سرد

كانت الشمس تلهب الأجساد في ذلك الصباح الصيفي، حين إتخذ مكانه في صف المنتظرين عند باب مؤسسة التجارب الابتكارية ذات المبنى الشاهق. جاء إليها عقب إعلانها عن استقبالها المواطنين الذين يجدون أنهم يملكون أفكاراً خلاقة جديدة في شتى الاختصاصات العلمية والإنسانية، يمكن أن تحقق نفعاً للبلد الذي تراجع...
حملتها و أنا في طريقي إليهم. أهلت نفسي لاستقبالهم البارد الذي يلسعني في كل مرة أذهب فيها إليهم، حتى يتراءى لي الرجوع نجاة بنفسي من وقع الوجوم الذي يعلو وجه كل من يفتح لي الباب منهم، كأني زائر غريب لم يدخل بيتهم من قبل. في كل مرة أرى عليهم هذا التعبير و أراني تلك الغريبة المتطفلة على تجمعهم...
كان الخبير الأمريكي جاكوب يجلس بجواري في سيارة الادارة عندما كنا نتفقد تلك البقعة الصحراوية من الارض فإذا به يصيح .. قف .. قف هنا اندهشت من ردة فعله المفاجئة فأوقفت السيارة وأشار بيده لأعود للخلف قليلا .. فلم ألاحظ إلا صخرة تبدو كجزع شجرة ضخمه منحوتة بتجاعيد الزمن محاطة بأرض مترامية الاطراف...
عندما عجزتُ أن أبوح باسمها، شكلتُ من حروف اسمها لوحة تذكرني بها في كل لحظة بالشعر تارة وبالقصة تارة أخرى… أحاول أن أتحدث عنها، وكأنها من شخصيات إحدى القصص الخيالية، لكن حيلتي لم تكن تنطلي على أحد من الناس… يعتقد كل من يسمعني أنني واقع في الحب لا محالة. سألتني ذات مرة: ما هو الحب؟ أخبرتها أنه...
وهو يجلس الآن في ركن الغرفة، ينظر إلى جهاز التلفاز، يُحملق في الفراغ.. يرى شريطا معاكسا لما يُعرض على الشاشة.. يرى نفسه شابا في مقتبل العمر.. يحلم بأن يعيش كل الناس من حوله وضعا أفضل.. يحمل حقيبة، ويذهب إلى المدرسة.. يتعلم.. يدرس.. يفهم أحسن.. تسقط بين يديه كتب تحمل أفكارا جديدة تُعلم الناس كيف...
خرجت من تحت الأنقاض رمادي الهيئة والأحلام، تركت قلبي (هناك) ولم أسأل خطواتي عن وجهتها.. كنت كمن يمشي ويراوح مكانه، أعانق في الغربة ظلي ولا أملك سوى أماني تغرق في محيطٍ من الخوف، صوتي يختنق خلف نظراتي، تتدفق دموع جدي الذي لم أعرفه على وجنتيّ وكأن وجهي الذي يراه الناس ليس ملكاً لي، وتبدو ضحكتي...
عُرِفَتْ "خديجة" بذكائها وحكمتها، فقد واجهت طوال حياتها العديد من التحديات والفشل، لكنها لم تستسلم أبدًا، تعلمت من كل تجربة، واستخدمت ذكاءها للتغلب على الصعاب. بعد مدة، واجهت "خديجة" فشلًا قاسيًا. فقدت كل ممتلكاتها في حريق كبير، شعرت باليأس والإحباط، وكأنّ العالم قد انهار عليها، لكنها لم تستسلم...
همسات إلى (مها الرشيد) بعد عَامٍ من موتها. هَمسةٌ أولى: قيل يا مها إنَّ اللهَ وضعَ أسرارَه في أعماقِ المحيطات منذ ملايين السنين، وكلما خرجَ كائنٌ حيّ من الماءِ إلى اليابسة خرج معه سر...!، وليس للإنسانِ كي يَكشِفَ السِرَّ إلا أن يَغوصَ في أعماقِ تاريخِ قلبِه العتيق، ذلك الذي عاشَ حيواتًا...
البعد يورث في القلب جفاء وفي العقل مسارب للنسيان، اتسع الجرح وابتعد الأهل، إنه الزمن يفعل ما يحلو له، تاهت الحكايات في زحمة الحياة المغلفة بالأنين والوجع، جاءت النهاية مبكرا، لقد صارت الأشياء معكوسة، انفلت عقال النساء، شاخت ظهور الرجال، كأن القيامة على بعد خطوة، حاولت مرارا أن أكتب عن الأحلام...
تشرق الشمس كعادتها كل صباح من بين أوراق أشجار حديقة جاري الذي يتفنن في إيذائي _ دون قصد_ لكنه ما زال يبجلني يرسل لي كل يوم يطلب مني التنازل عن بيتي العتيق الملاصق لسور حديقته، يقول أنه يخشى أن ينهدم فوق رأسي، هو يحبني .. لا أشك في ذلك، ولكن في الحقيقة أنا لا أعلم كيف سمح لسور حديقته أن يلاصق...
1- ابتداءً لابدَّ من إيضاح أنَّ هذا المكتوب تحقيقٌ لمخطوطةٍ كُتبت عام 1970م، لأحدِ أفرادِ القرية التي أنتمي إليها، وهو حين غادر وعيُه إلى حيث لا أدري، تركَ أشياءَه في صندوقٍ بُني قديم. لم أجد من هذه المشاهد إلا ما هو مُدوّن هنا، ومازلتُ أبحث عن أوراقٍ تُكملها أو تُضيف عليها. وقد أنشر لاحقًا...
لحظة عبوري الجسر مبلّلا كنت حذرا متيقّظا، وقد استوقفني مشهد صادم لخصومة شرسة بين غريبين ،لا أعلم كيف انزلق كاحلي من الدرج لحظة عادت بي الذكرى إلى تلك الحادثة الأليمة منذ عشريّة مضت ، مجرّد سماعي لنبرات أصواتهم و لهجتهم الأجنبية المتصدّعة أربك هدوئي النسبيّ .... *** يومها إن لم تخنّي...
جلست يوما بين الخمائل والورود والرياحين، فى روضة بستان، إقتربت منى زهرة جميلة، سبقتها رائحتها الطيبة العطرة، آلمتني دموعها التى فاضت، حسبتها فى البدايات أمطار تروي الورد، سألتها عن سبب البكاء فقالت : أبكي من الإنسان الذى يلوي أعناقنا ويذبحنا، ويسوقنا ويبيعنا كالعبيد، ونحن الحرائر، غير عابيء...
عزيزي اليوم .. عندما فتحت نافذتي، استقبلتني نسمة الصباح الباردة؛ فلثمت وجنتي لثما خفيفا؛ فتذكرت اليوم الذي التقيتك فيه في ذلك الطريق ذو الأشجار وارفة الظلال والمصطفة على جانبيه، عندما كانت في مدينتنا أشجار! ثم انحنيت أنت على تلك الطفلة ذات الجديلة الواحدة والمدلاة خلف ظهرها؛ فلثمت وجنتها برفق...
دَوَامُه يستغرقُ معظم ساعات نهاره، وجزءًا من اللَّيل. الحارسُ جالسٌ لا يتزحزح عن كُرسيِّه الحديديّ المُتهالك الصَّدِئ، الذي اِسْتبدَّت عوامل الزَّمان به، وعبثت بلونه المَمْحِيّ لم يبق من طلائه الباهتٍ إلا بُقَعًا متناثرة؛ يصعُب تحديد أو تمييز لونه الأساسيِّ. رغبته الدَّائمة في الجلوس في زاويته...
أعلى