قصة قصيرة

حين تمزّق خيوط الرمضاء غلالة الصباح وتتناثر على مأواك القابع بشجيرات النبق الشائكة، أمل جديد يدخل إلى قلبك يا شعبان،فتُماشي شويهاتك الوديعة إلى بقايا سنابل بعثرتها أسراب الطيور،واستهوتك سخال تُمأمئ بين الروابي ! فتناسلت أعشاب غبطتك ونسمات الصّبا ملأت رئتيك، فرحتَ تحوم بالأحراش فعثرت على جروٍ...
كل الأشياء التي تزعجنا نعتادها في نهاية الأمر بعد التكرار، هذا بالضبط ما خطر لي وأنا أعد له فنجان القهوة قبل ذهابي إلى الفراش، ليرفع سماعة الهاتف ويبدأ مسامرة صديقه. كنت في المطبخ، أتأمل ماء القهوة السميك وهو يتقلب ويخرج فقاعة كبيرة قبل أن يغلي ويفور، ضجراً من نار الموقد الحامية، كما ضجرت أنا...
لا ثمّ لا .. لا وألف لا .. لا حَيْل لي لقراءة كتاباتي ثانية عناويني لوحاتٌ شوارعية تجعلني أحيدُ عنها عندما أراها أحنث بها كيمينٍ كاذب .. كشهادة زور كأنها تصيح بي أن لا أعاود السير حذاءَها ولا قِبَل لي لتدقيق ما كتبت .. لأني لو عاودتُ قراءة أسطري سأشطبها كغلطٍ شذّ به قلمي .. وشططٍ شطَّ...
كانت غيوم الحزن تغرقنى، بينما أرى العيون من حولى تقدسنى، وأنا أقف خلف الميكروفون فى الأوبرا.. أعضاء الفرقة الموسيقية مُمسكين آلاتهم الموسيقية بحماس.. أرشق نظراتى فى القاعة المكتظة والتى كان الواقفون فيها أكثر من الجالسين.. لحظتها كنت أوشك على البكاء، لا تعتقدوا أنه بكاء الفرح، بل هو بكاء...
وقف على شاطيء البحر بقامته العالية كنخلة في الوادي ، لا يرتدي غير سروال قطني قصير ينتهي أعلى ركبتيه , قدماه العاريتان كمرساة سفينة خشبية, ساقاه يابستان تنفر عروقهما من تحت جلده المعرج فتظهر ككثبان رملية كتلك التي تحيط بمدينته , ظهره لفحته الشمس حتى صار بلون خبز جدته اليابس المقمر في تنورها...
تشرعُ نافذةَ المقعدِ الأيسرِ الخلفي لسيارتها ، تجلسُ متململةً في مشهدٍ يومي . تلوبُ الأفكارُ في رأسها . تسألُ عن مآلها في هذا الطريقِ المرسومِ ، وعن موقعِها في خريطةٍ رسمتها بيديها ولم تجدْ لها مساحةً لنقطة تحتويها . الكراساتُ في الحقيبةِ بجوارِها . تلتفتْ إليهم وتبتسم . لا شيء يؤنِسُها سوى ما...
تلك السحابة التي تظللني , لم تمنح أشعة الشمس فرصة اللقاء بأهداب الأمل . فتراكمت حفنة أحلامي .. تقوقعت داخل محارة السكون . قوافل الأيام تمضي .. وأحلامي ترفض المضي معها.هزأت مني أسراب الطيور وأنا أخطو نحوطريقي. وتداعت ذرات الرمل متوجمةمن خطواتي الجديدة فوقها. ذرات حاولت استجماع قواها لتشكل حصى...
نظرت من نافذة الحافلة، اندهشت من الصف الطويل المتعرج أمام إحدى بوابات المطار تنهدت بعمق وأنا أفكر كيف أتحمل متاعب المطار مع أطفالي وكلي شوق ولهفة أريد أن أطير على أجنحة السرعة. شهران وأنا بعيدة ..لا أنكر أنني استمتعت بهذا البلد الجميل ولكن شوقي إلى بلدي يفوق كل شيء ..نزلنا من الحافلة ورذاذات...
في هذا اليوم الغائم... وأنا أراه يصعد إلى الطائرة التي غُرست في مقلتي.. لا أدري لماذا طاف بي طائف من ظنةٍ تكاد تغزو لبي وكأنها مارد من يقين... حينها..أحسست أن أشواقي لن تتعلق بتارة بينٍ أو تارات.. إنما سترحب آفاقها .. لوحت له بكفٍ أدركت أنه لن يراها .. وأنا ألصق وجنتي ببلور النافذة البارد ...
لقد أصبحت لعبتها الكبيرة دعها تتسلق أحلامك حتى مطلع النور ومهبط البوح لم ركنت الى غار الحكمة ونسيت منازل الأنوثة؟كيف استطعت أن تصفع بغبائك أقمارها الشاردة في ملكوت النشيد ؟ الم أنصحك أن لا ترفض قلب امرأة غلقت أبوابها وتبرج النرجس في خوخها وتفاحها هيت لك؟ إن الأنوثة طاغية وتقد قمصان القلوب...
البحر يمتد بزرقة لانهاية لها..... الشمس تسعى نحو الغروب... ... الناس يتجولون هنا وهناك جماعات وفرادى... . نفض ما علق على جسمه من ماء بحركات متتابعة... نسمات لطيفة لامست خلايا جسده، فشعر بقشعريرة... . رمقه أحد الأطفال بنظرة صافية متأملة، فابتسم له... . الشاطئ المسكون بالحركة والسحر والجمال،...
كم وطأتني الاحلام .. وأنا أنوء بحملها .. أطنان .. أطنان من الاحلام .. تثقل كواهلي .. لكنني استمريء ذلك والوذ بألمه .. فأنا عاشق متيم بالحلم ..فحياتي صحراء قاحلة ليس لي فيها سوى حلم هو عبارة عن واحة خضراء وسط بحر من الرمال السافية .. حتى صار عندي الحلم كالروض في العام الارمل !! . بل صارت حياتي...
انطلقت بهما السيارة .. كانا يتبادلان الهمسات الحالمة بحب وانسجام .. عندما فاجأتهما شاحنة بالاتجاه المقابل من الطريق .. لم تعرف هل تضمه أم تطير به .. وفجأة .. قفزا من السيارة التي ابتلعتها الشاحنة وحولتها إلى كتلة غير متناسقة من الحديد .. تدحرجا على جانب الطريق .. تأملته بعد أن استفاقا والدماء...
حيطان مسيلة للدموع أتقدم خطوة أخرى فألمح رؤوسا تتراقص وكان في الأفق ضباب يتجه نحوي .. أتفرس ، لم استطع معرفة أحد .. أنصت ، فتتهادى الي أصوات خافتة .. أدنو ، فتبتعد الرؤوس وتدخل في لجة الضباب الآتي ، تدخل في هديره ، أحاول اللحاق بها ، لكني أتعثر بغشاوة عيني واستفيق على مشهد لم ألفه من قبل ...
أعلى