سرد

حين قابلته،بعد مضى أكثر من ثلاثين عاماً عرفته على الفور ... كان يقف فى محطة الباص، ومعه طفل صغير. ملامحه لم تتغير كثيرا ،سوى احتلال الشعيرات البيضاء لمعظم فروة رأسه. قصير القامة ، شديد النحافة ،حتى نظارته السوداء البلاستيكية، سميكة الزجاج ،يبدو وكأنه لم يغيرها منذ كنا صبية فى الصف الثالث...
انا ( ح ).. دائما ابحث عن مجهول بين المقابر وفي جوف السماء البعيده .. انني أغامر وفي جيبي الورقة الخاسرة ، فقد كانت الأبواب جميعها موصدة ، وقليلا من الكوارث التي تشد عزيمتي علمتني الحياة الكثير ومازلت اتعلم مما دفعني ان ابصق في كفي .. واحمل سوطي فأنهلت به ضربا على القبور المنتشرة ، حتى السماء...
مرة، زرت وابنتي غابة "الرميلات" بضواحي طنجة، (المغرب) وبالضبط المنطقة المسماة "غابة/ منتزه بيرديكاريس." المكان جميل، لموقعه وخضرته وما يشتمل عليه من فضاءات للسياحة والاستجمام... غير أن أجمل ما في هذا المنتزه هو قصة إنشائه، وقصة الحب التي كان حُضْنا لها، والتي تحولت في إحدى محطاتها إلى كابوس...
خطواتها بطيئة ، تتعثر فى بقايا خفقات القلب ، التى تخفيها فى المعطف الأسود . حين تتوارى الشمس ، تخرج الى عتمة الشارع ، وتدخل الى ضوء الذكريات . منذ متى ، وهى تحرص على عناق هذا الطريق ، المغطى بالأشجار ، والذى يصبح فى الشِتاء ، طريقاً لها وحدها ؟؟؟ يسقط المطر ، تفتح مظلتها الخضراء ، تكمل...
صديقي يعشق الخياطة، يتفنن في القصات العصرية، ولولا حبه لهذه الأرض _لكان الآن مشاركًا في أفخم عروض الأزياء العالمية، هاتفني هذا الصباح ولأننا لم نلتقِ لسنوات قال لي ممازحًا "أنتظر هدية ثمينة منكِ، تغفر ما صنعه الغياب"، وكنت أعلم أنه يجهز لي فخًا من الأسئلة العويصة، كنت كعادتي في حيرة شائكة، كيف...
يبدو هذا الصباح مناسبا لسرد بقية الحكاية المتوارية خلف حوائط القرية الباهتة، مرسوم عليها: نخلة تميل بعرجونها، سفينة تشق نهر النيل، عنزة وطفل صغير يرتدي طاقية " بكار" جزء من آية الحج" كف بخمسة أصابع محنى بدم جمل المحامل لم تكن إصبع السبابة قد قطعت بعد، سيظهر هذا في أحداث الحكاية المغلفة بثوب شفاف...
في ظرف غريب، نادرا ما يحدث،ثار بركان كبير في أرض مملكة الطيور، مما جعلها تهرب إلى مملكة الأفاعي، لتحط فوق أغصان غاباتها المتكسرة، كي تضع بها مضطرة، بيضها، لم يكن لديها الوقت لتتمهل كي تبصر أو تحذر، ثعابين الغدر الآثمة ،التي هاجمتها فكادت تفتك بها جميعا سوى قلة لاذت بالفرار . و أمسكت الثعابين...
نظلة امرأة العمدة عبد الحق البصراطي جاءت المحل في وقت العشاء ، عرفتها رغم أن " البيشة " كانت تلف وجهها في إحكام . جلست أمام المقعد الذى صادفها وكانت هذه أول مرة تحضر بدون زوجها الذى غالبا ما كان يمنحني بقشيشا دون أن أطلب ، و يجعلني في المواسم أربط فرسه بعمود الإنارة ريثما ينزل من البيت . كان...
أدخل الحجرة الضيقة بخطوات بطيئة. أحاول رسم ابتسامة عريضة على وجهي. لكن المرآة فضحت محاولتي. رأيتها راقدة على السرير ساكنة. اقتربت ولثمت جبهتها الباردة. تمتمت بأدعية السلامة والشفاء. لمستُ شعرها في رقة فتحركت عيناها بلمعة خاطفة تؤكد أنها انتبهتِ وعرفتني. أشرتُ لابنيها بالخروج فخرجا في هدوء وواربا...
يعمل مدلول محيبس عامل خدمة يقدم الشاي وينظف المكاتب في الفرقة الحزبية ( .. ) ، ذات يوم سمع كلاما خطيرا بشأن زوجته بدرية ، سمع الكلام من مسؤول الفرقة يتحدث به مع أحد الرفاق ، من دون أن يعلما بوجود مدلول يقف خلف الباب الموارب .. كان مدلول يعلم ان الرجل الآخر ، الذي يتحدث معه المسؤول هو ابو جواد...
قالَتْ لَهُ: لَوْلاكَ لَضِعْتُ، انتَبَهَ بِكُلِّ جَوارِحِهِ لِما سَمِعَ. نَظَرَ إلَيْها فَرَأَى الدَّمْعَ حائِرًا في عَيْنَيْها السَّوْداوَيْنِ، أغْمَضَتْ قَليلًا فَإذا قطرَتانِ كَحَبَّتَيْ لُؤْلُؤٍ تَنْحَدِرانِ عَلَى الْخَدَّيْنِ الْمُوَرَّدَيْنِ. أَصابَهُ الذُّهولُ فَلْمْ أسْتَطِعْ أنْ يَبُوحَ...
(1) مع إشراقة كل صباح تأخذ مايسد جوعها وتجلس تحت شجرة بجوار النيل. بعد أن تلقى الصباح على دعاء، تخرج كسرة خبز وقطعة جبن وقبل أن تنتهي من تناولهما تكون يد أيوب العجوز قد امتدت لها بكوب صغير من الشاى المغلي الذى أعده فى خصه الخاص للوافدين من الجهة الأخرى من النيل لزيارة أو دفن موتاهم. (2) كثيرون...
لا أكاد أصدق، تكاد الأرض تميد بي، بدأت أتساءل: ليس هذا اسمي ولاذاك لقبي، مؤكد أن ثمة تشابها بيننا، لاتعدو أن تكون مزحة صنعها أحد الذين يظنون بأنفسهم خفة الظل، كثيرا ما تعرضت لمواقف تشبه هذا، لعلهم يعرضون علي مشهدا لم أتخيله يوما وأنا ذاك المشهور بالعيش في عالم آخر، ربما النوم الثقيل الذي...
«والله ما حيمشى فى ميعاده»؛ هتفتُ صائحًا بها وسط رفقائى فى محطة القطار، على غرار صيحة «وجدتُها» النيوتنية الشهيرة، لكن دونما ظفرٍ وسعادة، بل بتوترٍ وخيبة. قبل أن أقولها، كانتْ عينى - كعادتها المزعجة لى- قد أنهتْ قراءةً فاحصةً لكل التفاصيل المحيطة بالقطار داخل المحطة؛ الاستعداداتِ الأخيرة...
ذهبوا في نزهة وتركوا الديك مع الدجاج ، بات يتسلق الأسوار الفارهة يقتات على أوراق الحدائق ورؤوس السنابل في المنازل ، نامت الدجاجات وفي بطونها بضع حبات من القمح القديم تناثر في التراب ، لم ينم الديك تلك الليلة ، بينما الليل يبدأ بطي صفحته السوداء كانت كل الدور التي زارها قد أطعمته ، امتلأ بطنه...
أعلى