سرد

إلى روح صديقي الشاعر عزيز سماوي تواعدنا في مقهى "أم كلثوم" في طرف شارع الرشيد من جهة الميدان، المكتظة بعشاقها والدخان وصوتها الصادح بحفلاتها المطولة، وصفها صديقي "عزيز السماوي" بذلك بعد أن أخبرته بأنني لم أدخلها يوماً، كنت أمرّ على رصيفها يومياً في طريقي إلى مكتبات "المتنبي" التي سكنتها بعد أن...
سمعه يتحدث بلغة يعرفها. حنّ إلى تلك اللغة ورغب في ان يتعرف عليه ويحادثه. تجمعهما الغربة وتجمعهما الملامح. ما أكثر الصفات الخادعة التي تجمع بين الناس، حتى إذا ما ابتلوا بالحوادث وصروف الدهر، تبيّن لهم ما ينطوي عليه الأمر من خداع! دعاه شيتيل يوم أمس إلى دارهم بضاحية باراديس، المطلّة على بيرغن،...
قصتان بالمحكي الفلسطيني دخل مسعود البغل حوش الدار راكضا لاهثا متقطع الانفاس وصرخ : صفية . ولك يا صفية وين انت ؟ نفضت صفية يدها من لجن العجين وقالت باقتضاب وهي تجلس خلف اللجن : افففففففففف . خير يا طير ؟ هيني هون بالغرفة اتجه البغل نحو الغرفة وهو يواصل لهائه ثم قال لصفية : باركيلي يا صفية...
لكزني بمرفقه ليأخذ مكاني، اختلفنا وانتهى الاختلاف بأن يأخذ المكان الأحفظ للقرآن، زمت وتذمرتُ، مالت سعفتي فمنعتها بقدمي فضغطت على كتفي، أصاب خوص السعفة طابوراً من الواقفين خلفي، قاربت السعفة أن تنكسر اعترض الطابور خلفي، وبدا أحدهم أشد اعتراضاً، وقد أغمض عينا من عينيه وكور يده اليمنى يفرك فيها،...
خمسيني أبيض الشعر، أنيق الملبس، يرتدي نظارة طبية سوداء، تليق بوجهه البيضاوي، يتأبط الجريدة التى يواظب على شرائها كل يوم، لا تفارقه إبتسامته الهادئة للحسناء التى تطل من شرفة الدور الثالث، فى البناية القديمة أول الحارة، بعد أن رتبت موعد عودته كل يوم، ماأن يراها حتى تتسع إبتسامته، تبادله الإبتسام...
غادر الجميع القاعة بينما كنت أمسح دموع فرحي، انتهت مراسم التوقيع وتحصلت على جواز العبور إلى ملكوت الخيال والجمال والبهجة، أخذت قبضة من تراب نديّ، قبّلتها ثم ضممتها إلى قلبي، عنَّ لي أن أرفعها عاليا إلى جبيني تمتمت بعض أدعية وهممت بغلق الكتاب بعد آخر تصفح لوريقاته،فبدت الأحرف تتراقص أمامي و...
كثيرة هي شظايا النفس خاصة عندما أتذكر صورتك التي كدت أحطمها في لحظة شك بأنك رجل تبحث عن الدفئ النفسي في غير صورة من العالم الذي بَنَيته من أجلك، لا ادري كيف تحولت من أنثى عاشقة الى إمراة نالت منها الغيرة والشك كداء الحصبة!؟ لا يفتئان يثيران الحساسية في نفسي فأعمد الى مراقبة تحركاتك، الهاتف الذي...
شاهدوه يخرج فجرًا من داره في حارة برجوان، غادر مسجد السلطان حسن، يسوق بغلته محمَّلة بكومة من الكتب، استوقفوه عند باب زويلة.. استجوبه متولي الحسبة، أمَرهم بتفتيش متاعه، تحسسوا جيوب جلبابه ومعطفه، شخط فيهم: ـــ أغبياء! .. أريد كتبه لا ماله. رمقوه بدهشة: ــ أكوام من الورق لا فائدة منها، إلا إذا...
مرثية حين تقترب الشمس من رحيلها، تكسو المكان نقاباً أصفر ،يبدو معه ظلّ الحصن متهالكاً وممتداً بسموّ فوق بيوت القرية وأزقتها. تتقدم أقدام العجوز المشرَّخة بالحكايات والأشواك نحو الحصن، يقترب ، تستقبله حجارة متناثرة، تمتدّ في طريقه مبعثرةً في اتجاه المقبرة التي تحتضن نوماً قديماً، حجارة...
ماتت زوجة الكاتب الكبير، بعد صراع طويل مع المرض، وكأن الزوج يرفض أن تذهب زوجته وحدها، فقرر اللحاق بها بعد أسبوعين من رحيلها دون سابق مرض، هناك ألغاز مستغلقة على الفهم، كاتب متفرد، يتحلى بمهابة وفخامة، تزدادا إذا تكلم، صوته خفيض هامس، ينفذ إلى أغوار النفس بلا إستئذان، لايملك المرء أمامه سوى...
ـ سامحي الشوك، لأنّه جرحَ الوردَ النامي في روحك. يتردد الصوت البعيد في أذني مرات عدّة وسط شعوري بوخز الشوك حين مسكت إحدى ورود حديقة بيتي لأشمها، بعد إكمالي سقي الشجيرة، حيث يغريني منظر الورد البليل دوماً، فالندى يجعلني أستمع بإهتمام بالغ إلى معزوفات الطبيعة في قلبي عبر هذه التشكيلات الرقيقة وسط...
في لحظات، توارت أنشودة العشق خجلا.. ربما خشيت_ هي _ان تتهم بالثرثرة.... لينفرد بالحوار عين تعشق وعين ترقب.. يحدثني عن الفن ،اشكو إليه غلاء الأسعار و بركان في سكون كاذب يوشك أن يقتلع ذلك الجسر الذي يؤدي للبلد الجديد ويحجب الشمس عن المدينة العتيقة...ليحدثني هو _ عن الصور الجمالية الناعمة في ابيات...
لا يدري أحد، حتى هو نفسه، متى أمسى موظفاً في سلك الخدمة المدنية، كما هو الشأن مع لحظة أن يولد المرء، بلا أية إرادة للأختيار..، كان كل ما يفعله هو الترقب طوال مدة خدمته، صعود الدرجة تلو الدرجة، بصبر نافد، في سلم الوظيفة، لعله يفضي به الى أريكة (الطمأنينة) الأخيرة.. أذا ما أزف موعد إستلام مرتبه...
الأربعة يخرجون من المدينة: الأب والصّبي، والرَّضيع الملفُوف بإحكام في حضن الأُم. يمشون على تُراب يعرفُهم جيدًا، فمنذ قُرون يشرب من أجسادهم وأجساد أجدادهم. لا شيء في المدينة العريقة غير الحرب. يكفي مشهد البيوت الواقفة بالكاد: تكَسَّرتْ عظامها وبانت الأحشاء، عبر نوافذ مفقُوءة الأعين. كُلّ...
عندما نوديت على بسطة الخضار ب: ياحاج؛ تريثت، وقد أخذتني الدهشة، وظننت أنني اشتبهتُ على البائع، لكني سرعان ما أدركت أنه تقصدني؛ فأصابني الخذلان، وسرت قشعريرة، ومرّ رجف. ولمّا غادرت؛ وقفت على ناصية، ولم أبرح، أرقب الذين يرمقوني، ويعبرون بلا اكتراث، ودقّقت في وجوه الصبايا، وهنّ يشحْن، واسترجعت...
أعلى