قصة قصيرة

ارض شاسعة تمتد أمام البصر لا يحدها شئ أبدا .. لا غيري هنا ، لم يمر أحد منذ ساعات .. تعطلت سيارتي في طريق ترابي مقطوع .. خمنت ان الآخرين سلكوا طريقا آخر ربما يعرفونه جيدا يقيهم هذا التيه الصحراوي الممل .. أو انهم قد مروا من هذا الطريق ولم ارهم ، ربما .. تندفع حوصلتي كما الطير ، ابلل رأسي بأخر...
(انت فنان وينبغي ان تمتلك حساً مرهفاً ، فأين هذا الحس؟)… لاتزال تلك الكلمات القاسية تطارده ليل نهار، اينما حلّ او ارتحل من دون ان تقارقه للحظة، حتى لكإنها أخذت تصمّ أذنيه لدرجة تمنى لو كان بإمكانه ان يتخلى عنهما كيما يتخلص من هذا الدوي الهائل الذي تحدثه تلك الكلمات. ولكنه وجد نفسه إزاء معادلة كل...
الكرادة تحترق وكأنها فوهة بركان احتبست غضبها منذ آلاف السنين وانفجرت، انفجرت فيها شاحنة براد محملة بكمية من الحقد والكراهية، هو عبارة عن مادة السي فور مع مادة نترات الأمونيوم، كان المكان قرب محل جبار أبو الشربت الذي يعلوه مول هادي سنتر بطابقين لبيع الكماليات من الملابس والعطور والأحذية والحقائب...
إلى الذين يعيشون على الأرض ، والذين يمرون عليها مجرد مرور ، كأنهم ظلال و خيال . القاص محمد عبد الحليم عبدالله روايته ( الضفيرة السوداء) أجده اليوم على غير ما تعودت أن أراه ، ساهماً كثير الشرود لائذاً بالصمت مسرحاً ببصره في المجهول ، و أحياناً أجده ينظر إلى الأرض و كأنه يبحث فيها...
أقتعد صخرة يتيمة و أرنو متعبا للعشب النامي فوق قبرها العريان... أقول لها: " ما مت يا حنة و ما قرب الموت ناحيتك! ". أسمع عظامها تطقطق بحرقة مخيفة. أمسح غبشا حط فوق جفوني المتورمة فأكاد- من فرط الشوق- أراها... تهش بيديها النحيفتين على نمل جسور يعبث بخصلاتها الحمراء و دود يخرج من الأرض الجافة بغير...
كيف يمكن للرجل أن يضع نقطة بداية جديدة لحياته حين يكون كل شيء قد انتهى؟ خطأ فادح أن يعتقد المرء أن الزمن يداوي ما لحق به من جروح. لا. هذا يقال فقط للأطفال كي لا يبكوا. الزمن لا يداوي الجروح وإنما يعفنها. وبقدر ما تكون الجروح غائرة بقدر ما تتناسل على جوانبها الدمامل الصدئة. لا يتسنى علاجها إلا...
في أيام صباي غالبا ماكان إلاه ينقذني من صيحات البشر و من عقابهم و كنت إذاك ألعب آمنا مطمئنا ألاعب أزهارا و أنسام السماء تلاعبني ( هولدرلين. من قصيدة: في أيام صباي) رسمت على قبر عمي سلام ساعة بدون عقارب، وعلى قبر عمي علال مسدسا شبيها بمسدس بوبي بطل « دلاس»، عندما انتهيت بدأ الخفقان يؤز صدري،...
كعادته في كل ليلة خلال الأشهر الأخيرة، نشر حوله ألبومات صوره، وأخذ ينظرُ إلى الصورة الواحدة بعد الأخرى، ابتداء من صور الطفولة وإلى الصورة التي عاد بها هذا المساء إلى البيت، كان يقرأ عند النظر إلى الصور السطور القليلة المكتوبة خلف بعضها، حيث كتبت أسماء الأشخاص من اليمين إلى اليسار وتأريخ يوم...
ستأتي كاشراقة الشمس عقب المطر. ستجلس أمامه في مهابة ، ويتقافزان بحديثهما من ضفة إلى أخرى. سيشكو لها بألم وحدته، وكيف تبخر الأصدقاء ، الواحد تلو الآخر، كمدا أو عشقا أو جنونا أو اغترابا. منهم من غيبه البحر ، أو هوى من ارتفاع شاهق ، أو قضى بمستشفى بداء غامض ،أو بغرفة باردة في إحدى دول الشمال...
يجلس مقرفصاً على ضفة المستنقع ململماً اطراف دشداشته الرصاصية على ركبتيه محدّقاً في المياه الجارية التي تمسها اشعة الشمس الغاربة كأجنحة السنونو لتلوّنها بلون فضي محمر , و هي تطفو عليها حاويات بلاستيكية مكسورة , قطع اخشاب لا فائدة منها , و علب صدأة جرفتها المياه من احياء اخرى . يحتضن المنطقة...
من أول نظرة، عرفت أنني لن أكون محايدا تجاه وجه الرجل الذي يجلس بجواري في الأتوبيس. مع ذلك حاولت أن أنساه، وتركت رأسي يغفو فوق صدري. لم أتمكن؛ لأن الوجه اقتحمني في غفوتي بمجرد أن أغمضتُ عينيّ. رفعت رأسي نحوه من جديد: الشَّنَب! شَنب ملفوف ومستقوي.. عَمَّر سنوات طويلة، حتى انفتلَ بتلك الهيئة، وذلك...
لم تغلق باب غرفتها، فهذا زمان الجرائم المكشوفة، و لم تعر انتباهاً لتماوج الستائر التي تفصل زمنياً بين نوافذ البيت و العالم الذي يمارس الخفاء يومياً دون إشهار لقهره و اغتصابه في مواجز الأخبار.. تفكر.. تتكلم.. تخفي و تظهر، تتعثر بالصوت الخفيض، ثم تستل حسامه ليفتك بها، و يشطر عمرها سطرين،...
ثبّتت أمّ عطا قبضتيها بحزم على جانبيّ خصرها، وكانت الدماء الحارّة تغلي في رأسها وهي تنفجر في زعيق حادّ تعاتب زوجها الذي كان يحدّق فيها باضطّراب، وأصابعه تلفّ ورقة سجائر من أردأ أنواع التبغ المفروط: بتتذكّر لمّا قلتلّي في دار أبوي، لمّا جيت تطلبني قبل واحد وعشرين سنة، مصاريكي رح تظلّ إلك...
تنظرُ إليَّ باستغرابٍ تارةً، وتارة أخرى بإشفاقٍ حاد، وكأنها تلومني على أوقاتي التي أقضيها سجيناً بين دفّتي كتاب، أو صفحات جريدة، فهيَ لا تقرأ، أو بالأحرى لا تقرأ بالقدر الذي يُصنّفُها في خانة القارئات، وحين أسألها عن أشهَرِ من كتبوا وتركوا آثاراً بعد رحيلهم لا تذبلُ ولا تُمحا، تعرفهم بسيماهم...
لستُ شبحاً كما تتصورون، لست كائناً خفياً يخافُه الناس، أنا ظِلِّي فقط، والظلُّ لا يعيش مفرداً دون كيان، الظلُّ ليس له شكل، إنما يتشكل مثل الماء في آلية تُلائمها مع الأشكال، أحياناً أكون في شكل كوب، وأحياناً أخرى في شكل أنبوب، وأحياناً في شكل غيمة كبيرة. أنا كذلك أتشكل حسب ماهية الشيء الذي يحجب...
أعلى