سرد

يشرب الشاي في المقهى الذي يحتشد بالذين يعيشون على الهامش؛ يتصفح جريدة الصباح؛ لاجديد فيها؛ كاد أن يحفظ سطورها؛ لايمل من قراءة الإعلانات المبوبة لعل وعسى يجد وظيفة خالية؛ يحدق بعينيه في المارين؛ أمواج تغدو وتروح في شوارع مدينة لاتنام؛ امرأة تحمل أرغفة الخبز وتهرول كأن قطارا يوشك أن يفوتها؛ فناة...
إستقبله سكرتير العيادة بالحفاوة المعهودة. تبادل معه بعض عبارات المجاملة ونقده قيمة الكشف والبقشيش المعتاد. "ستدخل بعدهما فوراً". قال السكرتير ذلك وهو يشير لرجل وشاب يجلسان متجاورين في ركن بهو الانتظار. لم يكن هناك غيرهما فاطمئن أنه لن ينتظر طويلاً. إتجه لأحد المقاعد الوثيرة المواجهة للنافذة...
ألجأتني الحاجة إلى المرحاض ليلا-أعتذر إليكم؛ فأنا بهذا الكلام أجرح ذوقكم العام؛ حاولت ألا أخبركم بتلك الحادثة التي عرضت لي، كان لابد لي من ذكرها؛ فأنا مصاب بخرف الحكي مما يجعلني أتكلم كثيرا، ربما في المستقبل يجد الأطباء علاجا لتلك الحالة؛ لكنهم الآن منشغلون في علاج فيروس كورونا القادم من بلاد...
شاهدوه يخرج فجرًا من داره في حارة برجوان، غادر مسجد السلطان حسن، يسوق بغلته محمَّلة بكومة من الكتب، استوقفوه عند باب زويلة.. استجوبه متولي الحسبة، أمَرهم بتفتيش متاعه، تحسسوا جيوب جلبابه ومعطفه، شخط فيهم: ـــ أغبياء! .. أريد كتبه لا ماله. رمقوه بدهشة: ــ أكوام من الورق لا فائدة منها، إلا إذا...
نادتني موظفة البنك بعد ساعة من حضوري لأستلم المال الذي ما أن رأيته حتى غمرني شعور لم أعرف كيف أصفه .. لم تصدق عيناي ما تراه من رزم النقود بألوانها المبهرة .. لكن بعد لحظات أحسست بالأمان وكأني كنت أسير على الرمال فصرت راسخة على أرض صلبة ممتدة بلا نهاية. خرجت من باب البنك احتضن الحقيبة بكلتا يدي...
تكدر الحاكم من شعبه الذي لا يعرف الابتسام، تضايق من ملامح الناس المكفهرة، والوجوه العابسة.. طلب جلب الوزراء، والعلماء، والحكماء، أبدى لهم انزعاجه، تطوع أحد العلماء بفكرة سطعت في رأسه. قال: – لا تقلق يا مولانا، بإمكاننا تصنيع أحزمة تجعل الناس تبتسم، تموت من الضحك . هدأ الحاكم ،انبسطت أساريره ،...
لا يتأخّر دقيقةً عن المَوعدِ الذي يضربه لنفسهِ مُتَنفس كُلّ صباح، فما إن تَنثر الشّمس خيطها تمشي مشيتها الوئيدة في أخَاديدِ الأرض ، حتّى ينَساب صَوتهُ يَسيلُ في الدّروبِ كما يسيلُ رضاب النَّدى من فوقِ أطرافِ الأشجار :" الكرات العريض النعناع البلدي "، " عبدالشافي " هذا اسمه وكفى ، أمّا بلده فلا...
مع العصر، حيث تبدل السماء جلدها الأزرق لترتدي حلة الشفق الناري، تقلل العصافير الخفية زقزقتها. شوارع الأسفلت الممتدة من الشمال إلى الجنوب بلا نهاية تهمد كلسان بحري خنقته يابسة الجزر، يصبح المناخ ملتقى الموت والحياة. أغلب مشاكل النهار تكون قد بلغت نهايتها أو تأجل حلها إلى الغد، لتبدأ مشاكل الليل...
جسد لا شبيه له، جئت إلى هذا العالم بعين واحدة؛ تلك إرادة الله، تخيلوا حين راجعت الطبيب في مرة سابقة- ولم أحاول بعد ذلك؛ تخشب جسدي- أخبرني أن العين الثانية مغطاة بنتوء عظمي ومن يومها ولم تعد بي حاجة إلى هذه الكتل من لحم وعظم؛ ﻻ تبين لي ملامح محددة، أشبه بكرة يتقاذفها الصبيان في حارة تسكنها أسراب...
في المدينة العتيقة تشخص عيون عسس في وجوه المارين، مكلفون بتفحص الإبل؛ يترصدون ألسنة الشعراء الذين تتخفى مفرداتهم في بخور عتيق يتماوج عطره عند أم المساكين حيث آخر أثر لموسى الذي يسري الحلم به في الخروج الكبير، حدث ما يتوقعه القوم؛ حين تتشابك خيوط الليل يترقبون هلال القمر، لا يحركون غير تلك...
أخرج من جهة عملي ، مثقلة بساقىَّ المتورمتين، فقد ظللتُ فترة طويلة ، في وضع قائم، يُحَوِّمُ حول رأسي ، كروان يصدح بصوته الشجيِّ ، يجوب السماءَ ، وفضَاءً لايضيق به، غير مثقلٍ بهمٍّ وكأن العالم خلق من أجله، رهن إشارته ، وتشريحيًّا يحمل داخله حويصلة هوائية ، ليصبح وزنه وزنه خفيفًا، تدعمه في الحركة...
قرر خليل السالم أن يغادر هذه البلاد التي أحبها حُبًا جمّا، وتَوَلَّهَ في خضرة جبالها وأوديتها، وصفاء بحرها، ودفء رمال شواطئها. حيث كان يمضي صيفه مثل نورس بحري بين رمال الشاطئ وزبد الماء متنقلا بين منتجعات (قصر الصنوبر) و(زرالده) و(سيدي فرج) . لم يختر لمغادرته أقصر الطرق المؤدية نحو الشرق، بل...
لم أعرف كيف جئت إلى هنا ؟ أو متى ؟ لم أحضر وحدي، أربعة من أصدقائي كانوا يتساءلون مثلي عندما التقينا في هذا المكان . غموض يحيط بنا، أعداد غفيرة من البشر جاءوا، ثمة مدخل مخصص للنساء على مسافة من صفّنا نحن الرجال، حرّاس يقفون عند البوابة، يفتشون العابرين بدقة، اقتربت منهم، رهبة مخيفة ، يمررون...
هذا أوان التفرح بما كان من شأنها؛ تتساءلون وما حديثها ؟ هذه حكاية لم تدونها الكتب الصفراء في بطونها إذ تركوها للعجائز يتندرن بها ليالي الشتاء الطويلة حيث الريح تلطم خدود البيوت. المترفون في المدينة يسرقون منا الأحلام والواقع، لم يعد لنا ما نعيش عليه، حجزوا لأنفسهم ولصغارهم كل شيئ، تلك كانت...
بين حانات الخمارة يروج بضاعة خمر الحديث المنتهي صلاحيته بسعر رخيص صائحا... اشتروه بثمن بخس انسوا سكرتكم الاولى، إنها بضاعة ليست محلية، اللسان فيها لا ينضب ولا يتوقف عن السب والشتم والتحليل السياسي أو التحليل البولي هههههههههههه إنه ميد إن نون كونتري نير باي، تعالوا يا حثالة الزمن البعيد والقريب،...
أعلى