جدائل الظلام أوشكت على خنق النهار الجامح صاحب القيظ المنفلت، دارت عيونها تمسح المكان الذي حطتها فيه الحافلة لعلها تتصيد مكانا ترتمي في حضنه لحظات للراحة قليلا. حركتها بطيئة، متأرجحة، انحنائة ظهرها البسيطة تمنحها قدرا لا بأس به من المهابة والثقة. على مسافة بضعة أمتار كانت تنتظرها مقهى بلدي، كراسي...
حان الموعد المحدد والتقى الرئيس مهديّ بالوزارة.
ولقد عزم في قرار نفسه ألّا يصدق كلامهم، فما تخفي صدورهم أكبر، ولذلك فقد قرر أن يعرف خبأ نفوسهم من خلال ملامح وجوههم وحركات أجسادهم التي تبدي تفاعلا مع الحدث.
قال: «بعد تخلّي صندوق النقد الدوليّ وكذلك تخلّي الجهات الأجنبيّة عنّا ليس لدينا إلّا...
اقتنى آلة تصبين جديدة . اتصل بحمال ، يثق فيه ، وسبق أن نقل له متاعا آخر من قبل ، ويعرف عنوان المنزل . الآلة ثقيلة يفوق وزنها ستين كيلوغراما ، وتحتاج إلى شخصين قويين لحملها عبر السلالم إلى الطابق الثاني . لهذا طلب منه البحث عن شخص لمساعدته . عثر على شاب قوي البنية في العشرينات يسكن بالجوار ...
كان عليها أن ترسل إيميل للشركة في هولندا ترجوهم إلغاء سفرتها التي تقررت في السابق، تبحث عن حاسوبها، تتظاهر بأنها لا تراه، في النهاية تُرغم أصابعها على الكتابة.
تقف خلف الزجاج تراقب حبات البرَد الصغيرة، تتساقط بيضاء دائرية، ثم ما تلبث أن تذوب وتختفي، تتجمد أطرافها رغم كوب القرفة الساخن، الذي...
ليس المرج ما دفعني للهبوط لكنها رائحة القهوة التى وجت ببطن الكهف، خيط خفيف بين روائح متداخلة للنباتات والصخور وبلل الرمل؛ كنت قد بت ليلتي محتميا بأحد الكهوف من مطر غزير أخذ فى الهطول منذ عصر الأمس، كان المرج تحت عيني وخايلني بيت شعر فى طرفه القصي، لم تفلح عيني فى التقاطه جيدا أو تلمح بادرة حياة...
عندما تتداخل الصور، وترتبك الرؤية، يصبح من حق السيدة العجوز أن تزيح بعصاها كل الأشياء المحيطة بها، وتصرخ بأعلى صوتها فى الصباح الباكر، الباكر جدا(يامعين)ثم تخرج من حجرتها الداخلية متجهة نحو البهو الواسع للبيت وتنادى بعلو صوتها مرة أخرى(يامعين) لا أحد فى البيت الآن مستيقظا كى يمنع خروجها المباغت...
قال صديقي..
ـ سأعد القهوة
وغاب جسده خلف الباب. حدقت حولي مستقصياً معالم الغرفة.. أشياؤها تغرق في ألق ساطع ، المناضد العالية والمائلة التي يستعملها صديقي لرسم خرائطه الهندسية المعمارية التي تنداح مستلقية بتثاقل فوق ركامات هائلة من الأوراق العريضة البيض الصقيلة، بعضها اكتمل تخطيطها فبدت من حيث...
ولتعلم يا عزيزي القارئ أنك وفي الوقت الذي تقرأه به هذا السطر الأخير من روايتي سيكون جسدي مجرد نقطة ماء تجري مع النهر إلى محيطه الأخير.. إلى مصبه الأخير...
أنهى صاحب دار النشر قراءة الرواية التي انتهت بهذا السطر والذي يعد خاتمة صادمة وجيدة لما سبقه من أحداث. لكن قشعريرة عبرت جسده عندما عبرته هذه...
استيقظت من النوم ومازلت اشعر بالنعاس. قفزت من الفراش بتنهيدة وتثاؤب بصوت مرتفع مع إصدار نغمات نشاز كلما صفقت على فمي بأصابع يدي المتراصة.
كان صادق الفلاح القروي في الخمسينيات من عمره قد أرسل ابنته الصغيرة ذات عشر سنوات الى مقرنا في وقت الظهيرة، طالبا المساعدة الطبية، لأن زوجته كانت تشعر...
(أشدّد على سمة كبرى في شعره هي السيولة العالية في اللغة، وكيف واصلت الدنوّ بدرجات حثيثة مما استقر اليوم تحت توصيف «نثر الحياة اليومية»؛ الأمر الذي يفسّر، كثيراً وليس جزئياً في ظنّي، انجذاب العديد من شعراء قصيدة النثر إلى مقترحات يوسف). صبحي حديدي.
في أغلب ما كتبتُه وأكتبُه,سعدي يوسف لا يتركني...
هناك في أعَالي التِّلالِ التي استقرّت أزمنةٍ طِوال لا يُعلم عددها إلاّ الله ووسط حقولِ الرِّمالِ الصُّفر القاسية ، يشخص عن بُعدٍ كَمعبدٍ من مَعَابدِ الآلهةِ العِظام ، مهيبا في قداستهِ ، شامخا في بناءهِ القديم ، يُغَلِّفه رونقٌ يا طالما انشرحت لمرآها الصّدور ، واغرورقت لجلالهِ العيون ،...
لا أحب الكثير من الأسماء
التي تضطرني لاستخدام المعجم
وأنا أجثوا عند أطرافها
لتفسير مقاصدها
أحب البساطة في كل شيء
حتى في طريقة تناول قهوتي الصباحية
التي تدرك فيروز جيدا
أنها لن تمتعني إذا لم يرافقني صوتها
وأنا أنظر من درج حوشي الضيق
إلى الفضاء الرحب
واسابق السحاب في رسم قلوب بيضاء
تليق بما أعيشه...
"قطار أمجد ناصر ورحيل سعدي يوسف: الراكب الأخير"
في مقالته المعنونة "للريل وحمد" والمنشورة في العربي الجديد، ذَكَرنا الراحل أمجد ناصر أنا وعدنان وذكّرني بأيام الشباب قال: بسهولةٍ يستطيع نزار حسين، أحد أقدم أصدقائي الزرقاويين، بعث ذكرياتٍ سارّة في نفسي، خصوصاً عندما يتحدّث عن صداقتنا، هو وعدنان...
إنني يا حبيبتي رجل واسع الخيال، دائما أتخيل نفسي بطلاً رحالاً، أقود حصاناً هائلَ الحجم، وشمس الغروب المحتضرة تُلألئُ حواف هيكلينا، أقود حصاني عابراً الصحارى. لا أحب عبور الوديان بالحصين، أحب السير فيها بقدمين مخنوقتين في حذاء طويل العنق وخلفي قطيع أبقار. إنني بطل الأسفار، وأنا قابع في مكاني هذا...