سرد

أنا الطفلة المختبئة خلف تجاعيدي، لاأزال احب الحلوى ، واللعب بالتراب، لا أزال قادرة على حمل نملة دون أي خوف .. لكن الجميع مصرون على وضع المرايا في كل مكان، المرايا لا تعكس سوى الشكل الخارجي.. ولا يمكنها فتح صندوق أرواحنا المحلقة.. أحاول أن أخطو خطوات ثابتة نحو نعيم ذاتي بعد كل هذا العمر أنا...
يُروى والعهدة على الرواة، أن شابا جميلا، يصنع ويبيع الحلوى، كان يطوف بعربته في أحد أزقة المدينة القديمة.. حدث ذلك منذ زمن بعيد.. فرأى فتاة تُطل من شُبّاك نافذة في الطابق الثاني.. وجهها سبحان الخالق الناطق، كأنه قمر يُضيء عتمة الليل.. أوقف العربة، ونظر حواليه، بعث لها بقُبلة عبر الهواء.. ابتسمت،...
منذ نعومة أظفاري و أنا أعيش في محيط من النار، لا سلطة لي في أختياري، ولدت قضاء وقدر هكذا اتخيلني كلما واجهت العوم في ذلك المحيط الناعم الملتهب من حرارة الشمس، لم احظى بطفولة مثل ما سمعت ورأيت بعد ذلك بزمن تسارع وجعلني افترش واحات مياه باردة ملاذ أمن، شغفت صعوبة الحياة التي فرضت عليّ الى أن كابدت...
حقائب الوجع قصة قصيرة : بقلم محمد محمود غدية / مصر إزدحام حول شاب جوار الرصيف، أوقفت سيارتي بينما الشاب ينزف الدم من رأسه، أوسعوا لي حين أخبرتهم بأنني طبيبة، تبين لي أن إصابته سطحية، أوقفت نزيف الدم الذى أفزع المصاب والناس، لاداعي لطلب الإسعاف، سأخذ المصاب بسيارتي وأنا فى طريقي للمستشفى وعمل...
قبلاتي علي جبين كل ام غزاوية... انتظرت عودته برغيف خبز مغمس برائحته التي تهون عليها الحصار، والنوم تحت قصف المحتل عليهم بالقنابل وقصف الشتاء بالثلج...، صوت ينادي.. أماه.. وصوت اقدام كثيرة وبكاء لنساء.. حاولت ان تنهض واقفة ولكن هناك تل يرقد فوق ظهرها... وحديد في ساقيها يكبلها بالأرض... نهضت...
إلى روح صديقي الشاعر عزيز سماوي تواعدنا في مقهى "أم كلثوم" في طرف شارع الرشيد من جهة الميدان، المكتظة بعشاقها والدخان وصوتها الصادح بحفلاتها المطولة، وصفها صديقي "عزيز السماوي" بذلك بعد أن أخبرته بأنني لم أدخلها يوماً، كنت أمرّ على رصيفها يومياً في طريقي إلى مكتبات "المتنبي" التي سكنتها بعد أن...
سمعه يتحدث بلغة يعرفها. حنّ إلى تلك اللغة ورغب في ان يتعرف عليه ويحادثه. تجمعهما الغربة وتجمعهما الملامح. ما أكثر الصفات الخادعة التي تجمع بين الناس، حتى إذا ما ابتلوا بالحوادث وصروف الدهر، تبيّن لهم ما ينطوي عليه الأمر من خداع! دعاه شيتيل يوم أمس إلى دارهم بضاحية باراديس، المطلّة على بيرغن،...
قصتان بالمحكي الفلسطيني دخل مسعود البغل حوش الدار راكضا لاهثا متقطع الانفاس وصرخ : صفية . ولك يا صفية وين انت ؟ نفضت صفية يدها من لجن العجين وقالت باقتضاب وهي تجلس خلف اللجن : افففففففففف . خير يا طير ؟ هيني هون بالغرفة اتجه البغل نحو الغرفة وهو يواصل لهائه ثم قال لصفية : باركيلي يا صفية...
لكزني بمرفقه ليأخذ مكاني، اختلفنا وانتهى الاختلاف بأن يأخذ المكان الأحفظ للقرآن، زمت وتذمرتُ، مالت سعفتي فمنعتها بقدمي فضغطت على كتفي، أصاب خوص السعفة طابوراً من الواقفين خلفي، قاربت السعفة أن تنكسر اعترض الطابور خلفي، وبدا أحدهم أشد اعتراضاً، وقد أغمض عينا من عينيه وكور يده اليمنى يفرك فيها،...
خمسيني أبيض الشعر، أنيق الملبس، يرتدي نظارة طبية سوداء، تليق بوجهه البيضاوي، يتأبط الجريدة التى يواظب على شرائها كل يوم، لا تفارقه إبتسامته الهادئة للحسناء التى تطل من شرفة الدور الثالث، فى البناية القديمة أول الحارة، بعد أن رتبت موعد عودته كل يوم، ماأن يراها حتى تتسع إبتسامته، تبادله الإبتسام...
غادر الجميع القاعة بينما كنت أمسح دموع فرحي، انتهت مراسم التوقيع وتحصلت على جواز العبور إلى ملكوت الخيال والجمال والبهجة، أخذت قبضة من تراب نديّ، قبّلتها ثم ضممتها إلى قلبي، عنَّ لي أن أرفعها عاليا إلى جبيني تمتمت بعض أدعية وهممت بغلق الكتاب بعد آخر تصفح لوريقاته،فبدت الأحرف تتراقص أمامي و...
كثيرة هي شظايا النفس خاصة عندما أتذكر صورتك التي كدت أحطمها في لحظة شك بأنك رجل تبحث عن الدفئ النفسي في غير صورة من العالم الذي بَنَيته من أجلك، لا ادري كيف تحولت من أنثى عاشقة الى إمراة نالت منها الغيرة والشك كداء الحصبة!؟ لا يفتئان يثيران الحساسية في نفسي فأعمد الى مراقبة تحركاتك، الهاتف الذي...
شاهدوه يخرج فجرًا من داره في حارة برجوان، غادر مسجد السلطان حسن، يسوق بغلته محمَّلة بكومة من الكتب، استوقفوه عند باب زويلة.. استجوبه متولي الحسبة، أمَرهم بتفتيش متاعه، تحسسوا جيوب جلبابه ومعطفه، شخط فيهم: ـــ أغبياء! .. أريد كتبه لا ماله. رمقوه بدهشة: ــ أكوام من الورق لا فائدة منها، إلا إذا...
مرثية حين تقترب الشمس من رحيلها، تكسو المكان نقاباً أصفر ،يبدو معه ظلّ الحصن متهالكاً وممتداً بسموّ فوق بيوت القرية وأزقتها. تتقدم أقدام العجوز المشرَّخة بالحكايات والأشواك نحو الحصن، يقترب ، تستقبله حجارة متناثرة، تمتدّ في طريقه مبعثرةً في اتجاه المقبرة التي تحتضن نوماً قديماً، حجارة...
ماتت زوجة الكاتب الكبير، بعد صراع طويل مع المرض، وكأن الزوج يرفض أن تذهب زوجته وحدها، فقرر اللحاق بها بعد أسبوعين من رحيلها دون سابق مرض، هناك ألغاز مستغلقة على الفهم، كاتب متفرد، يتحلى بمهابة وفخامة، تزدادا إذا تكلم، صوته خفيض هامس، ينفذ إلى أغوار النفس بلا إستئذان، لايملك المرء أمامه سوى...
أعلى