قصة قصيرة

بدت البطحاء لما غمرها النور رائعة بيضاء عميقة بين الواحات، وعلى رمالها تتراقص ظلال النخيل، والقمر في بدايته يبشر بليال جميلة كالعهد بها، وهنا وهناك تناثرت جماعات حول بعض الأواني والطبول التي توقع عليها الفتيات ألحانا ترجع إلى عهد غابر. كنت قد وصلت لتوي إلى الواحة، لكن أحد الأصدقاء لم يعطني فرصة...
دخلت الخالة.. تفحصت الساحة بحثا عن جميلة.. رأتها فاقتربت منها وأمسكت بيدها وقالت لها: - اتبعيني. - إلى أين وما ذا تريدين مني. - إلى المنزل، وستعرفين هناك. - انتظري حتى أريهم مواضع نصب الخيام. - سوف نجد من تريهم مواضعها بدلا منك. قبل أن تخرجا من باب الحوش المخصص...
... في ذلك الزقاق الضيق نسبيا ، وبجوار بائع الفحم ذي العربة المتحركة ،وقبالة زميلاتها المتأهبات في أي لحظة لمناوشات الشرطة ،اعتادت أن تضع صنحها الكبير الذي يحوى رزما من السلطة الخضراء غمرت بالماء ،إلى جانب الصحن خنشة مهترئة فرشت على أديم ذلك المكان الذي يشكل الفحم ومخلفات المحروقات ،والروائح...
في أحد الصباحات, توقفت الأمطار المشجية فجأة وأطلت الشمس في سماء صافية صراح, ذات زرقة بالغة, وقد اغتسلت من أبخرة الشتاء الباهتة. في الحديقة المنزوية كانت شجرة الأرجوان الكبيرة تمد أذرعها الموسوقة بالأزهار الوردية الصينية. إلى اليمين يمتد الانعطاف البادخ لروابي مصطفى وينأى في شفافية لامتناهية...
انتظرت كثيرًا أن تأتي، كان لابدّ أن تأتي ذات يوم مرصوص الأحزان، دامع النّظرات، كئيب المساء، ولكن أكان ضروريا أن تطلّ من نافذة العطب، أكان ضروريا أن تأتي على حصان أعرج يخطئ الخطى، يتعثّر كلما حاول الرّكض، وأبدا ليس كما الروايات يطير. مرّ العمر وتناسيت الأمر وهاهو نفس الحصان يعود بتلك العاهة التي...
اعتاد عبد الجواد بيع اللبن علي دراجته التريلا في البكور، ينادي بصوت عذب يصاحبه زقزقة العصافير»‬ البن، اللبن الطازة »ويضرب جرس الدراجة ويخبط بحديدة صغيرة علي حاملات اللبن المتدلية من الدراجة في الخلف؛ ليعلم من لم يسمع صوته بأنه موجود من لحنه المميز الذي ينسجه. هناك بيوت تترك غلّاية أو زجاجة خارج...
عام 2222، كان ياسين يشتغل قائدا للمركبة الفضائية «عايدة 15». مركبة نقل المسافرين التّابعة لشركة «الخطوط الجويّة القمرية». كانت المركبة تقوم، مرّة كل شهر، برحلة ذهاب وإياب إلى سطح القمر، ناقلة على متنها 500 مسافر. كان مقر شركة «الخطوط الجوية القمرية» متواجدا على سطح جزيرة اصطناعية، تمت إقامتها...
لوّحت بيدها طالبة الإذن للإدلاء برأيها حول موضوع النّدوة، لكن الفتاة وبأمر من أحدهم اِتّجهت نحوه وقدّمت له الميكروفون. اِنطلق في الحديث بحماس شديد، يُحلّل ويبرهن، يُعلّق ويناقش، يخفض صوته مُركزا على بعض النّقاط ،ثم يرفعه قليلا … آرائه كانت متماهيّة مع رؤيتها هي … مستشرق فرنسي أو هكذا بدا لها …...
ظلامٌ حالكٌ أحاطَ به، وسكونٌ أطبق على شفتيه.. بحث عن الزاوية المعتمة في نفسه... وافترش الوحدة غطاءً له في منتصف الليل... جلس عند جدار متهالك لم يقيه برد الشّتاء. فأغلق عينيه الملوّنتين بالضياع، وحبس جراحه، ثمّ غرق في بحر التفكير المتلاطم بمآسيه. مدّ ذراعه ولوى عنقه على صخرة صمّاء لم...
ندوب الصبا تتلقفها الجارات ، لنعبر التوجس والحنين معا . نسير بخطى وئيدة صوب الساحة الشرفية . تحكي حكايات عن زوج معتوه . النشوة والنجوى تسعفان الواجب . تهمهم هي الأخرى لإرشاده الى منبع الأحاسيس الدفينة ، يتكاسل ، يتثاءب ضجرا في إ نتظار...
(إلى أستاذي الجليل عباس محمود العقاد) عادت خضرة وقد أنهكها التعب من جمع القطن تحت أشعة الشمس المحرقة في الحقل عادت خضرة إلى الدار ذات الحيطان السود والسقف المتداعي وجلست بجانب أخيها حسن على الحصير البالية وسألته: . . . ألم تجد عملاً في القاهرة؟ . . . لم أجد ألم تذهب إلى عمك؟ . . . لا فائدة...
أمشي وحيدا في طرقات المدينة الحزينة ، حاملا جيتاري الذي لم تفض بكارته بعد ، ليس في هذه المدينة ما يبعث على تراقص الأوتار ، كل أبوابها موصدة أمامي ؛ ذات عبور مررت بمقهاها فعزفتُ لهم لحانا، امتزجت ايقاعاته بعبق قهوتهم، ولكنهم لفظوها من أفواهم ، اقتلعوني كما تقتلع الأشجار وألقوا بي خارجا ، لملمتُ...
كما يقراُ الموتُ الخريفَ المُصفِّدا كدتُ أكتبُ ـ يا نجوى ـ قصيدةً مهداة إلى الشاعر عبد الله البردوني، وهذا مطلعها المأمول .. لكني توقفتُ بعد هذا الشطر! لماذا تموت أحلام كثيرة قبل أن تولد؟! الطريق إلى صنعاء مازالت طويلةً! وقد استسلمت سفن الموتى المنهكة، مساءً للقرصان العجوز، الذي...
لم أعد أدخل بالسيارة إلى الساحة الرملية . أقف على ناصية الشارع الضيق . أخترق الظلمة . أسير على قدمى . أخلف البيوت القصيرة المتلاصقة ، والساحة الرملية . أتعجل صدى الطرقات على باب بيت الريامى فى حضن الجبل . ينفتح الباب ، فيغمرنى الضوء . أعاود التأكد من إغلاق الباب وأنا أمضى ـ وراء سالم الريامى...
الناسُ في حَيِّنا يَكرهون مصنع البارود؛ لأنه لا يصدّر لهم سوى الخراب، ويؤذي صبيانَهم. وكانوا ينبهوننا في المصنع لضرورة اتخاذ الحيطة عند مغادرة أبوابه في كل مرة. لكني رجل ذو طراز يسخّف مِن كل مَنْ لا يرتدي العفريتة. في الحافلة ظلت امرأة ترمق عفريتتي حتى ظننتها مكلومة بابن راح ضحية لإنتاجنا...
أعلى