قصة قصيرة

يسكنه الصقيع، يكاد يقرم اصابعه الصغيرة تلك التي يخرجها من كفوف جوراب قديم، فقد والديه في حادثة لا يتذكر كيف حصلت؟ تلقفته بعض أيدي الرحمة حيث تبنوه، بات صبيا طلبوا منه أن يكسب لقمته التي يأكلها معهم، إمرأة هرمة ورجل عجوز كسيح هما من سَكبا كأس الرحمة عندما وجداه على جانب من الطريق وقد غطته الثلوج...
المدينة تفتح المدينة ذراعيها و ساقيها للعابرين، يعبرون تاركين من أرواحهم شيئاً ما، لحظةً ما، و ماكثين فيها حتى النهاية، و يظل العابرون بلا نهاية و تظل المدينة في انتظار الفاتحين و العابرين و أصحاب التجارب الناقصة، يدخلونها ليكتملوا، أو لتكونَ درجةً في سلم يصعدونه نحو الكشف أو الاكتمال، لم يكن...
على غير العادة، قررت اليوم أن أتوجه إلى اللقاء الذي لم أخلفه أبدا، بجلباب أبيض، وقميص من اللون نفسه، ببلغة صفراء، وطربوش أحمر، بعد أن حلقت لجيتي وتعطرت بماء الورد، لم أسمح للمسرحية أن تلهيني؛ صحيح أنها ممتعة ومثيرة لملكات التفكير والنقد، سأخرج لأصل في الموعد قرب علامة قف التي ظلت صامدة رغم كر...
للقلب عين واحدة، تطل على الأدغال وتتفرج على صراع الوحوش.. تصفق صمامتاه للغالب وتحتقر المغلوب، تتسع الحلبة لتتجاوز كل المسافات المفترضة، الجمهور عين ترقب النعش المنهار، تسايره إلى مرقده الأبدي والوحوش تتعبد تزلفا لخالقها وتقاتل مخلوقاته، تفتك ببعضها في نشوة المنتصر في الحرب.. وأنا.. أبو محايدا ما...
أقبل مكفهر الوجه شارد النظرات، وسلسلة آهاته ملتحمة الحلقات.. - تفضل اجلس. - سيري قبح الله سعيك.. - أتشرب قهوة أم شيئا آخر؟ - لعنة الله عليها.. - أتلعن القهوة؟ - ألعن بنت الكلب عديمة الحياء.. - هل لي أن أعرف سر هذا التجهم و.. - ليس هناك ما يسر الخاطر، تفو عليها وعليه.. - هل لي أن أعرف على من ستحل...
على حين غرة حط العشرات من طائر الفلامنكو على تلك البقعة الصغيرة التي يحيط بها الماء من كل جانب بعد أن أنهكتها الهجرة، على غير عادة الطيور لم يسبق لها ان وطئت مثل هذا المكان، لعل بوصلة الزمن قد أدارت خط سيرها كما فعلت به وقد شاركته البراغيث والبق مسيرة حياته، كونه كان بحكم البيئة والفقر معارضا...
فى ركن صغير مظلم فى تجويف مصمت تنساب مشاعر متوهجه تنفجر شرايين الحب داخلها .. تنزوى تلك الأحاسيس وتلملم نفسها فى وضع القرفصاء وتصبح مدفونه فى مكان سحيق بلا قرار . لا يتطلع عليها أحد !! تلمح نفسها هجوم بصرى وكلمات رقراقه من أناس آخريين.. فمنهم من أحبها بعقله ومنهم من فاض حبه بين يديها لم تتمالك...
أضنيتنى بالهجر ما أظلمك = فارحم عسى الرحمن أن يرحمك مولاى حكمتك فى مهجتى = فارفق بها يفديك من حكمك ما كان أحلى قبلات الهوى = إن كنت لا تذكر فاسأل فمك تمر بى كأننى لم أكن = ثغرك أو صدرك أو معصمك لو مر سيف بيننا لم نكن = نعلم هل أجرى دمى أم دمك يا بدر إن واصلتنى بالجفا = ومت فى شرخ الصبا مغرمك قل...
حبيبتى تعشق العصافير.. دائمة التطلع لها على الأشجار، وداخل الفترينات، تجمع صورها من الكتب والمجلات تقصها بحرص وتلصقها بحيطان غرفتها زرقاء الطلاء، عصافيرها صغيرة وملونة، وأيضا يمام بنى، وحمام أبيض . تبدل طريق عودتنا للبيت.. حتى تمر من أمام محل بعينه داخل ممر جانبى، تسحب كفها من كفى، وهى تقول لى...
ناداني من خلف ساتر ضخم، يفصلني عن ميناء عتيق توقفتُ عنده كثيراً، على صوت بحر حسبته في بلادي. تأملتُ ملامحه المألوفة؛ وجهه الأبيض الذائب في حمرة وعينيه الزرقاوين وخصلات شعره التي غطَّاها المشيب. تلك الملامح التي كنت قد تركته عليها منذ آخر لقاء جمعني به في الزمالك. كان الغمام قد حطَّ على أرضية...
قبل ست سنوات كان الكاتب"العابر" قاعدًا على كرسي مفرد مرتفع إلى جوار النافذة في حافلة صفراء صغيرة، يقوم برحلة بين مدينتيْن في الغرب الأوسط الأمريكي، كانت الحافلة تطوي الإسفلت تحتها ببطء، والطريق طويل، يبدو للكاتب أن لا نهاية له. على جانبي الطريق حقول ذرة صفراء شاسعة، لا ترتفع فيها شجرة، أو نبتة...
في قصة الكاتبة الأديبة، بورابي باسو، عالم المرأة تفاصيل ومنمنمات ودواخل وهموم وتقلّبات لا يعرفها الرجل، وخاصة لو كانت هذه المرأة من بلد ضعيف مثل بنجلاديش. وقد تصحو المرأة فيعنّ لها فجأة ألا تطبخ، وهو إحساس لا يعرفه الرجل الكاتب، فأنّى له أن يحسّ بهذا وهو الرجل الذي يدّعي القوة والتفوّق والعزّة...
البيدر مطعون بالسيف.. الأشجار تتيممُ بالغبار.. الأغصان مسامير واقفة.. خراف الأمس الراكضة أضحت بذورًا منثورة.. الطيور الميتة أمست علامات عبور للرحل.. متى تلد الصخور مياه؟ متى يأكل السرو فاكهة ناضجة؟ متى يبني العصفور عشه وتفتح الصغار مناقيرها مناديةً أبويها بزقزقة مخنوقة؟ آه! منذ زمن لم أسمع...
شعر السيد نون أنه نورس عجوز نزل إلى الأرض ويقف أمام باب كبير ذا قوس وأسوار عالية، أحس بأنه قد رأى الأسوار والباب من قبل. تذكر وعرف أن الباب هو باب الحد، اقشعر جلده وارتعشت أطرافه، وقف شعر رأسه، تألم وصار كمن يحلم، يرى بعينين لا تعرفان ما يحدث، تريان رؤوسا مقطوعة ومعلقة فوق قوس الباب الكبير، رأسه...
سرد بلا كلام.. كانت الساعة تشير إلى الرابعة والربع صباحا، حينما نهضتُ مفزوعا من نومي - إنْ كان نوما - أتصببُ عرقا ، دائخا أسبحُ في آثار العالم الذي كنتُ فيه قبل قليل . رميتُ عني الغطاء بسرعة ثم مددتُ رجليَّ خارج السرير ،وقد صرتُ في وضعية الجالس على حافة الفراش.. وسط سكون تام و ضوء عمود النور...
أعلى