قصة قصيرة

اكتظت الروضة الحيدرية عند الغروب –حسب العادة- بالزوار، والمتعبدين. واكتظ أكثر الجناح المعروف بـ "الجامع" والذي أصبح خاصاً بالنساء، فلا يذكر إلا مضافاً إلى "النسوان". ويشتد زحام النساء في هذا الجامع بصورة خاصة. عند الباب المسمى "باب المراد"[1] وبين جموع النساء وحلقاتهن، جلست امرأة على عتبة...
أمرأة تطرق بابها لم ترها قط تهمس في أذنها كلمات توقد في صدرها حرائق في غابات التوجس وسعير التساؤلات تتركها لرعب يتناسل فيها ... ستأتين عند الغروب، حذاري للجدران اذان وعيون وأفواه، ساعة بين الغروب وبينها تتأكل الدقائق والثوان في جسدها كأسراب من ديدان سود برؤوس دبوسية تخترق شرايينها وتحتل...
أنتزعُ الخاتم من يده وأكتم صرخة كادت تخرج من بركان فمي لتذيب ما حولي، يتراجع قليلا، يحدق بي مذهولا وينتظر رد فعل امرأة مرتبكة وكأنها لص يعرض بضاعته المسروقة ..! ألملم اعصابي واستدرك بأن لا ذنب لهذا المشتري أنا من دخلت متجره وانا من تبيع .. أضع يدي على السلسال الثمين المعلق في عنقي ( الذهب...
مازالت الأشجار في سكونها المعتاد منذ مساءات بعيدة لم يكسر حاجز رتابتها شيء سوى حفيف أشجار عراها الخريف إثناء مروره الخاطف بموكبه الجنائزي من كل زينتها فظلت تحاول ان تستر عورتها بتشابك أغصانها المتيبسة ،وثمة أصوات طارئة هذه الليلة تهدد كيان الصمت المطبق تشبه أصوات صفارات الإنذار المرتعدة ،علها...
جمع سعيد اغراضه وحمل الحقائب في سيارة الاجرة وتوجه نحو المطار كي يلحق بطائرته التي ستحقق حلم حياته في حضور حفل زفاف ابنه المغترب والذي يصادف غدا , توجه نحو الجوازات بعد تسليم الحقائب وسلم على الضابط واعطاه جوازه نظر الضابط اليه مليا ثم قال: - لم صورتك في الجواز بذقن وانت حليق الذقن ؟ تعجب...
توقف فجأةً عندما مرَّ قربَ دكّان البالة، فقد لفتَ انتباههُ ذلك الحذاءُ الجميل المُعلَّق بحبلٍ في مقدمةِ الدّكان، والذي في الحقيقة لم يكن جميلاً أبداً بل على العكس، كان كريهاً وبالياً كبقيةِ الأحذيةِ الموجودة، لكن بهاءَ الدين كان مُعدماً وفقيراً جداً، ولأنه لا يملك من المالِ إلاّ ما يكفي بالكادِ...
عندما كنتُ صغيراً لم أنعم بِمتعة اللعب و لم أقدر على الخروج من البيت يوماً لشراء اية حلوى من دكان محلتنا ، أو رؤية نفسي في المرآة ، أو تمييز الألوان ، أو مشاركة أقراني من الأطفال في نزهة مدرسية . ذلك لأنني كنتُ قد أصبتُ مبكّراً و منذ صغري بالعمى جراء مرض معد . تربّيتُ كصغار الكنغر في حضن والدتي...
(1) كنت واحدا من جنود سرية شكلت من جميع وحدات الفرقة 11 بمساهمة من طبيب الوحدة العسكرية حين صدرت الأوامر بإخلاء قتلانا الذين تركوا في عراء التلال المحيطة ببحيرة الأسماك. كان الوقت فجرا وقد انتزعت نفسي من ذراعي امرأة الحلم وغادرت فندق المدينة التي أفرغت من سكانها نظرا للقصف المدفعي المتبادل،...
وقف الرجال العشرة... أيديهم مرفوعة إلى أعلى. على مقربة منهم وقف رجل.. شاهرا مسدسا.. اختفت يداه بقفازين سوداوين.. معلقا خنجرا على وسطه.. منتعلا جزمة حتى الركبتين.. رفع القناع عن وجهه ثم هدد بصوت قوي ساخط: ليتجمد كل بمكانه.. أيديكم إلى الأعلى.. عيونكم باتجاه المسدس.. من تحرك لقي مصرعه حالا. تقيد...
نماذج من فن القصة القصيرة لكبار القصاصين الرواد كم كان نجيب أفندي وفياً لزوجه براً بأسرته؛ إنه لم يكن يسمح لنفسه أن يقضي خارج البيت قليلاً من الوقت لغير عمل؛ فأيان تلتمسه لا تجده إلا في الديوان أو في البيت، وفي فترات قليلة كان يجلس إلى أصحابه في النادي يستمع إليهم ويستمعون إليه، ولكنه كان...
كان اليوم يوم جمعة، والشتاء يرسل نذره لطيفة جيناً، عنيفة أحياناً، ولا عاصم من تلك النذر إلا الشمس ضحى لها حيث نتوقعها. . . وبالجيزة قهوة توثقت الصلة بينها وبين الشمس: فهي دفء ونعيم ومنظر، لجأت إليها وحدي مترقباً صديقاً على موعد. . . جلست أنتظر فإذا رجل منتفخ الأوداج، غليظ الشفتين، حليق اللحية...
في ذلك المساء من شهر مارس أزيَّن قصر الوجيه حامد بك عرفان بحلة لألاءة من الأنوار المتموجة ذات الألوان، مدت أسلاكها الكهربائية على سور الحديقة فتعانقت مع الياسمين والبنفسج. وتعلقت بأفرع الأشجار والنخيل، وتوجت بها شجيرات الورود المنتثرة على هيئة أهلة ونجوم. وكان أعجب ما في القصر هو ذاك البهو...
رغم سنواتي العشر، إلا أنني كنت قادرًا على استيعاب أنّ أمرًا جللاً وقع. كانت والدتي تغلق باب غرفة نومنا في كلّ مرة يُفتح، كي لا نسمع ما يدور من همس مضطرب في الصالة. لم تكن “جلسات” كهذه تتم في المنزل إلا في الأمور الجِّسام، ولم يكن باب غرفة الأطفال يُغلق أثناء قعدات القهوة والبابونج، بل على العكس...
عندما نظرت إلى أخي وقلت له إن وجهه ازداد نحافة منذ المرة الأخيرة التي رأيته فيها، قال دون أن يبتسم : - مجرد تصوّر .. الحكاية كلها هي أنك قد غيّرت الزاوية التي كنت تنظر منها .. ابتسمت له وقلت لنفسي: إنّه ازداد حدّة في كلماته وفي حركاته، وإنّ حركاته أصبحت جدّ متوازية. تذكّرت سؤالا قديما نعيده...
منذ ان عزمت نشر روايتي و الغربان المعدنية تلاحقني حتى في احلامي هل تخشى الحقيقية ؟ام انها تريد اظهارها ؟ صارت علاقتي بصديقي الظل البريء مشوشة٬ لأني لا اخرج من المنزل إلا نادرا بسبب تركيزي على إتمام الرواية٬ وحين خرجت و جدته غاضبا مني ...فشرحت له الموقف٬ ثم وجهني للبحث عن موضوع جديد يمس...
أعلى