سرد

لم يرغب في أكثر من لقاءات بسيطة منتظمة. خصوصا وان كل لقاء حار ساخن لم يكن يعني له سوى غياب طويل في الأفق، ستعهد فيه لكومة الغموض أن تشغله بالتساؤلات، في انتظار أن تظهر من جديد حاملة معها ما يجعلها قادرة على وأد كل تساؤلاته لتسير به من جديد نحو دورة جديدة من ظهور واختفاء..... هل هي مجرد لعبة؟ إن...
1-الزعماء يغيرون الجغرافيا: هربْتُ من السجن، حينما عبرتُ النفق الذي يمتد أربعة عشر متراً تحت الأسوار. تخيّلتُ صديقي الناصري صبري عبده حينما يصحو ويكتشف هروبي، فيصرخ في أقرب جارٍ له في السجن: ـ عثمان خائب وغرير .. لماذا هرب؟ .. سيجيئون به من تحت الأرض .. ويعذبونه!! أتخيله يلحق بي، ويصرخ: ـ لماذا...
أحس بتعب شديد يسحقه ـ ما شعر بمثله يوما ـ يكسر عزمه ، يثنيه عن مواصلة المسير، وزاده عطش شديد همّاً ثانيا بات يستحلب له جُدُر حلقومه لمجابهته ، وهو يجر رجليه المنهوكتين سيرا على الرصيف؛ عرقه المتكرر وقميصه البليل كانا يلطفا شيئا من الحرارة المغمور في حضنها خصوصا حين يركب الأثير نسيمٌ باردٌ منفلت...
صمت رهيب , قاتل .. لا يقطعه غير سقط أقدام ثقيلة , منتظمة , رتيبة .. أجهدني ثقل الظلام وثقل الصمت .. ألقيا في قلبي الرعب .. اتجهت صوب الباب .. خلعتُ عيناي علي صاحب الخطوات ــ كدقات عقارب الساعة المنتظمة ــ ألمح ظلاُ ألقاه ضوء المصباح علي الأرض ... ناديتُ .. فلم يرد .. فضربت الباب بعصبية .. اقترب...
« ( كرونوس) وعدٌ أنا قاطعه لك، أمّاه(غيا) / سأنبري لهذا العمل/ هذا الأب غير جدير بحقيقته / لا شيء يدعوني لاحترامه / لقد كان سباقا لابتداع خطايا شنيعة» هزيودوس–الثيوغونيا. « من البيّن الظّاهر أن للطّفل نفسًا عالمة بالقوة، ولها الحواس آلات الإدراك» أبو نصر الفارابي – كتاب الجمع بين رأيي...
إنها السابعة صباحاً, سيجارة واحدة بقيت في العلبة, زمّت شفتيها الممتلئتين على الفلتر الإسفنجي, بسرعة تناولت الهاتف البارد, إلتقطت سيلفي مثيرة, وطار الدخان في أرجاء الغرفة. لعابٌ قليلٌ التصق بسقف حلقها الجاف, لا بأس, أن تشعل حريقاً داخل جوفها وتطفئه عشرين مرة في غضون ساعات أمر عاديّ. طعم المرارة...
ذات يوم، ذات صيف، في قرية أيت تگرّامت، حدَث أن التقيتُ عبد اللطيف، جاري وعديقي ذات زمن، في المدشر، واتفقنا على أن نُعرّگها تيناً شوكيا. كان يوماً خاصا لكلينا. استرجعنا طوال ساعات منه، بعد فراق سنوات مديدات، ذكريات بعيدات، لذيذات ومُمتعات، مثل الأيام التي انصرمتْ. سنقطفه طازجا. نُبرّده في ماء...
عندما اتصلت بي هاتفياً لتأخذ موعداً في العيادة ، كنت غير متأكد من صوتها الذي أسمعه ..هل هو صوت رجل مخنّث أم امرأة مسترجلة ؟ ..حنجرة مبهمة الجنس تتكلّم , لكنّها أقرب إلى حنجرة امرأة . ومعروفٌ أنني سأزعجها وقد أخسرها كمريضة لو أخطأت وعاملتها كرجل..لا بل قد يثور الرجل –إن كانت رجلاً - لو أضفت...
اتسعتْ لها اخيلته وتصوراته، وانبرى اليها بكل حذر وتوأدة ، وتسمرت حدقتا عينيه في تحديقها، تحدوها رغبة جامحة في معرفتها وتفحصها، وما عليه الا أن يكون حذرا حتى يتخلص من الاحراج الذي وقع فيه وهو غارق في تخيلاته، بعد ان سحبته من بين اصدقائه وامسكت يده بقصد وتعمد لتقرأ له المستقبل من خلال باطن كفه...
عيناها يالزرقة السماء وجنتاها يالشقائق النعمان، وإن افترت شفتاها بانت اسنانها بالبياض الثلج. هتف صديقي: من تصف؟ قلت: فتاة عرفتها. أجابني متهكما: كنت أظنها “اليصابت تيلور”. رددت: لا هي “اليصابت تيلور” ولا انا “ريتشارد بيرتون”. واصلت حديثي قائلا: في المدة الأخيرة كانت تمر على الرصيف الموازي للرصيف...
كان الفرح يأتلق كالبرق في عينيها حين يزورها فى مكتبها ولا تكف عن الضحك ومناغشته حين يتأخر قليلا ثم يتوارى مختفيا عنها فتبحث عنه وتضحك مازحة قائلة له : - أيها الماكر أين أخذك الغياب .. أسبوع يمر دون أن اراك؟ فيتأمل عينيها المندهشتين وتطل ابتسامة عريضة على وجهه ويصمت دون ان يجيبها كى لا يدخل معها...
“ أنا لست في خضم عاصفة، أعرف العواصف جيدًا، وما أنا به ليس بالعاصفة. ألقى أحدهم قنبلة دخان، فما استطعت أن أنشق الدخان لأبدده، ولا استطعت الركض خوفًا من الضباب. لا أعبأ الآن بهوية من ألقى القنبلة، لا أملك سوى أن أجلس ساكنًا، أنتظر أن ينقشع الضباب، ومن ثمّ سيكون هنالك وقتٌ للتحرّي، رُبما تبيّنت في...
بالنسبة لها، لم تكن حياتها حقيقية، كانت وهمًا باهتًا، كحُلمٍ يحوي آلاف الأشياء الغير منطقية التي لا يجمعها شيء: تطأ أرضًا خضراء بقدمها بينما يختال ذهنها في صحارٍ بوار، ترتشف شيئًا من قهوتها المُسكرة بينما تتذوق علقمًا. كانت غائبةً في حاضرها، حاضرةً في كل الأمكنة عدا تلك التي يشغل جسدها مساحةً...
أثناء جلوسي في الكرسي الأمامي للباص الصغير ملثما ً بيشماغ , كان الإسفلت يجري إلى الخلف سريعا ً والسيارة إلى الأمام . أيهما يسير والآخر متوقف الإسفلت أم السيارة , نحن أم الزمن ؟ فوق ظهر الباص كان يرقد محمد الحاج ـ مؤقتا ً ـ في صندوق خشبي طويل , الصندوق ملفوف بذات قطعة القماش رباعية الألوان لكنها...
بعد ليلتين مؤرقتين، قضاهما بالتفكير و محاولة السيطرة على ذلك الشعور الاسود المنبثق من هول الصدمة، وقع نظره على صورة قديمة بالابيض و الاسود بين اغراضه المُتبقيّة في صندوق صغير، انها الاكثر ايلاما له لكنها الأخف وطأة على قلبه المُنفطِر. سقطت دمعة على يده و انسلت الى الصورة الفوتوغرافية التي احتفظ...
أعلى