سرد

وقفت قُبالة مرآتها تدقِّق نظرها في محاسنها الصّارخة ، تميل برأسِها تتجاوب وهمس فتنتها الذائبة بين ثيابِها الرَّخيصة ، تُضاحِك خيالها المُتَراءي في وهجٍّ ، سرعان ما تُريق كؤوس جمالها شهية تنطق بآياتِ الجلال ، ببطئ تتحسّس خصرها المفتول ، تستنطِق طراوته ، تنثني في ميوعةٍ ، فترسل لواحظها اللّينة...
اقتحمها العطرُ النافذ ، حين كان زوجُها ينظفُ ثوبَ الدمية الجميلة المعروضة للبيع ، والذي اتسخ من عوادم السيارات والغبار المتطاير من أحذية المارة . أسند ظهر الدمية بجوار أعواد البخور - التي أشعل بعضها لجذب الزبائن - وعلب الثقاب وعلب السجائر الرخيصة على سورمستشفى الأورام ، الذي استأصل فيه...
"كنت صايع فين؟" صاحت الزوجة بأعلى صوتها ثم تبعت ذلك بضحكة عالية ساخرة اخترقت أذنيّ الزوج وهو ينهل من كوب الماء المثلَّج، وقفت المياه في حلقه حين زعقت بعد ذلك بكلمات غاضبة وكأنها اصطادت صيدًا ثمينًا: - تعالى شوف حبيبة القلب كاتبالك أيه؟ عمل عقله سريعًا، تذكَّر أنه قام بفتح جهاز "الكمبيوتر"...
جمعتهما ساعةُ نشوةٍ ، وفرّقهما اضطرارُ حال .. هي الربيع الرافل في جذلِ المتعةِ ، الناهل من عسلِ الفصول ؛ وهو الزائد من لذاذات الدنى ، الفاقد ليالي المسرّات . جمعهما شوق الكلمة ، وفرقهما حسابُ المسافات . هو القائل : " لا بد من أنْ نحوكَ خيطَ الوصل لنحقق نجازة المستحيل " . وهي القائلة : " تبقى...
وجهُك الذي يقاسمني الوسادة، صوتُك إذ يعشّش بين نبراتي، ظلّك الذي يحتلّ معظم مقعدي، صورك إذ تطلّ إليّ من المرايا، كلّها اعتادت أن تلحّ عليّ غصّاتٍ تناسلت من صرختي التي كتمتُها عند موتك.. لم أبكِك يوم سُجّيتَ ها هنا. لم أصرخ ولم أذرف دمعاً.. نظراتُهم ما زالت تلاحقني بألف سؤال: كيف ملكتُ أن أبدوَ...
فكّ المحقق قيد ماجد وقاده برفق من عنق الكيس الذي يكسو رأسه ورقبته إلى كتفيه .. لم يجد ماجد طيلة العشرين يوماً التي قضاها في هذه الأقبية السوداء أي رفق إلا هذه المرة .. كانوا يجرونه بعنف شديد كبهيمة تجرّ إلى الذبح .. عشرون يوماً قضاها بين الضرب والشبح وصعق الأعصاب بأساليبهم النفسية العنيفة ...
وضعت عطرها ذا الرائحة المثيرة، ارتدت ثياب الصيف التي تشب منها فتنة عارمة، رغم أنها تجاوزت الأربعين ، لكنها لا تهتم إلا بنفسها. صباح هذا اليوم مختلط بحزن شديد، الدماء التى نزفت على قضبان الحديد في عبث مثير قل أن يوجد في بلد آخر، حتى وجدتني أكره ذاتي، رائحة كريهة توشك أن تعم كل الأمكنة، الأفكار...
تتناهى الى حواسي ضحكات الأطفال وأصواتهم الصاخبة تشتتني وكأنها من بعد كوني آخر.. تباغتني رطوبة زخات المطر ومشهد وريقات الخريف المتناثرة، أرهف السمع لهديل حمامة تنادي وليفها على حافة نافذتي، تدغدغني نسمة هواء عابرة تحمل رائحة قديمة أعرفها، بين يدي كتاب قرأته مئات المرات ولا أتذكر منه كلمة، أقلب...
كيس جلدي مبطن بفرو أحمر ناعم ، يفتح من الجانب بشريط أسود يتسع لشخص واحد ، الكيس متين ونوعية الجلد ممتازة جدا ،مع مخدة إضافية صغيرة، وجيب له بطانة بيضاء... بنظرات متقدة حماسة يسترسل الشاب وهو يقلب الكيس بصعوبة أمام ركاب الباص الذين اكتضت بهم المقاعد لدرجة أصبح الالتفاف والحركة صعبة ، لكن كلمات...
هي ليست هي أو لعلها هي!! تقطع في خط ليس له مقطع!! تقذفك بحجارة من كلمات وتطاردك فوق أو تحت الأرض....تلهمك ،وتبعثرك ،وتبعث في داخلك حكمة الحمق المطلق ،ويقين العبث المضني. تلعنها.... وتلعن نفسك،وتلعن كل رجال ونساء الأرض، وتلعن يوم جاءت هي ، ويوم أتيت أنت. تطردها ليلا، وفى الصباح ، تجلس على حافة...
يبدو المساء حافلًا وجميلًا، حفيف الشجر وموسيقى التساقط الذي يبتدر لغةً جديدة للتسكع في شواطيء《جانو سان ووكا》، وتلك البيوت المصنوعة من خشب الصنوبر تُحرض البحر على التملُص من هيجانه الشره ويرتدي سطوة السكون، كما العشب والطين المتماسك. اراقب شبح النملة، النملة التي تحاول التأقلم مع شتاء الأشياء، مع...
سحبت آمنة خيوط الضوء المتسرّب من خلال كوّةٍ صغيرة قابعة فى قعرِ التوق، بدا الخيط الأول هشاً، بالكاد رتَقت عُريه البارد ليتآلف من جديد بإرتعاشٍ خافت، وعادت بخطواتٍ حثيثة، ترنو نحو إمتداد قسرى يلتهم بقايا ملامح مُبهمة،إستكانت لفرحٍ مؤجل. ترنح الضوء بإنكسارٍ باهت وإصطدم بنتوءٍ بارز نزع سدادة...
"تفاءلوا بالخير تجدوه"، قالها أبي يوماً. وبالتحديد قبل ساعاتٍ من إصابة إبنه البكر يونس، أي أخي، برصاصة طائشة في كتفه أثناء احتفالية نجاح إبن جارنا ممدوح في البريفيه. وقالها قبل يومين من احتراق جزء من دكانه الصغير نتيجة احتكاك شريطي كهرباء،على الأرجح أن كلٌّ منهما ينتمي إلى طائفة مختلفة...
صرخ سيد أفندي في زوجته متأثرا : اطفئي هذا التلفاز؟ أقبلت حسنية نحو زوجها مذعورة : ماذا بك يا سي السيد؟! همس سيد، في غضب : ما نراه من بشائع سببه هو أن تولى أمرنا وأمر العالم مجموعة من السفهاء. قالت حسنية، في تعجب : سفهاء!! إنهم حاصلون على أعلى الشهادات والدرجات العلمية، بل ومنهم أساتذة في...
أعلى