غَمامٌ على سطْح داري
وعصفورةٌ في جداري
ليَحْيا الغمامْ...
ويحيا الهواء الذي
- سيّد الماء والتّرْب – هوَّ
ويحيا الكلام الذي لا يطيل الكلامْ...
وأحيى ...
ولي أنْ أسُبّ القصيدة
شهرَيْن في اليوم،
إنْ أوْغَلتْ في سراب اللَغَهْ
ودارتْ على نفْسها خارج الشّعْرِ
كالحَلْقة المفْرغَهْ.
لهذا ..
تردّدتُ...
كم انتظرتُ
أيها النورُ
أراكَ
هاهنا
ترميهم فيسقطونَ
كالبعوضِ
تحت مرآتكَ
هاهنا
أمام عين آخر الظلامِ
أنهَكوا روحي
وهم يصورون
في الأناشيدِ
تماثيل الميادينِ
حوائطِ البيوتِ
............
يكتبونَ في الدواوينِ
نماذج المصالحِ
التعاليم
على ظهرِ الكتاب المدرسيِّ
اللافتات
فوق واجهات كل المنشآتِ...
أيها الهيكل العظمي..
الذي يزوره الأموات
على دراجات رملية-
أصدقاؤه الذين انقرضوا
مثل دينصورات عاشبة..
ذكرياته التي تحولت
إلى أغصان جافة..
مخيلته التي امتلأت بالديدان
والسحليات..
عضوه الذكري الذي افترسته
أفعى المامبا..
صوته المليئ بزئير الأشباح..
إرحل إرحل إرحل
عد إلى ضريحك الكلاسيكي
حيث ترقد...
في محل لبيع الأنتيكات
رأيتُ خرطوشة مدفعٍ من بقايا الحرب العالمية الثانية
معروضة للبيع.
كان معدنها باهتاً كالموت.
ذكّرني بصرخاتٍ،
ودم ضاعت صورته بين الأنقاض
بطيور مذعورة هربتْ من الدويّ
وقطط بُترت سيقانها
وكلاب تعوي في شوارع مهجورة
تقتات على بقايا القتلى،
وأعضاء بشرية مبتورة ضاع الجسد
الذي كانت...
رجل كاسر لتوقّعهِ
وسماء تكرّسُ سمعتها لقديم المياهِ
خيامٌ لديها انحدار وثيقٌ
خليةُ نحْلٍ تبالي بأعضائها
والقطا حولها يتهجى
ربيع الأعالي
وغيم يرى الأفْق معتمرا
للنجومِ
فيمنح نيرانه للمدى
إذ هناك يجوز التحاف البداهة أيضا
هناك النساء يصلن الينابيعَ
وفق المواعيدِ
ثم يُرقْنَ الغوايةَ
فوق خواصرهنَّ...
شربنا من قربة عواد الرأس ،
وكانت كرسيا عتيقا ،
مخططا بحناء التاريخ ،
وعبق غبار الغيوم العابرة ،
وصلنا إلى التذييل ،
وقعنا على الأعمام الثلاثة ،
وما ادراك ما هو العم ،
وكيف يمسك بدفة السفين ،
ويقود الركب إلى عمق المحيط ،
فإن كانوا ثلاثة تناوبوا وشرقوا ،
وتاهوا في محيطات الظلام ،
لكن نداء أميرة...
كانَ الروائيُّ الفرنسيُّ مارسيل بروست يهتمُّ بالتفاصيلِ الدقيقةِ جداً وبالجزئيات الصغيرةِ وهو في غمرةِ كتابةِ روايته الخالدةِ (البحث عن الزمن الضائع) حتى أنَّ بعضَ نقَّادِ الأدبِ الغربييِّنَ قالَ ما معناهُ أن بروستْ يستطيعُ أن يكتبَ صفحاتٍ كاملةً في وصفِ غرفةٍ أو حتى في وصفِ جزءٍ منها.. كذلكَ...
في جندوبة لم يَتَغَيّرْ شيءٌ
كان أبي يستيقظُ في الفجرِ
يُصَلّي في البيتِ بلا آيات وبلا سُوَرٍ
وبلا رَكعاتٍ أو سَجْداتٍ
وبلا سَجّادٍ كانَ يُصَلّي،
كنتُ أصيخُ لهُ يستغفرُ
ثمَّ يُعيدُ الاستغفارَ
ويطلبُ عفوا عن ذنبٍ لا يعرفُهُ
"يا رَبّي سِتْرِكْ وْعَفْوِكْ"
يَدْعُو أنْ يَهْدِيَني اللهُ وأنْ يَهْدِيَ...