سرد

يدي الصدئة منقضة على منجل معقوف يعاني من تسوس في بعض أسنانه الا انه ظل يهذي طوال النهار حتى حصاد آخر سنبلة من جوع . بعد انتهاء مواسم الذبح هذه ستتعرض السنابل الى عملية الوخز بالإبر حتى انصياعها الى دقيق يحمل جواز سفر مفتوح الى البطون / الآبار ، عشرة ثيران وأنا الحادي عشر ندوس على كومة من...
لم يك هناك غيري، وحدي كنت أتلقى هسيسا مصحوبا بأخيلة مندفقة بنحو متتابع وكثيف، ولم يك معي سوى بضعة ظلال لأسماء، ظننتني أعرفها، ولم أكُ أعرفها.. هناك.. كنت وحيداً وعارياً من أيّما عاطفة، من أيّما فكرة، كما لو أنني نطفة محض في رحم الوجود، ليس في أفقها أبداً الرغبة في الحضور، مكتفية بحظها من الوجود،...
كأي لص، ظل مستثارا متربصا، منذ أن هجع ليلا أفراد عائلته جميعهم، أمه وأبوه وأخوته ذكورا وأناثا، وقد توزعت مناماتهم سطح الدار. كانت الساعة، على وجه التقريب، قد جاوزت منتصف الليل، وهو وقت يكون فيه سكان المدينة قد غطوا في نوم عميق، بعد نهار تعب ومشقة في طلب الخبز. حين أخذ يرفع رأسه شيئا فشيئا، كان...
معذرة حبيبتي لا آخذ بنصيحتك الدائمة "لا قهوة مساء" فأنا أحتاجها الآن بشدة. يعود من المطبخ حاملا فنجان القهوة الثالث له في خلال ساعتين! يشحذ تفكيره، لم يبق سوي أيام معدودات على بداية سلسلة الندوات التي سوف يعقدها نادي الأدب في باريس وسيكون هو أحد المحاضرين فيها. من مكتبته إلى المكتبات الأخر عبر...
كان الكابران يوقف دابته الصهباء بالجناح المخصص للدواب بالسوق الأسبوعي ( مربط البهائم)، ولحظة إزالته للبردعة على ظهر البهيمة ،ذوى أزيز قوي في سماء السوق، مغطيا كل أصوات الهرج والمرج المنبعثة من الارض.. انقبضت نفس الكابران ... انه يعرف هذا الصوت جيدا.. صوت طائرة ... ألقى بجسده الرياضي المترهل...
طرق الدكتور طه حسين باب الفنانة فاتن حمامة، بعصاه الابنوسية التي لم تفارقه منذ إن كان يدرس في باريس، وعندما فتحت الشغالة الباب وهي تعمل عند الفنانة حمامة منذ انتهاء تصويرها فيلم "دعاء الكروان" اخراج بركات حتى الان ، كانت قد وجدت عند الباب اعمى يكاد يهوي بعصاه على رأسها ، وهو يقول لها متذمرا " يا...
ها أنا مرةً ثانية أعود للحياة أدور في نزيفي، ومهما طالت فيّ الروح لن انسى وجهك ما حييت؟!.. فلا فضيلة للأثر ولا مجد للموت الذي هو صورتك التي ستبقى آفة لا مرئية في ذاكرتي. للحائرة يا الله اختر مشيئتها في ليلة موتها الأخير بيد شيخ التكفير المحارب الهزيل وهو يمضي بجسدي في رحلة جماعية، اصرخ من هذا...
8 البيضة بيضتها، والحيمنحيمنهُ.. كأني وقفت متسائلاً ببراءة قبل أن أتّحِد في خلية واحدة، وأستوطن الرحم.. حتى تنشطر خلية كينونتي إلى خليتين، والاثنتين إلى أربع والأربع إلى ثمان، وهكذا حتى أكون كائناً واحداً، بكامل "أناهُ العليا"، وقبل أن أكتسي بجسد بشري، وأدبّ بحواسي وأتحسس مكاني الهيولي. فكل نصف...
- 1 - لم تُجْدِ القواطع الحديديّة الرَّفيعة التي استبدلوا بها الحاجزَ الإسمنتيّ الوسطيّ العريض، في التخفيف من أزمة السَّير في وسط المدينة. الزحمةُ الخانقةُ ما زالت على حالها، ولهاثُ الميكانيك على أشدِّهِ هذا الصَّباح. هناك أبصرتُه، يحدّقُ بي بعينين قاسيَتَين تعلوهما جبهةٌ مقطّبة، من المرآة...
إصاءة على ديوان "أمضي على أثر له" للشاعر. عصام الأشقر. الأردن بقلم. محمد فتحي المقداد. سوريا صدر حديثًا كتاب "أمضي على أثر له" للشّاعر عصام الأشقر. يحتوي على مجموعة من القصائد العموديّة، انتهج فيها المُباشرة التقريريّة بمحاكاتها للواقع، وهو الأسلوب المُحبّب للشّاعر، وقد نسجها بلغة سليمة...
فلت الجرف من مكانه وسال النهر يبسط نفوذه على المسطحات المجاورة بشكل عشوائي ، فطوى النخل المغروس على الحافة جذوعه المنخورة وتدلى السعف غاطسا ذوائبه ليشرب من القاع كرقبة بعير، فزعت الطيور وبعض الصيادين الذين هالهم منظر انحناء النخيل ،ظلّ النهر مكتئبا ً يشرب غرينه المالح الذي يشبه لون انحسار الشمس...
فيما السماء، على الضفة الأخرى من النهر، تقيم وسائد وردية وأراجيح وأسرة فارهة من نتف غيوم بيض، وتملأ فراغاتها ببالونات زرق بهيجة الهيئة، كان جان دمو، وقبالته قماشة سوداء مثبتة على حامل الرسم، منهمكا في تحويلها لبانوراما تكتظ، في قسمها العلوي بوجوه نظرة لأولاد وصبايا ينشجون بدمع مدرار، يساقط على...
الأوركسترا الوطنية المتعددة الأطياف والمقيمة منذ زمن بعيد، في جدارية فائق حسن، المزدهية باللآزورد والتركواز، والتي تهم حماماتها بالإنطلاق خارج إطارالجدارية، لتسمق عاليا في سماء ساحة" الطيران" ولكنها تعود لتترجل، وتمام مقيمي جدارية حسن، مع خيط النور البكر من فجر يوم تشريني معتدل، عمال وفلاحون،...
مصطفى الحاج حسين. مجموعة قصص: (الإنزلاق) * الإنزلاق.. ما إن وصلت الحافلة، حتّى تدفقت جموع الركاب للصعود من كلا البابين، ثمّة عدد من الفتيان الأشقياء، تسلٌقوا أطرافها وتسلّلوا من نوافذها. اتخدت مكاني في المنتصف، وقد أمسكت يسراي الكرسي، المشغول بامرأة ورجلين، و كانت يمنايّ...
إنها ذكرى ميلادي الثامنة عشرة ، هذا ما تقوله الأوراق الحكومية ،لكنني أشعر أنه عامي الألف ، في كل قرن من تلك القرون أسجل كأقدم جسد بلا روح.. فتحت عيني ذلك الصباح ، لا شيء تغير وجوه من دون ملامح ، وأصوات من دون كلمات.. نهضت من سريري واتجهت نحو المطبخ ،كانت أمي هناك تحضر الفطور مطأطئة الرأس...
أعلى