قصة قصيرة

أرفع رأسي أنزعه كقبـَّعة قديمة، أضعه على طاولة الطعام قرب سلـّة الفاكهة، أتركه يتفرج على ألوانها الزاهية، زاهية حقا لأني كل يوم اشتري الفاكهة طازجة والخضار كذلك، أتأمله كيف يدير عينيه عن الفجل، يغمضهما ويعيد تلصصه على خريطة الطاولة. لا يعجبه النوم كما لا تعجبه الراحة ولأنه لم يتركني أهدأ لحظة...
تلتحف بعباءتها السوداء الممزقة وعودها النحيف، تناهز الستين من العمر، تحمل فوق رأسها قفة سوداء طليت جوانبها بالقار، في طريق ترابي طويل تحفه الأشواك من جانبيه، حافية الأقدام ذاهبة إلى القرية المجاورة لقريتها بين حقول المزارع، تتمتم بكلام غير مفهوم، تولول تارة وتبكي أخرى، ثم تندب حضها متعثرة...
بعد ان فاجئني بخبر انتقاله وانقطاعه عني وعن القسم الذي اعتدنا ان نعمل فيه وتطول جلسات سمرنا في فترة استراحة الظهيرة، فقد خُطف من امامي بحذر وسقط بعده متاع حياة مادة الأدب تلك التي ما انقض ان ينير ظلامها من خلال جبينه الناصع بالمعرفة والحكمة والتطلع الى التحرر من قيود الافكار الموهمة والمظللِة...
لطالما أحسست بالضيق والحزن لتهكم زوجي على طبخي خصوصا الكسكس ، فكلما طبخت هذه الأكلة لمّح وتهكّم... قائلا : ياااا حسرة على كسكس أمي ... ماهذا الطبخ ؟؟ شيء يقف في الحلق فلا يبلع ...،،والغريب أن الجميع يعجبون بطبخي حتى حماتي تعشق أكلي ...إلاّ هو . في يوم ذهبنا إلى حفلة عشاء ببيت صديقه المتزوج حديثا...
وصلت مدام نديم برفقة صديقتها الى محطة الشرطة، قلقة ومضطربة وتكاد الدموع تتدفق من عينيها.. ولولا صديقتها المخلصة التي تتأبط ذراعها وتمسح عرقها وتهمس لها مطمئنة: "سنجده.. ستجده الشرطة.. لا تقلقي"، لسقطت على الأرض مغشيا عليها. كانت متوترة للغاية.. وفورا توجّهت للشرطي المناوب: - زوجي ضاع.. خرج ولم...
صباح ممطر بالصخب والوهج نط فجأة على أذني وعيني، استيقظت من نومي واستيقظ معي.. عرفت أنه توأم يشبهني في عادات الأكل والشرب ويذهب إلى الحمام في نفس الوقت الذي أذهب فيه.. قد يكون من صلبي أو قد أكون من سلالته.. طويت فراشي بيدين تحتاجان إلى الحليب، وظهر مشتاق إلى ماء بارد توصله إلى جسدي شبكة من...
تجد نفسك في قاعة باذخة الفخامة شديدة الاتساع، تضج القاعة صخبا بأناس كثيرين، تعرف بعضهم وتجهل أكثرهم، تستغرب وجود بعض من تعرفهم، فهم يبدون لك خارج سياق الحدث الذي يتواجد من أجله هذا الحشد الهائل من الناس، والذي قد يكون ـ في ظنك ـ اجتماع جمعية عمومية لإحدى النقابات أو الأندية، ورشة عمل، أو غير ذلك...
(1) ذهبت صباح أمس إلى السينما، كان هناك عرض لثلاثة أفلام متتالية بنفس التذكرة، ولأنني كنت افتقد البقاء وحدي وجدت فيه ضالتي. دخلت كعادتي قبل الإعلانات وجلست انتظر. وقبل بداية الفيلم بفترة ظهر من العَدَم شاب ما وجاء كُرسيه بجواري، كان اسمه "روبرت". هو لم يُخبرني، أنا أطلقت عليه ذلك، أو رُبما هو...
طرقت بوابة قلبه ذات مساء ساحلي ، إمرأة معجونة من النسيم ، متمردة ، جموحه كفرس في أول مضمار السباق ، تختزن في دواخلها سمفونية كسحر المغني ، لم يعزمها على حديقة قلبه تركها تسرح بعيدا في نهارات مغبرة ، نهارات تشتاق لريق المطر ، حينما لم تتمكن من أرتياد البهو المغلق ، غادرت مثل وردة على حد السيف ،...
وسيأتي ولد من بعدي اسمه علي ليس نحيفًا مثلي، وكلامه سكر ويدخن المارلبورو، ويحكي عن الأهلي والزمالك، ويحب محمد فؤاد موت، ويفهم جيدًا في ماركات السيارات، ويسير ممشوقًا إلى جوارك، وهو يقبض على يدك ولا أجدع عسكري، بينما في يده الأخرى ترقد علبة مارلبورو أحمر وموبايل رقيق نوكيا. ولن يحكي لك مثلي عن...
هل هذا جزائي؟ يتركني فى حجرته المظلمة هكذا مهملة..لايسأل عنى ..وإن رآني أشاح بناظريه بعيدًا؟ أذكر أول لقاء به، يوم اقتطع الجزء من الكل.. ليأخذني بين يديه مزهوًا، وضعني على جسده يوم عيد أتذكر .. نظر لأترابه ليرى الحسد في أعينهم. كم من غزوة طائشة. كنت فيها معه. أرفرف كعلم منتصر فوق رأس من انهزم،...
جدفت رموشه بقوارب عينيه, بعدما كانت راسية بغفوته. شعر أن الاستيقاظ حوت التقمه, ولن يلفظه إلا ليتركه للنوم في المساء. استسلم لهذا الشعور, ونهض من فراشه متبرمًا. زلزله صوت الساعة معلنًا انفلات الوقت, فراقب عقاربها وهي تدس السم في شرايين الزمن, وبغير دراية منه, أو ربما بدافع من الرغبة تحرك في اتجاه...
سمير كان هو العنكب ودارين هي العنكبوت. أعلم جيدا بوجودهما في حجرتي منذ زمن, لكن طوال تلك الفترة لم يكن هناك ما يثير أية قلاقل. كانا قمة في الانسجام. أنا لا أحاول إنكار أنني رأيت دارين في أكثر من ليلة تلملم أشياءها غاضبة وتنسج خيوطا لا نهائية وقد قررت أن تفارق سمير بشكل أبدي لا يحتمل أي جدال ولا...
أصوات وأضواء تحتل المركز الأول والأخير في إدراكها وذاكرتها، صورة ترتبط بها بقوة، تنتمي إليها بشكل ما, تدرك هذا وتعرفه رغم عدم إدراكها لماهية تلك الصورة. شعور آخر يسيطر عليها هو أن هذا المكان الذي تجلس مستندة إلى أحد جدرانه والذي يسبح في الظلام الدامس، غير المخيف وغير المطمئن، جزء منها وهي جزء...
أعلى