- ما الذي ذكّركِ بيّ؟!
سألها بعد أن رآها تقترب منه لتميل عليه بجسدها كله على مرأى ومسمع الآخرين بينما تركتْ أصابعها تتسللُ ببطءٍ نحو هامته المتيبسة حتى سرتْ قشعريرة في كامل جسده الطويل، فارتعش بقوةٍ ولذةٍ تاركًا إياها تعبثُ به وتدندن قائلة:
- ومَنْ غيره .. إنه الحب الذي سرى بداخلي منذ تفتّح...
كنت جالسة على مقعد في الحافلة التي كانت تسير تحت المطر الغزير ،
ولما لاحت مني نظرات إلى موقع أقدام المسافرين على أرضية الحافلة والتي كانت مبللة بمياه سوداء أتت بها الأحذية من الخارج ،من الأسفلت .
بعدما انتهى تركيزي على ذلك ، وبعدما عدلت من جلستي ، تبادرت إلى ذهني فكرة مفاجئة : '( إلى أي مدى أن...
لم أكنْ حاضرةً حين تقاسمَ أخوتي تركةَ أبي وأمّي من كوكبِ الأرضِ
كنتُ منشغلةً بخياطةِ كفنٍ واحدٍ لهما كما أوصياني
بعد أن قضيا إثرَ نوبةِ عشقٍ تصاعديةٍ جاءتْ كالموتِ الرحيم
ثم كان عليّ حفرُ قبرٍ لهما بأظفاري التي تآكلت لتحفظَ قدسَهما
لمّا عدمتُ قوةً عضليةً تؤهّلني لنبشٍ وردم
وحين عدتُ
قال أخي...
كان على الموت أن يأخذ روحاً صغيرة، لطفلٍ صغير، في مدينةٍ صغيرة، في مكانٍ ناءٍ على سطح كوكب الأرض. في اليوم الموعود نزل، نظر في ساعته فوجد أن الوقت لا يزال مبكراً، وكان مكتئباً جداً فقرر أن يتسلى قليلاً، فتنكر في هيئة عجوزٍ بلحيةٍ بيضاء كثة وشعرٍ مسترسلٍ بلون الثلج، تمشى قليلاً عبر طرقاتٍ غير...
قررت العيش بدونها. نعم، مللت زرع أعضاء ليست لي، ترفضني، تستغلني فتجعل مني خادما مطيعا لرغباتها وشهواتها. تظن أم أولادي بعدما لاحظت كثرة التغيير الذي أحدثه بوجهي كل مرة أني زير نساء، حتى أنها أسرت إلي ذات ليلة، بجمالي ورمانسيتي المفرطة، هي التي قبلت الإرتباط بي فقط هروبا من عوزها وطمعا بثرائي...
هذه خامس حصالة من الفخار أكسرها وأعد النقود التى وفرتها مما تقاضيته من صاحب مسرح الأراجوز،
إنه شحيح وبائس يعيش بمفرده فى بيت قد خصص جزء من مساحته للمتفرجين ، جلّهم من الأطفال الفقراء الذين حفظوا العروض ، كنت أستمتع من خلف الستار وأنا أصغى لصغيرتين ترددان الحوار المفترض ما بين العروستين السوداء...
حديث الروح للروح
نرسله لمن يقرأ و يكتب بوعي و ضمير دون أن يجرح الآخرين
أينما كنتَ لا ينبغي ان تهجر القلم و الأوراق، رغم الضوضاء ، جلست في زاوية من زوايا محل بيع المثلجات، كنت أشعر أن المكان خالٍ و لا يوجد فيه متسوقون
لم أكن أنتبه لمن يروحون و يجيئون و من يحيطون بي، رغم أني أراهم و أتابع...
تركت زوجها في مكتبه. صنعتْ الشاي، وخرجت إلى الحديقة. الجو في بداية أيار كأوراق النعناع، وأزهار الياسمين والورود الجورية تبعث في المكان روائحها بسخاء. رف من العصافير مر من فوقها، وهو يغرد، تبعه غراب أسود وهو ينعق. تساءلت في نفسها إن كان يعبر عن فرح أو حزن. وضعت صينية الشاي التي عليها إبريق صغير...
حاميد اليوسفي
قصة قصيرة
وقف علال أمام دكان بائع الدجاج، ينتظر دوره.. قِطَعُ اللحم معروضة أمام الزبائن.. يمكن أن تطلب ربع أو نصف كيلو أو حتى خمسة دراهم.. كل واحد يقتني حسب جيبه.. البائع يفتح المُبرّد، ويأخذ طائرا مذبوحا، ومُنقّى من الريش، يزنه ويحدد ثمنه بالآلة الحاسبة، ثم يضعه في كيس من...
ج8 والأخير
محمد عبد الهادي
كلما وصلني خطاب من سمر يحتوي على مجموعة صور جديدة لأمل يزداد ندمي على القدوم للعمل هنا، فرغم استقراري بالمعمل وارتياحي التام لزملائي وللمشرفين على إدارته، إلا أن شوقي لرؤية ابني البكر يطغى على كل اعتبار آخر، طلبت منها أن تقوم بتصويره شهريا لأتابع ولو من بعيد مراحل...
تشاغل عن الحرِ الشديد بمتابعة خنفساء حائرة في اختيار الطريق المنجي لها .. كأنها شعرت بوجوده قربها.. رأى في حركتها المتعرجة حبًا للحياة لا يوازيه شيء آخر ..
حمل بين أصابعه بعضًا من ذرات الرمل وأهالها عليها .. سكنتْ قليلًا ثم واصلت حركتها .. ربما لها أحلامها .. ربما الغد يعني لها شيئًا ..
صوت...
بعد أن سألها الطبيب عن أعمارنا .. أجابته وثمة قلق في عينيها:
- سيكمل الأربع سنوات بعد شهرين ثم حملته لتجلسه إلى جانبها.
أمسكتُ يده بشدة وقلتُ له: لا تتركني لوحدي معهما في الغرفة!
ابتسم مدركًا أن وجودهما قربي بدأ يزعجني .. سيما وأن نظرات الطبيب كانت موجهة صوبنا .. لقد تيقنتُ أن حديثنا كان يصل...
انتبه فجأة من غفوة لا يدري كيف طالت حتى امتدت لساعات من النوم العميق، يتفصّد جبينه عرقا رغم برودة الجو، تغرق الغرفة في ظلام لا يكسره إلا بصيص ضوء قادم من الشرفة نصف المغلقة، يومض هاتفه بضوء يبرق ويختفي بانتظام ينبي عن قدوم اتصال، "الهاتف على الوضع الصامت" فكر باستياء، فهم لماذا لم يستيقظ رغم...
ببساطة شديدة يمكنني القول إنَّ البريكان كان أحد محاوري “بورخس” على الرغم من كل الاختلافات الشكليَّة التي خضع لها كلٌ من الشاعرين من حيث اللغة، المكان، طبيعة التجربة، العمى، الوضع السياسي، وغير ذلك. وما أعنيه بالحوار الشعري الإنساني بينهما، هو ذلك الشعور العفوي بحقيقة الحياة أو جوهرها الواضح الذي...
عند الأصيل والشمسُ تَمَصَّصُ رِيقها، التقيتُ الأديبَ زَكي مُبارك على شاطئ دِجلة، عند مقام سيدنا الخَضِر بجانب الكرخ من بغداد. كان يُسند ظهره إلى أصل شجرة صغيرة لا تكاد تُلقي عليه شيئاً من الفَيّ؛ لتفرُّق أغصانها وقلّة أوراقها، مُفترشاً الأرض، مُلتحفاً الأغصان وظلّها غير الظليل..
سلّمتُ على...