قصة قصيرة

كل ذلك يحدث عندما أنام.. عندما أستلقي على سريري وأغمض عيني يأتي رجل طاعن في السن يلبس جلباباً أبيض شفافاً ، يخفي ملامحه ليكبل جفوني ويدخل متباهياً الى حديقة أحلامي ، ويبدأ لعبته المجنونة التي لا تستهويني . يشق في غفلة مني نهراً جارياً قاعه أخضر من الطحالب الكثيفة، يخترق رأسي لينثر على الضفتين...
كذب ما يشيعون عنه يقولون بأنه مات ، وبأن جسده النحيل قد تحلل واختلط بتراب الأرض ، ولكنني أراه كل يوم ينتفض من رقدته وهو بكامل عافيته ليصطحب حفيدته الى حديقة أحلامي ، ويتركها هناك تلهو وتلعب كطفلة صغيرة . عندما يتركها يكون قد قيدني في غرفة زجاجية لاأتصور لها حدوداً ، يقفلها بمفتاح صدىء ثم يخرج...
كنبت شيطاني رأيته , ظهر فجأة في المكان .. متكورا تحت الكبرى الجديد .. بجواره كومة مغطاة بجوال قديم , متسخ , بال .. يعلو شعر رأسه الملبد بالعرق والتراب وحومة من الذباب .. ثيابه متسخة مهلهلة , أشعث , أغبر, رث الثياب , والهيئة .. يبدو في العقد الخامس من عمره .. غائر العينين , نحيل العود , أسمر ...
"1" حين تأتي إلى دربنا .. يطير الخبر.. ينتشر .. فتنشق الأرض عن اناس لا اعرفهم ... قالوا بأنهم أقاربها... وبأنهم كانوا يوما أحباؤها... وبأنهم كانوا جيرانها... وبأنهم كانوا ... وكانوا ... ولا أحد يعرف شأنهم ... وشأنها...؟ " 2" حين تأتي إلى...
انطلقت الصرخة حادة ممزقة سكون الليل، وعاد الصمت بعدها كما كان إلا من صوت قطرات المطر تقرع سقف الحجرة الصفيح بنواح كئيب .. فتح الرجل عينيه بصعوبة شديدة، ثم أخذ يبحلق في الظلام المحيط به فلا يرى فيه شيئا فقال للمرأة اللائذة بصدره: ـ لقد مات. وبصوت لم يتخلص تماما من آثار النوم قالت المرأة: ـ أنا...
قلت لها رداً على مكالمية هاتفية : -عيادتي للمرضى فقط بناءً على موعدٍ مُسبَق ..وإن كانتِ الحالةُ إسعافيّة فعليكِ بأحد الزملاء وما أكثرهم (والحمد لله )!..لذلك اعذريني من فضلك ..ولا داعٍ للإلحاح قالت : -ولكنّ أمي مريضة قديمة عندك ..وهي مصرّة عليك وإن كانت لجأت لغيرك في السنوات الماضية ، فالسبب...
موجع أنت أيها الناي! أتراني أنفخ فيك روحي ام استطعم وجعك لأخرجه أنينا اوزعه آهات في شارع الرشيد؟ يا ويحي! كم تذوقت أرصفته من أقدام، أجساد، أنفاس من هاموا بوجد عشقه؟ معبد تصوفوه، راق ذلك زرياب، الموصلي وما زادهم ابو النؤاس سوى خمرة معتقة رامها أعمدة مرصوفة كشواهد عصر الملذات... كنت حينها استذوق...
الليلة الأولى، انعطفت يسارا من شارع إلى شارع. وحدقت عيناها باحثة عن كلاب البدو فى الظلام. ونبحتها الكلاب من كل ناحية، فأجفلت. ونظرت إلى باب البدو، ولكن الباب كان مغلقا. وزكمتها رائحة الجمال الباركة فى المراح. وفكرت أن تجلس حتى لا تهاجمها الكلاب. لقد فعلت ذلك عندما كانت صغيرة. وفكرت أن الكـلاب لا...
في كل الأماكن يطاردني هذا الاسم، يتعقبني كلعنة، اليوم وأثناء طابور الصباح لم يجد مدرس التربية الفنية موضوعًا للحديث عبر الإذاعة المدرسية غير "سلفادور دالي"، وكان المدرس قد دأب على تقديم شخصية فنية كل أسبوع خلال فقرات برنامج الإذاعة، وكان سلفادور دالي هو شخصية هذا الأسبوع ... ألم اقل إنه يترصدني...
السحب من تحته تسدم صقيع بياضها بذرات واهنة الصلادة ، هو رغم ذلك ورغم تحليقه عكس الريح كان يطلق بصره إلى الأسفل عابرا مئات الكيلومترات بروح الرغبة... الى أسفل حيث الصيد الروحي ... ذلك الذي يرد اليه انفاسا خنقها الماضي بهمجية الرعب. حين حاصره الشبح الضخم في زاوية كئيبة معتمة ونال منه متعة الطغيان...
نظر الى ساعة أبيه، الذي كان يوضِّب ثلاجة المرطبات. كانت الساعة الثانية والثلث. القى نظرة على الشارع البعيد. سمع أباه يصرخ، "فؤاد، احضر صندوق كازوز! هيَّا! اسرع!" هزَّ رأسه وذهب الى المخزن وقدماه تلتهمان المسافة التهاماً. تعثَّرت قدمه اليسرى بحجر فسقط أرضاً، ثم نهض متثاقلاً، وعاد سريعاً الى والده...
في المكان ذاته، وقفت للمرة العاشرة، تطيل التحديق إلى البيت الفخم حيث يصعب عليها إحصاء عدد نوافذه المطلة على الشارع العام، وإحصاء عدد الأبواب،لكن هناك شرفتان فقط،وتوجد في البيت ما لا يقل عن عشرين نافذة جانبية وكم هائل من الأبواب، وفي الداخل هناك شرفة تطلّ على صالة الجلوس، وغرف البيت مختلفة في...
الأطفال الذين تعودوا على إرسال الكرة نحو زجاج كل النوافذ دونما حذر، استثنوا شقة واحدة أحدهم يصيح دائما في بداية اللعب : - احترموا هذه الشقة فهمتم، لا نريد مشاكل مع المخزن - احترموا هذه الشقة وابتعدوا إلى الخلف، لا نريد مشاكل تصيح إحدى الأمهات أيضا، ويتحول الأطفال صوب بيت الحارس ، يكتفي...
في أمور الحب والزواج كل المدن صغيرة وصلت إلى العاصمة … صباح طري يولد في أجواز السماء ويغمر المدينة بالألق ،شيء ما يزعجني في قلبي، منذ سنوات أزور هذه المدينة وبمجرد ما تتسرب الحفنة الأولى من هوائها إلى رئتي أصير مبرمجة بطقوس الزيارات السابقة، أطوي المسافات على هواي إحساسي بأن لا أحد يعرفني هنا...
حين تمزّق خيوط الرمضاء غلالة الصباح وتتناثر على مأواك القابع بشجيرات النبق الشائكة، أمل جديد يدخل إلى قلبك يا شعبان،فتُماشي شويهاتك الوديعة إلى بقايا سنابل بعثرتها أسراب الطيور،واستهوتك سخال تُمأمئ بين الروابي ! فتناسلت أعشاب غبطتك ونسمات الصّبا ملأت رئتيك، فرحتَ تحوم بالأحراش فعثرت على جروٍ...
أعلى