نشروا صورًا لجثة رجلٍ ملقاةٍ على الأرض ، وقالوا إنها له ، ارتجف قلبي وكاد أن يتوقف ، لا إنه ليس هو . إنها صورٌ مفبركة ، وتلك عادتُهم في صناعةِ الأكاذيب .
دققتُ في الصور ، إنها لرجلٍ بزي محارب ، وأنا أعرفُ أنه لا ينزلُ ميادينَ القتالِ ، ولا يحملُ السلاحَ ليشاركَ في العملياتِ ، فهو القائدُ...
عندما نوديت على بسطة الخضار ب: ياحاج؛ تريثت، وقد أخذتني الدهشة، وظننت أنني اشتبهتُ على البائع، لكني سرعان ما أدركت أنه تقصدني؛ فأصابني الخذلان، وسرت قشعريرة، ومرّ رجف.
ولمّا غادرت؛ وقفت على ناصية، ولم أبرح، أرقب الذين يرمقوني، ويعبرون بلا اكتراث، ودقّقت في وجوه الصبايا، وهنّ يشحْن، واسترجعت...
وسط اجتماعي راق، وجه يليق ان يكون ذو مسحة وعلامة بارزة كسيدة مجتمع متحررة اكثر من اللازم، يراها البعض إضافة للكثير من بني جنسها حصان طروادة الحرية، يحمل بداخله وسائل تنقية لأجواء لوثتها انفاس رجل تأبط البداوة والخنجر المخفي وسيلة اقناع على ما يراه من وجهة نظره تمردا، تلك حقبة متى اعترته الجاهلية...
سأحكي لكم اليوم عن سر يخنقني، أخفيته عن نفسي، لا يعلم أحد عنه شيئا، كنت أبحث في سجلات العائلة التي اصفرت أوراقها، وجدت أنني هجين، جاءوا بي من بلاد بعيدة، ملامحي تشي بأنني نوبي؛ فقد كانوا يسرقون الأطفال من وراء أمهاتهم، يستدرجونهم بقطع الحلوى وشعر البنات، لا أعلم أمي من تكون، فقط وجدت وشما على...
-4-
رأى في المنام الخليفة سليمان بن عبد الملك، في حلة صفراء، ثم نزعها ولبس بدلها حلة خضراء، واعتمّ بعمامة خضراء، وجلس على فراش أخضر، وقد بسط ما حوله بالخضرة، ثم نظر في المرآة فأعجبه حسنه، وشمر عن ذراعيه وقال: أنا الملك الشاب.
نهض الشيخ من فراشه، هجر دفء الفراش واشتهاء أصغر زوجاته وأجملهن: اللهم...
ثمة أنثى مطلقة تحوم بروحها بين الكلمات، وترف بأجنحتها حول قامات الحروف، تلويها، انغلاقها، انبساطها، تحوم الروح الأنثوية فاعلةً. في النصوص الموغلة في القدم نجدها الغاوية، فهي من دجنت أنكيدوا جوار نبع الماء وأخرجته من التوحش إلى التحضر في مهمة نبيلة، وهي في النصوص الدينية من دلت آدم على الشجرة...
كان هذا هو اليوم الوحيد الذي جلسْت فيه خارج مكتبي، فقد كان العمال يقومون ببعض الإصلاحات في أثاثه، وقفَت أمامي بهامتها المديدة، سألَت زميلة تجلس بجانبي عن إجراءات تسوية للمعاش المبكر.
فقد فتحت الحكومة الباب لمن يريد الخروج قبل سن التقاعد، نظرْت إليها بعمق، هذه الملامح ليست غريبة عني! حينما...
لم أرَ جدي، مات قبل أن أولد، لكن سمعت أبي يقول: إنه لم يمتْ، ولقطع الطريق على تفشي فضيلة السؤال والحوار بين أبنائه.. أستدرك متسائلاً: كيف يموت من مسَّه قبسٌ من روح قدسية؟
ظلت صورة جدي في أذهاننا مبعثرة، تتقاذفها ريحٌ، شاء أبي دائمًا أن تظل تعصف بالصورة، فتبقى في التيه بعيدة عنّا، ويبقى أبي وحده...
بصوت جهوري صاح حنورة التختوخ صعلوك القرية فى الميكرفون : أبشري يابلد المبروك صاحب الكرامات وصل بعلمه الساطع وعمله الباهر، أسموه بالتختوخ لسمنته المفرطة، فهو لا يكف عن الأكل وهو الحاضرعلى كل موائد القرية دون دعوة، ولا يكف عن سباب طارديه، فيتركونه مخافة لسانه،
أجاد فصاحة الكلم،
من كثرة جلوسه فى...
كان لوالدي، حمله طويلا في عجاف سنينه التي رامته حزن متجدد، لم يشرع قط في تغيير حرفته رغم كثرة مآسي حكايا الصندوق... الصندوق الاسود، هكذا كان يطلق عليه حينما سألته فقال:
اسمع يا بني هذا الصندوق فيه اسرار لو تفشت لربما احدثت كارثة.. لم اصبر فقلت على عجالة لكنه صندوق حكايا للأطفال.. اشار لي باصبعه...
وقفت في مكتبتي أكثر من ساعة أقلب النظر في أوراق قديمة يعود بعضها إلى أكثر من ثلاثين سنة . ثقارير تفقد، صور فردية وأخرى جماعية. جداول أوقات، شهادات طبية بعضها لأطفالي وأغلبها لزوجتي، دفاتر مدرسية، شهادات شكر، شهادات تقدير، دعوات أفراح، كشوفات لحسابات بنكية من فروع مختلفة، تحاليل طبية من مخابر...
(17 - الأخيرة)
اشتعلت سماء بغداد وأرضها، دك القصف العنيف والمركز العديد من المواقع القيادية والقصور الرئاسية وتجاوزها إلى الأحياء السكنية، بدأ الغزو البرى من الجنوب وتضاربت الأنباء عن مدى توغل المدرعات الأمريكية - البريطانية في مناطق أم القصر والفاو والناصرية والبصرة، يبدو أن مقاومة شرسة وغير...
أستيقظ آدم مرعوبًا بعد قيلولة قصيرة، رأى فيها صورًا غريبة في منامه.. نادى على زوجته ليقص عليها ما رأى، ولتعد لهما شاي العصر، فليست هناك طريقة يغير بها مزاجه غير الشاي مع فطائر البرقوق التي يفضلها.
مرت دقائق، لم يأت له بالشاي، ولم يشم رائحة الفطائر بالقرفة. أين حواء؟! سأل نفسه متجهًا صوب السلّم...
تواجه القناة الضَّيِّقَةُ صفًّا من دور النَّجع، بينما تلامس حافَّتها الأخرى سياجًا شائكًا من أشجار السَّنط، يمتدُّ بطولها، ويخفي ما ورائه من الحقول. حينما تكون القناة خاليةً من الماء، يلهو الصّبيان في مجراها، تنبش أظفارهم قاعها الرَّخْوَ؛ فتتلطَّخ أيديهم بالطِّين والرَّمل، وتصبح الضَّفادع، و...
(16)
وقفت مترددا أمام مدخل الفيلا التي تسكن بها ندى، كان الوقت قد تأخر كثيرا، ورغم كل المحاذير إلا أنني قررت أن أصعد إليها، فتح لي والدها الباب، استأذنته في الدخول، رحب بي، بعد اعتذاري عن الزيارة في هذا الوقت المتأخر خاطبته قائلا:
ـ كنت أريد أن أفاتحك في أمر هام، لكن هل تسمح لي أولا أن أتحدث...
كل يوم أنتظر حديثها، الذى يستمر لساعات، المستشفى خانقة الصوت، يسمع فيها رنين سقوط الإبرة، حتى أحاديث الأطباء والمرضى هامسة، المريضة التي حجرتها تلاصق حجرتي، تحادثني عبر الجدران عن شرفتها الأشبه بالتلفاز، كيف تصافح من خلالها الناس والكائنات والأشجار والأزهار، وكيف يغمرها ضوء الشمس، كانت بالنسبة...