفتَ لهاثُك قليلاً نظرْتَ إلى الأفقِ الرَّماديّ وراءَ سهولِ "ملامرس"(1) حيثُ كلُّ شيءٍ يتلاشَى هناك. فتوغّلتِ المسافاتُ في داخلِك. لم يتغيرْ شيءٌ في هذه القريةِ منذُ رحيلِكَ، فهي تستظلُّ بأشجارِ الحورِ والتُّوِت وتتكئُ على تلةٍ...
“ الثالثة صباحاً.. ليل إبريل العذب يأتي عبر النافذة، تداعب نجومه عيني.. أنا لا أستطيع النوم.. أنا سعيد جداً. يغامرني شعور غريب، شعور غير مفهوم، من رأسي لقدمي.. لا أستطيع وصفه الآن.. لا أمتلك الوقت لهذا.. أنا كسول جداً. لماذا يجب على المرء أن يشرح مشاعره حين يطير من برج مثلاً أو حين يعلم للتو...
كان كل واحد في الصالون الأنيق يقول .. أنا .. أنا .. أنا .. الجراح الكبير ينفث الدخان من سيجار مدلى من فمه كأنه مدخنه وابور طحين .. و يلتفت حوله في زهو .. و يلقي الحديث على أصحابه في كلمات مرصوصة منمقة .. - أنا .. أنا .. أنا لما كنت في مستشفى هيدلبرج في ألمانيا .. عملت العملية دي لوحدي و من غير...
أعلى