كانت تجلس هناك بعيداً في الحديقة الكبيرة ,المليئة بالأشجار الكثيرة الجميلة غير المثمرة و كذلك أشجار الزينة , هي أشجار منتظمة في صفوف طولية و عريضة و أخرى دائرية مشذبة بعناية فائقة , يتخللها أحوض من الزهور لكل حوض فيه نوعه الخاص به من الزهور , التي كانت تتفتح بأنتظام و تنشر رائحتها بأنتظام...
ارتطمت مقدمة سيارتي بالمصباح الخلفي للسيارة التي تتقدمها. توقف الرتل الطويل كله
همستُ بغيظ :
-" اللعنة!
هل من الضروري أن تتحرك كل سيارات أفراد العائلة لمجرد الذهاب إلى حفلة عرس
كان يمكن أن نذهب بسيارتين فقط ."
ارتجت السيارة وارتج معها جسدي وارتدّ رأسي إلى الوراء بعنف ، قلت بحنق:
-" كادت رقبتي...
لم يخبُ ضوءُ عينيها العسليّتين بعدَ وفاةِ زوجها الأول في حضنِها في شهر العسل ، لم يخبُ هذا الضوءُ بعد موتِ زوجها الثاني مطعونًا بالسّكين إثرَ مشاجرةٍ اشتعلت في السوق بسبب كلمات الغزل التي قيلت في عينيها من هنا ، من هناك .
ما زالت " فايزة " كما هي ، عينان عسليَّتان واسعتان ضاحكتان...
اسمع صوتها وهي تنادي علي بلهفة : -
- روحي شوفي ... اركضي ...!!!
أركض ، أعرف طريقي جيداً ، افتش عنه ، صوت الجرس دليلي اليه ، أصل الى ساحة الحرش في الحارة الشرقية في مدينة الناصرة، ساحة واسعة سميت بالحرش لأنها كانت سابقاً جزءاً من حرش اشجار صنوبر وسرو ، الساحة بعيدة عن بيتنا ، وعلي ان اصلها...
1.
كَتبَ جُمْلةً غامِضَةً على الهواءِ عن الحنينِ إلى حُبٍّ عتيقٍ ومضى في طريقه يصهرُ حلماً أصابهُ عطبٌ في الشكل وجَرَّحَتْ التجاربُ رُوْحَهُ كذلك، إثر انتحارٍ مجازيٍّ غَلَّفَهُ بقماشٍ واقعيٍّ في سياقٍ رديءٍ لم تصُنْ تهاويه يدٌ عارفة. الكلُّ اختارَ الفُرجةَ والتَّرقُّبَ، حتّى الله تركَهُ وحيداً...
ليلتنا المرتقبة في حرم الجمال انتظر قدومها مراقبا عقارب الساعة منذ صبيحة هذا اليوم البهي، اشتريت لها زينة أعياد الميلاد، جمعت ألوانها كما لبستاني يجمع وردات الربيع وقت تفتحها؛ كي يهديها لحبيبته في عيدها، سابقت خطواتي عقرب الثواني بل كانت كل دقة تلغدني في صميم قلبي، ليته ينتهي من تسلحفه وتعالي...
بنيتي لما تصرخي دائما، في جوف الطفل المستكين؟!
بنيتي لما أراك دائما، والحزن قاتم
قابع فوق الجبين، هل هو فراق، وبين علي طول الدرب السحيق، أم هو سراب على البعد جد عميق؟!
***
تسألني ابنتي في حيرة :
من هم أكثر الناس قربا إلى قلبك ؟!
ولما ذكرت لها، من أعتز كثيرا بوجودهم في حياتي....
قالت لي في جدية...
أشباحٌ تطاردني، تحالفت مع سياطٍ من زخّات المطر، تُلهب ظهري، ووجه جواد مهشّماً، وجمله مبعثرةً، هي الأخرى تلاحقني، توصلني إلى الجحيم، وبيتنا هو أيضاً تآمر ضدّي، أين هو؟ المسافة إليه تزداد اتّساعاً وكأنني أركض في اتجاهٍ معاكس.
" جواد، هذا الولد المشاكس أمانةً بين يديك"، قالت أمّي وهي تضع شيئاً في...
* هدية خاصة لــ نقوس المهدي
خضراء منطقة ريفيّة نائية جدا. تتالت عليها سنوات الخصب فطابت بها الحياة، وابتسمت لأبنائها فتزاوجوا وتكاثروا وبأرضها تشبثوا، يعطونها الحب، تعطيهم النسل. ابن وحيد من أبنائها فر منها منذ الصّغر يلاحق حلقات العلم وازدهار الحياة في المدن المتقدمة حتى عاد إليها طبيبا في...
ألفوه مهتزا ، مضطربا!!
احتاروا في أمره....
هبوا لمساعدته، إلا أنه كان يزداد جبنا يوما بعد يوم، حتي تفاقمت حالته، وأمسي يخشى حتى من انعكاس ظل صورته في مياه بحيرتهم المقدسة!!
حاولوا معه كثيرا !!
وباءت كل مسعاهم بالفشل.
أسرعوا به إلى كبير حكمائهم، تفحصه بروية ،أمرهم بالمكوث خارج داره ، حتى ينفرد به...
(1)
لا بدّ أن أحداث ذلك النهار ابتدأت هكذا: وسط لجة نوم ثقيل، انبثق صوت ناعم راح يزداد حدة وصخباً ليدفع أحمد إلى حافة الصحو؛ غمره رنين الجرس المتعاقب، حاثاً إياه على ارتداء سرواله وقميصه لا إرادياً، وحينما فتح الباب لم يخب حدسه: كان مراد أمامه، لكن المفاجأة التي شلّت الكلمات في فمه ظهور...
عاد أدراجه من حيث أتى ، بقلب عليل أعطبته كلمات المواددة و الخنوع ، و بجسد انغرست فيه مخالبها و أوجعته.
مدد ساقيه المدماتين من أشواك و أحراش المسافات على دَكَّة الحانة لكي يريح جسده و يجر نفساً .
قالت له صاحبة الحانة و هي تناوله إناء جعةٍ و رغيف خبز :
ـ إنك تبدو محطم الفؤاد . مكلوم الجراح ، كأنك...