يجلس بجانبها بالمستشفى يقرأ القرآن بصوت عال، يشعر أنها تحتضر، جدته لأبيه الذي لم يره، توفي ووالدته في حادث سيارة، كان عمره أربع سنوات وأخته عمرها سنة، مروان وسندس، أراد الله أن يخطوا خطواتهما الأولى بين يدي جدتهما، فتعودا على لباسها الأسود، وقولها بين خاصتها "ولاد الغالي" ومن آن لآخر قد يريا...
بجهد غير قليل، يستحق الإشادة والتقدير، استطاع أن ينجو من مخالب نوم ثقيل كان أكثر عذوبة من أحضان امرأة فاتنة، لها قدرة هائلة على سلب إرادة العاشقين.
نهض متعبا. تحرك ببطء ملحوظ، حتى وجد نفسه فى مواجهة المرآة الشاحبة، المثبتة فوق الحائط، نظر إلى الكيان الماثل أمامه فى عبوس ولا مبالاة. كاد ينكره فى...
لحظاتٌ ثقيلةٌ اختلط فيها الليلُ مع النهار. أُسبوعان وكأنهما دهور. أكثر من عشرين رفيقًا حُشِرنا، وها أنا الان وحدي، وُبُّت أُمَيِّزُهُم فقط من صراخهم وتأوهات التعذيب. ذلك الباب الحديدى.. كم أكرهه وكم اشتاق إلى باب بيتي وصوت المزلاج عند دورة مفتاحه. زوجتي واطفالي.. ما أحلى كركراتهم ونظراتها...
لم أستطع وضْع صورتها على الحائط المواجه لمكتبي، اقترحت على مهندس الديكور تخصيصه لبورتريهات تشكيلية تجسد الشخصيات الأهم في حياتي، طالما خشيت اهتزاز منظومتي حال استمرار علاقتنا أو ظهورها للعلن.
أُمرِّر إليها القليل من المفردات، ربما محض تحية مساء، أو سؤال عن الأحوال. لا أردُّ على رسائلها إلا...
ولدت فى القاهرة ، وعندما تولد فى المدينة فإن أول ما تتعلمه أن تفرغ ذاكرتك من الكثير ، لأن ما هو أكثر ينتظرك ، أذكر أن أول شهادة أدبية كتبتها تحت عنوان تجديد الذاكرة ، لست أتحدث عن الذاكرة الحافظة التى مازلت افتقدها، أتحدث عن الذاكرة الخلاقة ، ماكينة الإبداع اللحظى الذى ينتج عبر تجربة الحياة...
اعتاد كل مساء، بعد صلاة المغرب، أن ينضم إلى الجالسين عند باب الجامع، بينما الفقيه وطلبته يتلون الحزب الراتب، وأحيانا يلتحق بباب الدكان الوحيد في قلب الحومة، حيث يقتعد صندوقا خشبيا، ويجلس متفرجا على لاعبي الورق، لتزجية الوقت، انتظارا لآذان العشاء.
بعد الصلاة، يملأ، بّا بوشتى؛ هكذا كانوا ينادونه،...
غادرت سفين ذات الثمانية عشرة عاما مع عائلتها دون أن تنظر خلفها عساها تنسى أيام الحرمان
من خبز طازج صالح للاستهلاك الآدمي
من الوقوف ساعات أمام محل توزيع الغاز وقبل أن تصل الى باب المحل يصرخ الموزع لم يبقى لدينا غاز
من فواتير كهرباء النظامية والمولدة التي لا تجعلها تتفرج الى مسلسلها المفضل انقطاع...
كيف اخفى (حسن) المسمارَ في ساقهِ اليمنى هذهِ المرة وبعيداً عن أنظارِ والدتهُ منذُ ثلاثةُ عشرَ عاماً على نشوب الحرب؟
شيء غريب حقاً!! كيفَ حصل ذلك؟
حتى أن الطبيب الذي أجرى العمليةَ الجراحيةَ ,كان مندهشاً وكادَ أن يفقدَ عقلهُ وهوَ يضعُ أمامهُ مسماراً فوق الطاولة طولهُ (عشرون) سم!
إنَ التقارير...
ما الذي يجعلنا نرقص على أنغام الموسيقى ؟
أسأل أمي المنهمكة في أعمال المنزل .تصمت .
لا تجيبني .و لا تبدّد حيرة في نفسي .
تبدو دائما شاردة الذهن و كأنها تسكن عالما آخر .تنهي الطبخ و تمرّ إلى الكنس .تتمّ الكنس و تنتقل إلى غسل الثياب و هكذا هي حالها من التعب الصامت .لا تتوقف إلا للصلاة .
ثم تعود إلى...
لا أقول بأن خبرتي العملية كطبيب متخصص في علاج الأمراض النفسية والعصبية وحالات الإدمان، قد تجاوزت السنوات الأربع، عملت في خلالهم في تلك المصحة على طرف هادئ من أطراف المدينة، بعيدًا عن الصخب والزحام القبيحين (أنزعج كثيرًا من التجمعات والأصوات المرتفعة)، غير أن تلك السنوات -على قلتها- كانت كافية...
صفعتني الرطوبة الدبقة، ورائحة العفونة الخانقة، بعد أن نزلت عدة درجات، لم احتج لقرع الباب، أوقفتني العتمة عند العتبة، كي تعتاد عيناي على إضاءة خافتة، تعكس خيال رجل بدين في عقده السابع، يجلس على أريكة حوافها مهترئة ومفرشها محني ،تقدمت نحوه بهدوء وعيوني تستطلع المكان، جدران رسمت الرطوبة...
استيقظت على صوت أهازيج صبايا، تنساب عذوبة من نافذة الغرفة، جعلتني أهجر طواعية نومي، وأغادر خدر فراشي الدافئ، أتلصص خلف شقوق الشيش، لم أتتبع ما تحمله الصواني والمشنات، بما لذّ وطاب، لم أرَ شيئًا، ملفوفة بقماش أبيض، تبدو مثل سحائب ترتع وتلعب فوق رؤوسهن.
أطرقت ثملًا بما أسمع، كلمات مثل نور الفجر...
يبدو أن شتاء هذا العام يحمل في تجاويفه حالة من الخوف المسكون برغبة في الانزواء بعيدا عن المحيطين بي، بحثت عن الثياب المخزنة لهذا البرد القارس، أمعنت في خزانة الأشياء المكدسة فقد تعودنا على هذا كثيرا؛ نرتق القديم ونضع عليه بصمة اليد التي تدل على أنه شذب وصار يصلح لعام آخر، وكلما مر فصل تحملنا...