سرد

كعادة هاتفي لا يتوقف عن الرنين قبيل الإفطار وأنا منهك -ابنتك تشتهي كنافة ساخنة -حاضر ياسيدتي وماذا بعد؟ - نسيت أن أخبرك بأنني أعدت لكم حساء شهيا اتفضل العصير مع بعض حبات التمر أم يكفي اللبن؟ -نعم أنا قادم لا تطيلي الحديث في البيت نتكلم - دائما أنت عصبي المزاج فكيف وأنت صائم! لا تسمح لي...
في حديقتِه الجَمِيلةِ، جَمَعَ الجَدُّ أحفادَه أسامةَ ومحمداً وفاطِمةَ . واصطَحَبَهُم إلى خَيمةٍ أقامَها في جانبٍ من جَوَانبِ الحَديقةِ. كانَ الجدُّ قد وَضَعَ لافتةً علَى الخَيمةِ، كَتَبَ عليها:"خَيمةُ الأُمْنِيَات". تَعَجَّبَ الصِّغارُ عِندما رَأَوا اللافِتَةَ. سألتْ فاطمةُ: و هَلْ للأمْنِياتِ...
في بَواكيرِ شبابي ، كُنت انتظر مَقدِم الرّبيع ، انتظار القروي السّاذج ، اختلِف إلى الحقولِ ؛ خِلسة اترقّبُ الأُفق الممدّد فوقَ بساطها المموّج ، بخضرتهِ السُّندسية المخضلّة ، وكأنّني ارقب ميلاد الحياة ، تنتابني هزّة اندفع ساعتئذٍ اطالِعُ في اجلالٍ الفضاء الوليد ، حين تَشعّ فيهِ بوادر السّكينة...
تووووووت تصدر الأنسة مها صوتا مصفّراً كأته صوت قطار تمسك بخاصرتي وتدفعني أمامها وندور معا حول الطاولة؛ هذه لعبتي المفضلة، سأكون يوماً ما سائق قطار ، لكني الآن لا أرغب في اللعب، أشعر بالتعب ؛ أتوقف، فتقودني الأنسة مها وتجلسني خلف الطاولة وتضع أمامي أكواماً من ورق ملون؛ تتناول يدي وتضعها فوق مجسم...
بيد مرتعشة، في عتمة الليل المنسية، حيث لا تمر مشاعر البشر، ولا يوقظها ضميرها في عز النوم، استل الحقنة، باحثا عن عرق ما زال ينبض بإشارة حياة. بإبهامه وسبابته والوسطى، أخذ يجس نبض هذا الجسد، أين يا ترى يمكنه غرس هذه الشوكة اللعينة التي تبعث الرحمة بعد ألم، والحياة بعد إطلالة على شرفات البياض، هذا...
الشمس تنتصف السماء والطالبات يتدافعن لشراء الآيسكريم مما يجعل للآيس كريم طعما لذيذا مع حرارة الجو، الفتاة التي أخذت الآيس كريم لا تتردد في أخذ رقم هاتف الشاب الوسيم المدون على باب المحل وصوت أخرى وراءها تقول: ماذا ستفعلين بالرقم؟ تنظر إليها شزرا وتقول: لا دخل لك فيما أفعل. هكذا يتورط الشاب في...
غريب لا أعلم متى سأصل إلى داري، منذ آويت إلى هذه الحارة أعاني من الوحدة، لا أحد يهتم بي؛ تنفر مني النساء يبدو أنني مصاب بالجرب، هل كتب علي التشرد في بلاد الله؟ أشعر بأنني بلا جذر يشدني إليهم، أو على أقل تقدير لم أجد منهم اهتماما، إنه ازدراء بلا سبب، ربما لخلقتي السوداء المتفحمة، رغم أنهم لا...
"مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ" - رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 19- : ياصديقي العزيز، لا طوب لي، لكنّي أسمع تهشّمًا في داخلي، له دويٌّ كدويّ انهداد المباني الكبيرة، وفي أكثر أحوالي أكون هائمًا تائهًا، في وسط هذا الخراب المسمّى عيش، أفتّش-...
الليلُ، كلما مد أطنابه وأصماني بسهمه، أحاول، دون جدوى، أن أتصالح معه، ولكنه يصر، من جهته، كلّ مرة، على أن يتحدّاني؛ فينام "على جفوني"، ويجفوني.. نصحني الأطباء، الذين زُرْتُهم، بالرياضة، وبشرْب كوب حليب ساخن كما الأطفال، وبطرد الوساوس قبل النوم.. "هـراء!.. من يجرؤ على طرد وساوس الحوب في زمن...
فَرْمَل بحوافره على حدود التماس. تناثر غبارا وترابا متراقصا ومتخللا في لوحته دمعات العرق المتصبب بغزارة مفاجئة، كأنه رعد انفجر من أعماق السماوات. وما كانت من غيوم منتشرة في هذا الفضاء. كانت رعدا مدويا ترجمه الصهيل المخرس الذي لوى به اللجام عنق هذا الفرس الأصيل. كانت اعتراضا على رغبة هذا الفارس...
لا تجد الكلمات طريقها إلى حلقه. و حين يستدعيها بإصرار، يشعر أنها ذات حواف مسننة ، ترسم مجرى داميا يزيده ألما. كما تتتابع الأفكار عبر شريط متقطع يتوالى بعسر شديد، و كأنه يشفق على حاله حين سيرى بعينيه في النهاية موت آخر أحلامه. لن تجده هذه المرة. و هي على الأرجح ما عادت في حاجة إلى هذا الوجود...
كان زملاؤه في الجامعة ، يسمونه " اللصقة " فما من مرّة رأوه مقبلاً نحوهم ، إلاّ وسارع أحدهم لتنبيههم ، قائلاً في حذر : - جاء اللصقة .! . فينسحب بعضهم قبل وصولهِ ، بطريقة ذكيّة قائلين : - لنهرب .. قبل أن يحلّ بلاؤهُ علينا . وسبب هذا يعود إلى ظروف " عبد الله " القادم من الريف ، ليتابع...
مازال هذا الفجر‮ ‬يسكبني برفق مؤلم علي سرير رجل مصلوب،‮ ‬ويحاول الربيع المنهزم أن‮ ‬يتلو بعضا من دفئه علي آثار الصلب من حولي،‮ ‬هل فقدته وفقدت الوطن،‮ ‬بخلت عليه بالقبلة الوحيدة التي طلبها مني،‮ ‬علي أمل ألا تكون هي القبلة الوحيدة والأخيرة،‮ ‬عندما قال لي لأول مرة منذ تقابلنا من سنين‮: ‬هل لي...
دقت الساعة معلنة منتصف الليل؛ تتحرك الوساوس والخيالات محدثة صخبا لايدري به إلا من تلبسته الظنون، ثمة حفيف لأوراق الشجر يترك فزعا، تموء في تلك اللحظات القطط الثلاث التي رزقنا بها؛ انضم جرو صغير إلى الكلبين الذين ضربهما العجز، عله يفلح في أن يأتينا بجديد، كل شيء هنا اعتاد الرتابة، يمضى النهار دون...
بت أتساءل لم تظل القلعة أعلى الجبل تثير كل تلك الحكايات؟ جميع سكان المحروسة يخافون منها، جن أحمر يصرخ في عتمة الليل، تبدو خاوية! هل ستبقى الأريكة دون أن يعتليها أتابك؟ تجري الخيول غير آبهة لما يدور في الحواري، نترقب موكبهم، يهتفون بحياة القادم شاهرا سيفه، أتسلل من بين الجموع، أبحث عن السلطان...
أعلى