قصة قصيرة

بعدَ أن أغلقتُ باب الحمّام عليَّ خلعتُ عني بيجامتي ورحتُ أتفحص جسدي جيدًا للتأكد من عدم إغفالي شيئًا ليلة البارحة. أخذتُ أفكر : ابتلى اللهُ الفتياتِ بشَعرٍ في أجسادهن إلا أنه أنعمَ عليهن بماء الورد المُريح من الألم… وقفتُ تحت الماء الساخن مستمتعة بانزلاقه فوق جسدي الأبيض البضّ، الناس لا يعرفون...
من على مقعده وراء الحاجز الخشبي، يطالع عبدالله الناس بانتباه، مؤملا أن يلحظ الأفاق الذي سرق ماله. لقد أعطاه جل ما يملك، ولولا مساعدة زوجه، لما تمكن من فتح هذا الاستوديو صغير الحجم، يعتاش منه وأسرته. ورغم أن كثيرين استسلموا لليأس، بعد انتظار طويل، مازال عبدالله يعيش على أمل استرجاع ماله، ويحلم...
حينما رأيت شجرة توت في شيكاغو، لم أفرح حسب بل كما يقال عندنا في العراق “كدت أطير فرحاً”، بالرّغم من علمي ألّا أحد طار سواء أكان فرِحاً أم مغموماً. المهمّ أنّني أسرعت نحوها. وقفت تحتها، رفعت يدي باتجاه أغصانها المتدليّة التي أثقلها حملها بثمراتها الشّهيّة. كان التوّت السّاقط منها كمّاً كبيراً،...
شاء القدر أن تزل على قيد الحياة، بعد نجاتها من حاث مروع على الطريق الصحراوى، مات زوجها فى الحادث الأليم، أما هى فكانت اصابتها خفيفية مع كدمات فى الرأس، أسعفتها نجدة الطريق وأدخلتها المستشفى القريبة من المكان، وقامت بإجراء عملية بسيطة حتى كُتب لها النجاة. خرجت بعد أيام قلائل من المستشفى، فوجدت...
وبكل ما أوتيت من قوة قفزت فى جوف البرميل البلاستيكى الكبير ، وانكمشت فى الظلمة التى يعلوها قبة من الضوء ، خائفاً .. مرتعشاً . كان واحداً من عدة براميل كبيرة ومتجاورة بلون أزرق قاتم ، مصطفة دونما انتظام بجوار حائط رطب . ولحظة اندفاعى تجاهه استطعت أن ألمح قليل من النفايات المنزلية تنتشر حوله ...
أعرف أنني سأموت منزوياً في طريق عام، هناك بجوار قاعدة أسمنتية لكوبري علوي. سوف يكون الشارع خاليًا من المارة تقريبًا، غير أنني أرى بوضوح الكلب مبتور الساق الذي حدق بي. سوف يتأمل المشهد طويلاً، دون أن يفهم لماذا يموت البشر هكذا في الشوارع!! أستطيع الآن أن أشم رائحة اليوريا وهي تخرج من أعضاء...
وضعْتَ حقائِـبكَ المتعبةَ على مصطبةِ المدخلِ، تنفسْتَ الصعداءَ، خفتَ لهاثُك قليلاً نظرْتَ إلى الأفقِ الرَّماديّ وراءَ سهولِ "ملامرس"(1) حيثُ كلُّ شيءٍ يتلاشَى هناك. فتوغّلتِ المسافاتُ في داخلِك. لم يتغيرْ شيءٌ في هذه القريةِ منذُ رحيلِكَ، فهي تستظلُّ بأشجارِ الحورِ والتُّوِت وتتكئُ على تلةٍ...
“ الثالثة صباحاً.. ليل إبريل العذب يأتي عبر النافذة، تداعب نجومه عيني.. أنا لا أستطيع النوم.. أنا سعيد جداً. يغامرني شعور غريب، شعور غير مفهوم، من رأسي لقدمي.. لا أستطيع وصفه الآن.. لا أمتلك الوقت لهذا.. أنا كسول جداً. لماذا يجب على المرء أن يشرح مشاعره حين يطير من برج مثلاً أو حين يعلم للتو...
كان كل واحد في الصالون الأنيق يقول .. أنا .. أنا .. أنا .. الجراح الكبير ينفث الدخان من سيجار مدلى من فمه كأنه مدخنه وابور طحين .. و يلتفت حوله في زهو .. و يلقي الحديث على أصحابه في كلمات مرصوصة منمقة .. - أنا .. أنا .. أنا لما كنت في مستشفى هيدلبرج في ألمانيا .. عملت العملية دي لوحدي و من غير...
على القمة العشبية للتل المرتفع، المطوق سفحه بغابة بدائية من الأشجار المتشابكة، تقف القلعة القديمة لأسلافي. طوال قرون كانت أسوارها الشامخة تنظر لأسفل بوجه عابس نحو الجانب البري الوعر من الريف. كانت بمثابة منزل وحصن للعائلة العريقة القديمة، أقدم حتى من جدران القلعة المكسوة بالطحالب. هذه الأبراج...
قابلته لأول مرة في فندق بمنتجع للتزلج. في الحقيقة، من الصعب تخيل أن أتصادف بشخص مثله في مكان غير ذلك. المرة الأولى التي رأيته فيها كان جالسا في رواق الفندق، كان الرواق مزدحما بالكثير من الشباب، وكان الجو صاخبا والضوضاء في كل مكان. أما هو فقد كان جالسا في ركن بعيد بقدر الإمكان عن الصخب، المدفئة،...
كانت الأيام الأخيرة من هذه الصائفة أشد حرارة على الجبهة الاجتماعية والاقتصادية لم يشهد لها مثيل.تخللتها اضطرابات وتوترات هنا وهناك فعمال مصنع العربات الصناعية لا يزالون في إضراب مفتوح منذ أسبوع ولم تستطع النقابة تلبية مطالبهم أو افتكاك بعض منها حتى المفاوضات مع الإدارة تعطلت بسبب المواقف...
» اِقْرأ يا » حمّة « بصوت خافت. لا تغنّي يا ولدي ! ورتّل القرآن ترتيلا ! « ظلّ المؤدّب يردّد هذه اللاّزمة كلّما علا صوتي في الجامع الكبير. يردّدها لنفسه وللعالَمين. ويستعيذ بالله من الشّيطان الرّجيم همْسا وجهْرا وَيُهمهم : - في صوت هذا الولد غواية ! والعاقبة للمتّقين ! وما كنت أعرف الفرق بين...
ترتعد فرائصه وتصطك أسنانه فالبرد الشديد داهمهم قبل أوانه، ينفخ فى باطن يديه كي يوقظ أصابعه التي اعتادت ان تمسك بالساكفون الذي يعزف عليه في محطة المترو، هاهي قد حانت ساعة مجيء الرجل العجوز الذي رباه منذ لا يعلم متى!؟ يكفي انه ذكر في مرة معلقا... لا تتعبني ورأسك بالتفكير أين ومتى لقيتك مرميا على...
تمّ نقلي فجأة إلى بلدة نائية، وشعرت أنني طفلٌ انتُزع من حضن أمّه، وكانت تلك حقيقة لا مجازاً، فقد كنت شديد التعلّق بأمي التي تقيم معي، كأعزب يرتّب خطواته للزواج القادم، كانت أمّي مؤنستي وناصحتي، وفيما عدا ذلك كانت مديرة شؤون حياتي، وشجرتي الظليلة، التي آوي إليها من هجير العالم ، أما ذروة المأساة...
أعلى