سرد

كان يلفت انتباهي، في كل ندوة تقيمها جمعيتنا الثقافية، ذلك المثقف الطويل القامة، العريض المنكبين، ذو الرأس الضخم، والعينين البراقتين الواسعتين. كان يظهر في العادة، وهو يرتدي بذلة أنيقة، وفي يده جريدة، أو كتاب لا يظهر عنوانه، وتقاسيم وجهه صارمة، لا تشجع أحدًا على الاقتراب منه، أو الحديث إليه؛ إذ...
فِي مَقهَىً صَغيْرٍ، لَم يتَّسِع لِخَطواتِها...؛ نادتِ النادلَ مِن خَلفِ الزجَاجِ...! لم يَنتَبِه لهَا...؛ فأشَارَت بالمَدى، كأنَّها تَدعونِي..؛ أو.. هَكَذا تَمنَّى مَداي. خرجتُ إليها...؛ قلتُ: هل طلبتِينِي؟ نظرَت إلَيَّ بأعينٍ حِداد؛ كأنَّها مَلَكُ المَوتِ، مُتَعجّبًا من بَقائِي حَيًّا...
لا ينقصها فطنة كي تغضّ الطرف عن تغيرات أصابت المدير، فهم للشهر الثالث على التوالي يعملون لساعات طويلة وبصمت؛ رغم أن الأجر بخس، كان قد نجح ببيعهم الأمل. فآمنت بمشروعه وقررت العمل في مختبره؛ لكنه منذ مدة قصيرة بات لا يقدّر صدقها وتفانيها في العمل، ويلمّح على الدوام، بأنّها تحتكر اختراعها في ثنايا...
قلتُ لها من موقعي المُواجه للنيل: أنا أرفض كلامكِ في لقائنا الأخير، هذا من شأنه أن يُؤجّج الخلاف. قالت ونظراتها تتنقّل بين وجهي وبوّابة النادي: وأنا أشجُب كل ما جاء على لسانكَ، الوضع الحالي لا يحتمل المزيد من إراقة الكلام. قلت: لا شك أننا نحتاج إلى ضبط النفس في الوقت الراهن، الأمر يُنذر...
حدثَ هذا الأمر حينما أصبت بالإنفلونزا في تشرين هذا العام. غالبًا ما أُصابُ بها فيمثل هذا الوقت. من قبل، لم أعرف السبب، وبع د أن عرفته، لم يتغير شيء، لا زلت في بداية كل خريف أصاب بها. حرارتي لا تزال مرتفعة، انتابتني غيبوبة هذيان، أخذَ جسدي يرتجف تحت الأغطية الثقيلة التي بللها العرق المتصبب...
يبدو ان المنطق الرياضي الذي يقول إن 2 + 2 = 4، لم يعد صحيحا فلسفيا . أستاذ الفلسفة، الدكتور سمير، يقول إن هذا تركيب مصطنع، و يحتاج فلسفيا إلى براهين، والأغلب انه خطأ متداول . أستاذ الرياضيات، البروفسور صالح، يصرّ أن 2 + 2 ، بجمعهما المنطقي ، نتيجتهما أربعة، وهو سؤال رياضي بسيط وأولي، ومن...
دع عن قلبك المكابرة، وإلحق بمحبوبتك قبل أن يبتلعها الزحام، وتتوه فى الشوارع والمنعطفات، إنها ليست مجرد امراة وحسب، بل امرأة وحقبة عمر، معها عرفت معنى السكر دون خمر، هدمت كل أسوار الحزن المحيطة بك، قالت : أحبك بعدها توارت النجوم والشموس والأقمار خجلى، وبقيت السماء عارية إلا منك ومنها، ثمة...
كانت فوزيّة أرملة تعيش وحدها في المدينة، فالأولاد كبروا وتزوّجوا، وكلّ منهم يقيم مع عائلته الصغيرة في بلدة بعيدة، ابتعد عنها القريب والبعيد، تحاول التقرّب من الغرباء، تلجأ إلى حُسن الكلام وجميله، تتمسكن حتى تتمكّن، وحين يكتشفون حقيقتها يبتعدون عنها كغيرهم ممّن سبقهم. تعرّفت إلى حسين وزوجته في...
في الخارج، لما أكون وحدي, أنظر حولي, لا أحد هناك, لكنني أسمعهم يصرخون باسمي مقلوبا. ــ أميتاف؟؟ ! أميتاف؟ ! أمييييتاف !! في غرفتي، أستيقظ من نومي، أجد وجوههم أمام نظراتي الخائفة والضائعة, إنني أكرههم, أنا من يصرخ الآن في غرفة التعذيب هذه. شتمهم لي لا يمسني بتاتا, لأنني أعرف تمام المعرفة أنهم على...
سامح رشاد نصوص نثرية ......هكذا أترجلُ وحيدًا بخطواتٍ هشةٍ فوقَ عَتبات الظَهيرة التي توقّوق في الفلاةِ دائمًا لأزيحُ عن رأسي عبء الليلِ كلهِ أسحبُ كرسيّ للوراء إذ أسمع وأحس وأرى أسمعُ بشبشةِ النزولِ وجلجلةِ الضحكاتِ أتباطأ في نُزُلِ الرؤيا وأصغى لهسهسةِ رياحكِ...
على شجرة عالية متعانقة الأغصان كثيفة الأوراق يختبئ في خلسة من عيونهم الصغيرة يراقب أحاديثهم الصباحية وأسرارهم العلنية التي باحوا بها لساكني الجوار الهادئ، يهز رقبته الرقيقة يمينا ويسارا لينظر بمقلتيه الصغيرتين أسراب العصافير كفراشات متراصة على وريقات خضراء وأغصان لينة يعزفون مقطوعات السحر...
في شتاء بارد، كنا ندور حول جدتي كما لو أننا نلتف حول موقد يشع من وجنتيها الموردتين، كانت كلماتها الدافئة تسحر عيوننا التي تحدق في عينيها الزرقاوين كعيني قط. لا نسمح لأي أحد منا أن يتكلم أثناء حديثها المشوق أو حتى يسألها، لم نتذكر يوما أنها لبست ثوباً بألوان زاهية، فمنذ أن ابصرنا نور وجهها وهي...
ولدتُ لأم بلغارية وأب عربي .. أمي كانت تعمل نادلة في أحد المقاهي التي كان أبي يتردد عليها، فأعجب بها وظن أنها لقمة سهلة وهي كانت كذلك بالفعل! وفي ليلة سبت ساخنة، وبعد أن احتسيا عدة كؤوس من الخمر، رقصا بنشاط ملحوظ وحماس شبابي ثم اصطحبها إلى بيته وضاجعها تلك اللّيلة بكل حب. تزوجها بعد حملها بيّ...
مقدمة لنص مقدس لاحق: أي قدر ذاك الذي ربط حبلك السري إلى خيمة لا تأوي نفسها؟ مستقبلك محشورٌ في أحشائها، طريقك لا يزيد عن حدود أطنابها، ثمة وترٌ في وسطها ليس لتجارب فيثاغورث، ولا لمؤازرة أعصابك الرخوة، بل لتعزف عليه مقام شقائك ربما. ثمة متسعٌ للموت متجمداً " كما فعلت عائشة"، متسعٌ للتعليب في فضائك...
أتسمر عند شباك غرفتي المخصصة للنحت، أراقب المارة أمام الشقة التي أسكنها، خيفة وحذراً وفضولاً في التقصي، وإن كان محدوداً وبالنظرات فقط. غدت تلك عادة يومية لي منذ سنوات، بعد أن باغتني خيال شخص أو شيء مجهول من ورائي في قاعة عرض فنية، ومن ثم عاد قبل شهور، ليعضني في أصابع يديّ، ويضربها بإزميل تحت جنح...
أعلى