إنني يا حبيبتي رجل واسع الخيال، دائما أتخيل نفسي بطلاً رحالاً، أقود حصاناً هائلَ الحجم، وشمس الغروب المحتضرة تُلألئُ حواف هيكلينا، أقود حصاني عابراً الصحارى. لا أحب عبور الوديان بالحصين، أحب السير فيها بقدمين مخنوقتين في حذاء طويل العنق وخلفي قطيع أبقار. إنني بطل الأسفار، وأنا قابع في مكاني هذا...
التقيتها بالأمس كالنسمة البيضاء. تسبح برجلين خفيفين كالظل دون أن تحدث ضجيجا. ملفوفة في ثوب أبيض وعتيق، لا يناسب مقياسها الصغير الواهن. بدت لي كغصن شجرة طري، انتزع نزعا من موطنه الأصلي حتى سالت دموعه. لما رأتني، مسح وجهها الخجل. غيرت اتجاه نظراتها الصامتة. أشاحت بوجهها عني حتى سقط غطاء رأسها...
ونحن في الطريق للزيارة....
ونحن بالقرب من المنبع العظيم،
مازحة أو ساخرة صاحبتي قالت : لعل بعض مقاطعي "سيدي علي" مستهلكون هذه الأيام ماء تيطحسن...
كانت تشير للعين الشهيرة المجيدة التي تتوسط صدر مدينة ازرو والتي هي أصل التجمع السكاني حسب بن خلدون،
كانت تشير للعين ذات الصبيب الهائل،
للعين التي...
تتجه صوبي كمقذوف يحذق بغيته, في جلباب أسود واسع الذَّيل, تخبُ فيه. لا يثني من عزيمتها جموع الصَّيادين العائدين من غمار البحر, ينقلون من بطون قواربهم طاولات أسماك الرُّوسي. هذه المرأة أعلم بغيتها وأدق ما يدور برأسها. منحتني الأيام الدَّربة لأشتمُّ الأثير المشبَّع بالأنفاس المجهدة, وأسبر أغوار...
أشفقت على أمي، وهي تلطم خدّها باكية، كدت أن أبوح لها بالسرّ، لكن شيئا ما منعني.
ـ ياويلي إبني راح ...والمرحاض مسدود .
ـ تصبري قليلاً ...لا بدّ من حلّ.
ـ أيّ حلّ لقد دلقت به كلّ ما عندنا من ماء.
تركتني، واتجهت لبيت جارنا،لحقت بها. ..سمعتها تجادله :
ـ هي نقلة ماء ياجار ...أجلبها وأعيد لك...
الجو الهادئ، صمت الهواء، المدى يسترخي فوق المحيط، لا شيء يعكّر صفو الجو، ولا حتى نسيمات تعبر من النوافذ المطلّة على الغابة من الناحية الأخرى، الفندق ينام على شبه هضبة ما بين صخب الموج الذي أخرسته المسافة، وما بين حمرة الشفق، وفي ظلّ نخيل تكاد تخنقه حرارة الطقس، في البهو المقابل رجل وامرأة...
اللوحة الأولى : الخبر
كلما اقترب موعد بداية شهر رمضان ، كلما كثرت التوقعات والتكهنات حول فترة الإغلاق ومنع التنقل . البعض افترض أن الجهات المسئولة قد تبدأ حظر التجول بعد منتصف الليل . والبعض الثاني قال بأنه سيبدأ مع الحادية عشرة ليلا . والبعض الثالث راهن على أن الحظر سيكون مباشرة بعد الإفطار ...
كلفه صاحب المحل بطلب "ديليفرى"؛ اعتاد أن يذهب به إلى أخر شارع الهرم، لكن الفتور بدا عليه غير متحمس يتصنع الحجج، يبحث عن عمل أخر يؤديه داخل المحل ،بعدما أصبح هذا الطلب كأنه جبل، يطبق على صدره ،لكن الشراع سار بسفينته على غير ما تمنى، لم يجد صاحب العمل غيره، فسار بقدمٍ تدفعه ليبقى فى أضواء...
وقفت أمامه فى صلف وتحدى !!
ارتبك قليلا حين رآها تسد الباب ،ولا تكاد تسمح له بالدخول
كانت على وشك الخروج .
تطلع اليها فى دهشة!!
الساعة تجاوزت الثانية صباحا، وهو ،أول مرة يراها فى هذا الثوب القصير الفاضح ،حتى وجهها قد لطخته بمساحيق كثيرة ،فبدت كبغى محترفة .
دلف إلى الداخل بصعوبة،بعد أن تراجعت إلى...
ربما لو داهمته تلك النوبة العاصفة من الأرق قبل عشر سنوات حينما كان قادرا على التجول في الشوارع، والدخول في حروب كلامية واحيانا جسدية مع الأقران والمغامرين من امثاله لما منح لتلك الليلة الفريدة تلك المساحة من التفكير والاهتمام في داخله، واستطاع بسهولة عبورها الى النوم الجميل. عيناه المستديرتان...
يلتقط القش والورق من الأماكن البعيدة كي يبني العُش فوق غصن الشجرة ثم يضع القشة علي القشة حتي يكون بنيانا عالياً، يستظل به من حرارة الشمس وبرد الشتاء بينما هي جالسة علي البيض حتي يفقس .. سأمتْ من القعدة الطويلة حيث لم تجد من يؤنس وحدتها وهو يخرج صباحاً يطوف حول الأشجار من أجل أن يلتقط حبة قمح...
لم اتعلّق بشيءٍ في حَيَاتي كتَعلُقي باِلمدرسةِ ، أحببتها ومَنيّت النّفسَ بِها قَبلَ أن اعرِفَ ما الدّرَس وما الطَلب ، كنت في صِغري أُفضِل الجُلُوسَ في مَدخَلِ قريتنا ؛ لأرى أبناءَ البلد من طُلابِها وهُم في طريقهم إليها ، لا أعرِفُ مِن دُنيا الطَّلَب وحياةَ المدرسة إلا تِلك الدقائقَ ، اعتِبُ فيِ...
كان الشاب دائم الجلوس بمفرده في حديقة القصر , يرسم أوقات طويلة فلم يكن هناك ما يشغل باله أكثر من الرسم , كلما تقع ورقة بين يداه أو أى قصاصة ورق كان يرسمها , كان يرسم قطة أو وردة أو حتى شخصاً . يعيش بين اللوحات و الألوان و فرشاته , ذات مرة بينما يمارس هويته بالرسمِ دخل إليه صديقه السيد أدم...
كان يعِدُّ لنفسه القهوة عندما سمع ثلاث ضربات سريعة متتالية على باب القصر. أطفأ موقد الغاز، سار بخطى واثقة نحو الباب، وحدّث نفسه: مَن يكون الطارق يا ترى؟ زوجتي ستبيت الليلة عند والدتها المريضة، وابني في جامعته، والأصدقاء لا يأتون لزيارتي في القصر إلا بترتيب مسبق للزيارة. تابع سيره حتى وصل الباب،...