سرد

سار خلف الدّابّة مُكِبّ الوجه على أرض تتأرجح بين المرتفعات ، وشِقْف التّراب المُعنّى يُبْسا يتطاير رذاذا عنيفا يشجّ العرق المنسكب من جبينه. أمامه، وعلى مسافة ذيل غضوب، كان البغل يرفس الأرض الجافّة ويطوي الأثلام طيّا يوجع سنابكه، ومحراث بينهما دفن رأسه الفضّيّ يبحث في الجوف المتّقد عن أمل سقط من...
قالت له: جئتك لتكتب ما أشعر به.. شعرها الأسود ملفوف للخلف ككعكة كبيرة.. نفث دخان سجارته وعدل نظارته وهو يحدق في وجهها بقلق. قالت بنفاد صبر: أنت -صحفي..أليس كذلك؟ رمش بجفنيه عدة مرات وكأنه يقول نعم.. قالت: طيب ..هذا يعني أنك تجيد الكتابة.. وأنا لا أجيدها... قال: حسن.. بماذا تشعرين... ثم رفع حاسبه...
9 ليس لاجئا بعد امتدت اصابعه لتناول مكوك ماكنة الخياطه ،تحسسه باصابعه دون النظر اليه . كانت عيناه ملتصقتين في كتاب الطب،فهي السنة الاخيرة (ستاجير كما يتداولها زملاءه) . جاءت كلمات الاسطى كفرقعة سوط جلدي! (وين امدولغ خل الكتاب على صفحه واكمل بنطرون الرجّال؟) تناثر زجاج محل الخياطه وانسكب كاس عرق...
وسأل ابنه: ثم ماذا بعد؟ طأطأ الولد رأسه - ستظل مشرداً هكذا .. ستمر سنوات عمرك وأنت بلا هدف حقيقي .. فبجيتارك هذا وصديقتك المشردة مثلك لن تستطيعا توفير ثمن طعام افطاركما.. مزق ورقة وأضاف: - رسوب.. والآن ماذا؟ أنت في الثامنة عشر ويمكنني تركك لتواصل طريقاً خاطئاً ..غالباً ما قد يفضي بك إلى...
ليست قصة أن تستيقظ فى الصباح، تنزل من فوق سريرك، تغمر السعادة روحك، لتتجه إلى الحمام، تقف تحت الماء الساخن لتغسل أحلام الليل وتعيد ترطيب شفتيك، تعد كوبا من الشاى، ثم ترتدى ملابسك التى اختارتها هى وجهزتها، وتترك قبلة صغيرة على وجهها البرئ البشوش -لا تكفى لطرد الأحلام الساكنة فى عينيها- قبل أن...
8 العبور الى لبنان لم انم في مقر الجبهة الديمقراطية الا قليلا، كنت حارسا لظنوني التي تريد الهروب من مخيلتي ،الصباح جاء ثقيلا محملا بالغيوم والبرق. كان رذاذ المطر يمر باردا عبر الشباك المطل على الشارع العام. دخل المسؤول الفلسطيني مسرعا كأنه يبحث عن شئ مزعج! نهضت للتو من جانب الشباك حين فاجأني...
كانت المغنية تزأر بصوت واضح جلي النبرات، وكان كلامها أو غناؤها بسيطا بريئا قديما فيه شيء من التاريخ، أسماء الناس و الأشياء تكاد تكون مجهولة، ومع ذلك كان من في الباص يطرب لها ويهتز..نساء في أرذل العمر وأوسطه ومقتبله..وفتيات في طفولتهنَ وصباهنَ وشبابهنَ، ورجال وصبيان وشباب، ورقة وسمو في التعامل...
وعبرنا .. كنا جمعا كثيرا وطويلا.. وراء بعضنا... طابور بطيء.. الجبل شاهق... جدا.. السحاب عبر من بين أقدامنا.. أيها الوحوش... صاح قائدنا.... الجبل تآكل من أسفله خلال رحلتنا التي امتدت ثلاثة عشر عاما.... نجونا... ولكن لا سبيل لنا إلى الهبوط مرة أخرى... قالت امرأة: لقد تدمرت الأرض تماما.. وبكت...
🔺 ... كان زمهريرا جافا لمناخ اكتوبر الخنثوي ، وضوضاء المقهى تختلط بضوضاء ميدان التحرير ؛ يضربون الطابة بعنف ؛ الدومينا بعنف أقوى ، يجترون دخان الشيشة بعنف أكبر..والصبي (في الثلاثين) يصيح بصوت أهوج..هنا حيث لا نعرف إن كان كل هذا الصخب حياة فاضحة أم تمردا على موت فاجع...وأم كلثوم تغني بمواويل...
7 الوصول استقبلتني ساحة المرجة في دمشق بضجيج باعتها ،وبحركة ناسها الحيوية وبساطتهم وبياض بشرة نسائها وكلمة تتردد كثيرا على شفاه باعتها (امعوضين عمي) في هذه المدينة كل شئ متوفر وباسعار متواضعه، اثار انتباهي قطعة كبيرة خطت بشكل انيق (فندق القاهرة الكبير) صعدت السلم لتواجهني قطعة اخرى (السعر 6...
الى ضحايا هولوكست ما بعد الثورة. تلعب الشمس بأعصابه كما لو أنها أفاع تتلوى داخل قبو من لحم ودم.. صحراء شاسعة تبطن في أحشائها نفايات البشر على اختلاف أشكالها.. جحيم مهجور صنعه الانسان المتحضر ليدفن في مطاويه ما انعدم من أشيائه الأثيرة.. رائحة متعطنة جدا تثقب حواس الجن والانس خلعت عليها حرارة...
كالصيف الساخن يضيق ذرعا بنفسه التي تضمه ، و لا مهرب له منها ، لم تكن تكف عن ملاحقته كظله أينما حل ، في حياته لم يستطع ان يصبح شيئا ، لا شريرا و لا خبيثا ، و لا طيبا و لا شريفا ، يحاول أن يواسي نفسه بعزاء لا طائل منه ، تزعجه بأسئلة حرجة ، لا قاعدة لها ، كل سؤال استثناء لقاعدة لا وجود...
لم يكن الوقت تجاوز ظهيرة الثلاثاء الأسود ، يرتحل القطار المطاوع متجها إلى المدينة العجوز لم تتحول بعد عن أحزانها و الدخاخين الضالة ، ملابسه فاقدة النظام ، متشنجة كمجذوب منزو ، تتطابق مع تعاسته ، في زيف يقبل يد المدينة من غير اقتناع بما يفعله ، يتخلي عن التفكير في مصيره المنتظر و ماضيه ،...
رأيته يسير فى الشارع دون اكتراث أو خوف .. إنه يبتسم ويصدر قهقهات عالية ولا يعبأ بشىء أيعقل أن يكون هكذا من يفقد ... حياته ... بعد أسبوع..؟؟ هل لى أن أخبره بشىء .. ؟؟ وهل أجرؤ على ذلك ..؟؟ أمر صعب جدا !! وإذا صارحته هل يصدقنى؟؟ وإذا صدقنى هل يصدق الأخرون؟؟ إنها مغامرة !! سأدخل فى جدل لا طائل من...
6- الهروب سبعة ايام مضت على خروجي من مديرية امن البصرة عام 1978 حين سمعت طرقا خفيفا على الباب ، كان الطارق رجل امن ادمن على مراقبتي لسنين. بت اعرفه كزميل عمل يودني ، يسعده ان يتبع خطاي! قالها بشكل ودود: رجاء نريد حضورك غدا في التاسعه صباحا . لم استغرب ذلك. ليل مر بطيئا متثاقلا.. رتبت اوراقي...
أعلى