سرد

الليلة ليلة سعدك، تبيتين بين مروج خضراء، ترتلين كتاب العشق سطرا سطرا، تغسلين روحك بماء الورد، و ترياق الصفاء. تنهمر دموع الخشية على وجنتيك، يقبل أهل الكرامة زمرا، يمتطون ظهور الخيل المسرجة، يضربون دفوفا، و يحملون المشاعل، و يضيئون في المروج اناديل، تتعلق الأعين بممر أبيض، يخطر فيه بهيا كما...
على غير عادة انتابت عم مخلوف حالة من شجاعة عارمة، فابتدر زوجته أم الخير وقد تثاقلت في نومها، اليوم سوق ويوم يسبتون تأتيهم مطالب الأطفال مشرعة على أسنة من الحاجة التي لا يصلح معها التعلل بضيق اليد، وليتخلص من كثرة مطالبهم ببعض فاكهة، باع أمس نصف إردب من خزين القمح؛ الحصاد على الأبواب فلا يمنع من...
لم يضع نفسه في موقف العارف الملم بكل شئ. كان ينفش شاريه و ينظر للبعيد. ربما كان يستعيد على ضوء ما كان يسمعه خطواته الأولى على مسار صفحات غربته الطويلة. و ربما كان ينتشي كونه ضمن الخلود في ذاكرة مخاطبه لكون الغريب لا ينسى أبدا شبيها له التقاه على عتية مسار غربته. كان يعي أن هذا القادم في حاجة...
أذكر ذلك اليوم جيدًا، كان يوم أربعاء من أيام أيار الحارة، وكانت الساعة قد تجاوزت الخامسة مساءً بعشر دقائق. كنت أجلس وراء طاولة مكتبي في غرفتي، أصارع حلّ المعادلات الرياضية استعدادًا للامتحان في اليوم التالي، وكنت حينها في الصف الثامن. وكأن قلقي من امتحان الرياضيات لم يكن كافيًا، ليدخل والدي عليّ...
أنبثقت طاقة رهيبة من الشمس لم تكن وليدة الصدفة، كانت مثل كرة كبيرة ملتهبة مستعرة تكورت وخرجت من رحم الشمس وبدأت بالإندفاع بسلاسة لتطلق الأشعة النارية لبرهة من الزمن، ثم بدات بالشجار فيما بينها كي تسرع برسم نورها الذهب وقت الفجر.. وتطلي السماء..باللون الذهب الاحمر..فتتحد هذه الاشعة على هيئة...
رفاق المقهى لديهم حكايات وعوالم مدهشة، تتمدد وتتشعب فى بهو روحه كشجر اللبلاب، أشبه بسقيفة من الهدوء المشوب بالفرح والصفاء، المقهى بمثابة الإسفنجة التى تمتص كل شحنات التوتر والقلق، تغسله من الهموم والا والأوجاع، يعرفه كل رواد المقهى، يحبونه ويعشقون حكاياته المدهشة زبون دائم فى مكتبات سور...
صارت تداهمني نوبات من البكاء بشكل مفاجئ ، أحيانا تستمر لدقائق ثم تتوقف .! ذهبت إلى الأطباء فتحيروا أمام حالتي النادرة ، حذرني أحدهم من مشاهدة التلفاز ، طبيب آخر منعني من متابعة الأخبار والقراءة ، كلهم يستمعون إلي ، يفحصوني بدقة ويوجهون لي نصائح ويصرفون لي أدوية ، أطبق نصائحهم بحذافيرها وأتناول...
لا يختلف الأمر كثيرا بين البغل والنمل ، فكلاهما من خلق الله ، ولا أدري سبب دهشة الناس من اسمي ، وسؤالهم المتكرر عن سبب تسميتي بالبغل ، حتى صرت أكره اسمي ،وأكره كل البغال . نادت السكرتيرةُ بصوتها الذي يشبه زعيق فأر ، فاتجهتُ نحوها مسرعا مذعورا ، خشية أن تقوم بطردي ، حين رأيتُ الغضب بعينيها ...
لم يقتنع بأنه جحش إبن حمار فمذ بصر الحياة أوعز الى نفسه أنه اكثر ذكاء من بقية الجحوش التي يعرفها او يجاورها، خان كبير فيه الكثير من الحمير في جانب والى الجانب الآخر عربات خشبية... يستهجن إنصياع ابيه عندما يضع ذلك الإنسان لجام الحديد في فمه كي يلجمه عن التعبير عن رأيه في الحط من شأنه... لقد اتخذ...
كل مساء ، كنت اذهب إلى هناك ، أحمل كتبى تحت أبطى ، وأدخل إلى محراب العلم والهدوء . كانت تفتح لى الباب وتضحك : أدخلى يابنت الكلب ، وأوعى تعملى صوت ، الأستاذ لسه نايم . أدخل ، وأجلس إلى جوارها مثل قط أليف . وهى تطبق الغسيل وتضحك : أتعلمى يابنت الكلب كويس ، أوعى تطلعى خايبة ، سيبك من الهم اللى...
لا يغادر غرفته إلا للطعام، لم يعد يذهب للنادى كعادته، حتى أصدقائه تخلص منهم بأعذار واهية، لاحظت الأسرة هذا التغيير المفاجئ، المقلق، أخته دخلت غرفته خلسة، بحثا عن كتب فى التطرف أو ما شابه، لم تجد شيئا، وهو الهادئ حلو الحديث فكه الطرفة، بين إستهجان الأسرة بالكامل، حتى أولاد أخته ينادونه ويطرقون...
هكذا وبينما أفكر فى ركوب الباص الذى توقف أمامى ، كنت قد ركبته فعلاً . كان من تلك الباصات التى تتوقف بالقرى فى الليل ، فيركب مسافرون ، ويهبط آخرون . جلست باستسلام فتحرك الباص . كان يخب مهتزاً كجمل عجوز فى صحراء ، مظلماً ، والمسافرون كانوا نائمين . هكذا تأتى هذه الأوقات التى تشعر فيها بالصفاء...
طال وقوفي أمام شهادتي المعلقة على حائط الصالة الوردي الذي شهد معي مرور السنين وتلاحق الفصول ورتابة الأيام شهادة اتقنت بها المحاسبة لأواجه بها الحياة والتي بدأت حسابها معي منذ خمسة وعشرين عامًا حينما قرر أبي القادم من دولة مجاورة الارتباط من غجرية رآها تغني وترقص في حفل زواج .. عيناه حينما وقعت...
المشهد: رمال شاطئ بحر صفراء، ينفتح المشهد بثلثيه على المسطح البحري المتصل بالسماء. هناك صوت ريح باردة جافة. يدخل شبه إنسان.. يرتدي قبعة غريبة طويلة ويحاول حمايتها من تطيير الريح لها فيمسكها بيده اليمنى. شبه إنسان، أي شخص بلا ملامح.. وجهه ليس فيه سوى نقطتين سوداوين مكان عينيه. يده ليست من خمسة...
لا سماء خارج النافذة، ينبئ الضوء الشحيح عن قمر عليل لا يبين، إن أفلت من السحب تخفيه تلك الجدران العالية الصماء التي تسد الأفق، وتبتلع ظلالها في غبشة الفجر. عيناي تغادران النافذة التي تعلو سريري، تبحثان عن أبي، سمعته يناديني مرارا دون أن أتمكن من تلبية النداء، لعله في قمة غضبه مني الآن، ينفث...
أعلى