قصة قصيرة

على حافة الحلم كان الملتقى؛ لقاء لم يقترفه أحدهما عن سبق إصرار وترصد؛ وحده القدر يجيد رقن الحكايات وحَبْكَ المصائر، وقد يتوارى هناك باسما ينتشي؛ ليٌتِيحَ مجالا لبراءة الطفولة؛ عندما نحل أول يوم بالمدرسة، ونَجِدُنَا بين أربعة جدران وتحت سقف واحد؛ بين مخلوقات تشبهنا؛ وأرواحٌ نُصِبتْ عَرْضَ...
مع آخر لقمة استقبلتها معدته شبه الفارغة , قفزت الى ذهنه عبارة فوكنر : ( لو تجنب الكاتب الجوع والتشرد و وجد سقفاً يؤويه, فإنه لن يحتاج سوى قلم و ورق ليعمل)!!! وضع هذه العبارة في كفة وفي كفة اخرى عبارة ( المعاناة تولد الابداع) ثم اطرق برأسه لبرهة مفكرا ومحاولاً ما استطاع ان يرجح كفةً على اخرى...
صحيح أن بدور لم تكن تعدو عن كونها ابنة عمي، ولكنني مع ذلك كنت أحبها بقدر محبتي لوالدتي وهي كل ما أملك في الحياة. كيف أنسى تلك اللهفة التي كانت تلهب نفسي إلى رؤيتها ورؤية أبوي حين كنت أقوم بمهام وظيفتي الحكومية في (البصرة)؟ وعندما عدت إلى بلدتي لقضاء إجازتي السنوية. . رباه، كيف يغيب عن خيالي ذلك...
كنا أربعة. . تربطنا رابطة وثيقة من التآلف والانسجام، وتنبعث في نفوسنا رغبات متسقة، وآمال واحدة في الحياة. حتى يخيل إلينا أننا نؤلف كياناً مؤتلف الأركان في دنيا تنهار تحت معاول الانشقاق! وكنا نجتمع كلَّ أمسية في بيت واحد منا. . نخلو إلى أفكارنا بعيدين عن ضجة الواقع، وصخب العيش. . وكانت عقولنا...
خرجت إلى الطريق وفي رأسي معركة، ومشيت ومشيت، ولكنني كنت أمشي داخل نفسي، وطالت الطريق. . ترامت أمامي وامتدت. . ترامت كما يترامى الزمن ويمتد، وصعدت فيها وهبطت. وحين تطلعت بعيني لأرى ما بقى، رأيت أنه على مسافات. ومشيت ومشيت. وكان يخيل إلي أحيانا أنني لا أمشي، بل أسبح. وصلت، وقدامي تتخاذلان...
كان (رأفت بك) يغادر المحطة واضعا يديه في جيوب معطفه الصوفي الثمين وقد رفع ياقته حتى تلتف حول عنقه، فقد كان الجو شديد البرودةوالريح سريعة الهبوب. . وكان بين آن يلتفت خلفه يستعجل الحمال الذي يحمل حقيبته بكلمات مقتضبة. وكان الحمال أو بعبارة أدق الصبي الذي يحمل الحقيبة في الثامنة من عمره؛ وكان يعدو...
إنَّ نافذة في جلدي قد أشرعت. ظلت تبرق أملاً، وتتزود بشيء من ذلك الحب النابع من كون البؤس في ظروف واحدة واحداً رغم تغير المكان. نافذتي شفافة كالزجاج سرعان ما تتهشم بحجارة يطلقها طفل ما لأنه قد رام التخلص من سقمه بقذفه حجارة، ولا يعلم مكانها أحد حتى أنا، قد تكون المجهول! ذلك المجهول الذي يطل على...
حَسَـا شابٌ جميل، والجمال الذي في وجههِ جمالُ أنثى، والجمال الذي في جسده جمال ذكر، يعشق السباحة في نبع الخدود لحدّ الهَوَس، تراه في الصباح يسبح على ظهره وفي المساء يسبح على بطنه، وفي الليل يتقلب في السباحة من على جنبه الأيمن إلى جنبه الأيسر، وأحياناً يغفو نائماً على سطح الماء وسط إطار من المطاط...
لا أجدُ صعوبةَ في التَّعاطفِ مع المرضى و لكنَّ الجلوسَ في غرف الانتظار في المستشفيات ليس من أحبِّ هواياتي. و لهذا فأنا لم أجد صعوبةً في تركِ والدتي وحدها لمدةِ يومين في غرفة الإنعاش. و على عكسي تماماً فإنَّ أمي تعشق المستشفيات و تزورها أكثر من زيارتها قبر والدتها. و لم تكن في الحقيقةِ ممتنةً...
أكان ذلك بسمة ساخرة من تلك البسمات التي ترتسم على شفتي القدر حين ينظر إلى أحلام الناس!؟ أم كان ذلك لفتة بارعة من تلك اللفتات التي يهديها الزمن إلى أولئك الذين يأملون تحقيق السعادة في أرض لم يكن نصيبها سوى الشقاء! لست أدري يا صديقي. . . وسواء أكان هذا أم ذاك. . . فإن ذلك لن يغير من حوادث تلك...
- انظري إلى ذلك الحمال يا سعاد. . . أنه يتعقبنا على دراجته شأنه كل يوم قالت رفيقتي إحسان هذا وهي تشير إلى الحمال الذي اعتاد أن يستقبل أفواجنا كلما غادرنا المدرسة. فقلت في عدم اكتراث دون أن أحول إليه أنظاري: ما لنا وله؟! فنظرت إلى زاوية عينيها وانفرجت شفتاها عن ابتسامة ماكرة. فجأة اشتد ضجيج جرس...
خمسة عشرة سنة مرت وهو بعيد عن وطنه؛ يعاني آلام الغربة، ويكافح أعياء الحياة، ويتلمس الطريق إلىمستقبل جميل. خمسة عشرة سنة لقي فيها أشد العناء، وقاسا ضروباً من الفاقة والعسر وثقلت على عاتقه تكاليف العيش. . . واليوم يرجع إلىوطنه بعد الكفاح المضني، والفراق الطويل، وقد أمحى من عينيه إئتلاق الشباب،...
يهرب الزمن، كأنه الذئب يمرح في الفلوات، أو كأنه نعامة تغمس رأسها في الرمال، لا خوفا من خطر محدق، بل رغبة في مواراة الحقائق إلى الأبد، إنه يفعل هذا ليقول« إنني لم أكن». رأيت الزمن هاربا هذا الصباح في إهاب رجل مغبر، تتغضن التجاعيد في وجهه، ويغطي بياض الثلج هامته، كأنه صلف. «- ما الذي تريده مني ؟»...
✒ تبكي وهي اثناء بكائها المرير تمرر احمر الشفاه على شفتيها بدقة ... تراقب جمالها عن كثب دون ان تتوقف عن البكاء... تمسح الزوائد اللونية فوق شفتيها دون ان تتوقف عن البكاء...تقيم مدى تجانس لون أحمر الشفاه مع لون شعرها والآي شادو ... ايضا دون ان تتوقف عن البكاء... تفكر في شاب وسيم لاحظته في الحفل...
أعتاد نزلاء جهنم من الأبالسة أن يسمعوا من نزلائها من الرجال أن سبب شقائهم وتعاستهم معصيتهم التي جلبت عليهم غضب الله، فسلكهم في سقر، يرجع إلى غلطة كبرى ارتكبوها في حياتهم الدنيا، وهي أنهم تزوجوا وأحسنوا الظن بالنساء. فاجتمع الأبالسة يوما بملكهم (بلتو) وتشاوروا في مصدر هذه الشكوى وهل الرجال...
أعلى