سرد

شبت في القرية صدفة; عائلتها المكونة من الأب الكهل وحمار عجوز ومعزة وحيدة وكلب أسود; نزلت ذات صباح تحت شجرة الحراز المنتصبة في حافة الوادي. شجرة معمّرة تكره العيش في فصل الخريف; وهي ترى الحياة من حولها تكتسي بخضرة داكنة; فيشتعل عودها بنار غامضة. نار لها حفيف مخيف; تستعر من بعد المغيب حتى بزوغ...
ليل الليلة جلست راوية امام حاسوبها، لا شيء يغري بالكتابة ، لكن الرياح المزمجرة تحمل مع سكون الليل صوت سعال جارها الثالث على يمين بيتها، منذ سنوات فقد زوجته بتوقف قلبها فجاة على النبض ذات فجر شتاء بارد بعد ان فجر صمامتيه حزنها على فقدان ابنتها العروس بنفس السيناريو المرضي المتوارث بين افراد...
إنها قريتي" قالها وعيناه تسبحان في النور، ثم أردف: "المكان الوحيد في هذا العالم الذي أستطيع أن أدخله نائماً.. المكان الوحيد الذي أستطيع أن انساب بين طرقاته مغمضاً.. ملتحماً في الجدران إلى أن أصل حجر أمي.. المكان الوحيد الذي أستطيع أن أتحسسه فأعرف أن هذا الجدار لصاحبه فلان، وتلك الشجرة لصاحبها...
الوقت ليلا.. أحدق في شاشة التلفاز في شيء من البلاهة، عيناي ترفعان لافتة المطالبة بحقوقهما؛ النوم.. النوم.. لا، أعترض.. فك اعتصام !. آليت على نفسي السمر، فمازلت من عشاق الليل وسكونه، إنه أجمل وقت حين ينصرف البشر نيام، لأبقى أنا أحرس نومهم، رفقة نداءات طائر الخبل في شرفة منزلي، ونباح كلب الجيران...
استعد مراسل القناة الفضائية الشاب ذو السن المكسورة لتقديم تقريره اليومي فعدل من ربطة عنقه ثم أخرج زجاجة عطر صغير بخ منها فوق قميصه عدة مرات ثم حمل المايكرفون وتجمد أمام الكاميرا بملامح صارمة تشعر المشاهد بالذكاء والأهمية: (لقد اتخذ الوزير المختص قرارا حسم الصراع بين شركتي النفط القومية وشركة...
"وطن الوجع وللوجع مواطن، تدب الحياة في براعم الشجر وشجرة البراعم تهم بالانتحار على عتبة الموت البطيء. كل ما تحمله الذاكرة المتعبة اثقل كاهل الجسد المتخن بجراح سهام الخيانة. وهذا الجسد المفرغ من روحه كلما اناخ راحلته ليستريح قليلا ، هبت رياح المساوامات الرخيصة لتحمله الى موجات الشهوة...
جلس منهزما بهدوء فوق الزربية التقليدية الباهتة. كان شاحب الوجه و مثقلا بالهموم، تبدو الكآبة الشديدة على ملامحه. أخذ ينظر إلى أرجاء الغرفة بحسرة و أسى، مفكّرا فيما يمكن فعله. أخذ يتأمل فُتات أحلامه المتوضّع فوق الأرض الباردة، بعد كل المشاكل التي حصلت له. هذا ما تبقى منها بعد أن تم تحطيمها وكسرها...
( الى المغني السوري سميح شقير الذي كسر زرد السلاسل) فتحتُ باب الغرفة رقم ثمانية، في أحد أجنحة المستشفى الحكومي، أبحث عن صديق مُصابٍ بطلقٍ ناريّ في إحدى المظاهرات التي عمَّت المدينة،فلمعَ في وجهي بريق نصل سكّين، يقطع تفاحةً شرائح رقيقة. جَلَسَتْ صاحبة التفاحة الحمراء، والبسمة لا تفارق ثغرها،...
أوّ لا لا، وعليَ أ أنتظر ناظم عندما أقيم حفل توقيعها وأدعو المدعوين من لًًّ أهل الذّكر والأصدقاء.سأكتوي وحدي بنار غيابه كما أكتوي بها يوميًّا، وكما اكتويتُ بها سنينًا. لكن إن حضر يوم توقيع الرّواية سيعلم الجميع أنّ الموتى لا يموتون، ولا يغيّبون. وأنّ ال رت رتاب الذي يغطّيهم، مجرّد لحاف شفّاف...
أوّ لا لا، وعليَ أ أنتظر ناظم عندما أقيم حفل توقيعها وأدعو المدعوين من لًًّ أهل الذّكر والأصدقاء. سأكتوي وحدي بنار غيابه كما أكتوي بها يوميًّا، وكما اكتويتُ بها سنينًا. لكن إن حضر يوم توقيع الرّواية سيعلم الجميع أنّ الموتى لا يموتون، ولا يغيّبون. وأنّ ال رت رتاب الذي يغطّيهم، مجرّد لحاف شفّاف...
لا يولي حمَّه عادة اهتماما كبيرا لما يحققه أو يجنيه.. ولا لما يخسره. غير أنه لا يقبل أن يُسرق أو يُغتصب بسهولة ما كسبه حتى وإن كان لاماديا ومتواضعا.. خاصة حينما يكون هو من صنع مادة تراثه، كاملة، بوسائله الفكرية.. دون غيرها.. بلا عون خارجي أيا كان نوعه. ولم يكن يوما يتوقع أن ثمرة خياله على...
على جذع نخلة قديم تحط يمامتان .. والنافذة مشرعة على الحقول الشاسعة .. وأكوام البوص ملقاة على قارعة الطريق.. والوقت وقت حصاد .. والأفق المتسع تعبث فيه موجة هواء طرية جميلة ... وكان الوقت ضحى ... اليمامتان تلعبان لعبة الحب الأزلي .. تتلامسان , تتنافران , تتقافزان , تتناقران .. راقني المشهد جداً...
يبقى الزمن عالقا في شراكه في تلك اللحظة، تبرق أسنانه خلف شفاه خبيثة، مفتوحة، يسيل منها اللعاب مشكّلا مستنقعا من الكره في ذاكرتها، القبح في كل مكان هنا، أمة تصرخ في ليلة برّيّة لا صدى فيها للصدى، سوى صرخة سبية لعار يغلق عليها رتاجات أبواب الخلاص، لا بسمة، لا لفتة بعد اليوم، ستنكّس الرؤوس إلى...
أجلس الآن في المقهى نفسه الذي كنت ارتاده قبل ثلاثين سنة، و الذي يحمل اسما كان مناسبا للعمر الذي قضيته فيه. كما يتلاءم مع ما يبثه من اغان روحانية كانت تتجاوب مع الطابع الحزين الذي سكنني باكرا. صاحب المقهى هو نفسه، و كذلك النادل. لكن حركتيهما فقدتا الكثير من الحيوية. و عيونهما ما عادت تتطلع إلى...
*المدينة غافية على أحلامها غير آبهة بالعابرين، وهم يفتضّون بكارة أحلامها المعتقة بعبق الماضي. *غايات مرتاديها تختلف من شخص لآخر.. كل منهم متدثّر يخصوصياته خلف واجهة ملامح وجهه، وثيابه ذات الألوان المحببة له، ربما لا تروق لآخر ولا تعني له شيئا، ربما يزدريها لتعالٍ في نفسه، أو حسد لصاحبها. * رتم...
أعلى