ضاق ذرعا بحظه، وهو الميسور الحال، لديه الكثير والكثير مما يحلم به الآخرين، مضاربات فى البورصة، وأرصدة تتزايد فى البنوك، وزوجة تشاركه العيش، بقلب عامر بأسمى العواطف وأنبلها، قلب يحنو ويبذل ويضحي
فى سبيل إسعاد الزوج والأبناء، راعه منها فيض شبابها وسحر جمالها، وتوقد ذهنها وإقتران الأنوثة فيها،...
كان يقف عند نافذة حجرته يراقب تساقط الثلوج المستمرة ،ندف قطن تتطاير بغزارة من سديم أبيض ، إنّه يعدّ الساعات المتعاقبة علّها تتسارع كي يحلّ المساء ،لتحضر عنق حمام إلى مجلسه فتدفىء أرجاءه و روحه التي يدبّ إليها البرد غير متوانٍ ... علا صوت صهيل الخيل في الإصطبل، فتطايَر إلى حجرته الصامتة...
كانت سائرة في حزن وألم، طريقها المستشفى، لم تخبر أحدا من أهلها بأنها ستجري عملية فقد طمأنها طبيبها أنها تمر سريعا، وأنها تنجح بنسبة كبيرة، و سريعا يشفى المريض، لكنها مع ذلك تمنت لو أن عزيزا أحس بألمها وأدرك ما هي فيه، كادت وهي تعبر الشارع نحو الرصيف الآخر، تدهسها سيارة بسبب شرودها وسرعتها في...
استيقظ الشبل ذات صباح، وقد أحس بأنه صار أسدا خاصة أنه الآن قد ورث عرش أبيه بعد ما صار الذكر الوحيد بين أخواته العشرة.. ، خرج من عرينه متباهيا بلبدته التي بدت حديثة عليه ،إنه كبير الغابة الآن، وله أن يمشي مختالا، صادف ابن عمه النمر في طريقه ، فنظرا إلى بعضهما البعض نظرة الند للند، كأن أبا فارس...
مازال منذ غروب الشَّمس يلازم الأريكة المنصوبة في فناء الدَّار، يقبض على خرطوم نارجيلته، ويلتقط من الراكية قطع من الجمر المتوهّج، يضعها على حجر المعسل، ويسحب أنفاسًا عميقةً، ويزفر بقوةٍ، ويخلّف سحبًا من الدُّخان الثَّقيل، تغطّي وجهه، الذي كسته التَّجاعيد وعلامات التَّوتر والقلق. من وقتٍ إلى...
عندما ينتشر عرف بين الناس و يتفشى في حياتهم، ولم ينكره أحد ليكتسب بذلك قوة بصمت الناس فيستفحل امره :باتفاق شبه صامت من الأغلبية بالتغافل عنه ليتمتع بقوة القانون الواجب النفاذ،: ثم تتوغل هذه العادة أو وتزداد انتشاراً؛ وتتمدد في حياتنا كلما تقادمت فترة من الزمن ، لعل وجهة نظر المجتمع فيما سبق...
كانت وحدها جالسة في صمت كئيب إلا من أغنية فرنسية بلحن رتيب اشتعل بعد أول لازمة وأيقظ ذاك اللهيب...
صمتت الأغنية فوجدت نفسها مرددة:
Et moi non plus je n'ai pas changée
Toujours le même petit sourire
Qui en dit long sans vraiment le dire
Non moi non plus je n'ai pas changée
ذرفت دمعة لم تشعر بها...
قتلوه يا محمد، قتلوا نصر الله يا محمد. ظلت زوجتي تردد هاتين الجملتين وهي تقطع المسافة بين مكتبي حيث كنت أعدّ درسي وبين قاعة الجلوس حيث شاشة التلفزيون. أوَ مات سماحة السيد يا روضة؟ قتلوه يا محمد. لم أر في وجهها ولم أسمع في صوتها كل هذا الوجع منذ جاءها نعي أمها قبل أربع سنوات. أنا أيضا كنت في...
لم تتبق غير ساعات معدودة؛ أمسك بقلمي وأشيائي التي يعز علي أن أرحل دون أن ترافقني، لقد صحبتني سنوات عمري: كتبي التي دونت في هوامش صفحاتها تعليقاتي، الخطابات التي لم تجد من يتسلمها فعادت إلي؛ لأنه لم يستدل على عناوين أصحابها، بعض الصور التي سجلت لحظات مسروقة من الزمن الرديء، حاولت أن أتخفف منها،...
“ارتَدّ إلي طرفي وهو حسير، وقد صدمه قبح ما رأى، واقع أليم، وزمن ساخر يتسلى بأوجاع من طالهم جُورَه وَجُورَ بني جلدَتهم من علية القوم ونخبة النخبة، ممن يستنكفون إلقاء نظرة على من هم دونهم في الوضع والحال، ويسرفون في ذمهم و تحقيرهم دون أن يرِف لهم جفن، أو تتحرك في قلوبهم رجفة رحمة”
دَاهمهُ هذا...
أهلي أحبائي.. أبناء عشيرتي في سوريا، لبنان، الأردن ومصر. أريد أن أخبركم بهذا أنني فقدت يوم أمس إبني.. بكري بعد أن ربّيته ورعيته بنور عيني حوالي نصف القرن. ابني حبيبي نور عيني. رأيته يكبر يومًا بعد يوم.. شهرًا .. وسنة في أعقاب سنة. يا الله ما أصعب ساعة الفراق. قلبي يتمزّق. الآن بعد أن جاء الرجال...
يفتش في قاموس وحدته، عله يقابل مفردة تسطر غصة قلبه. أصابه الملل من فنجان قهوته الذي يضعه دائما كطوبة لبنة في جدار أحزانه. ألم يأن لهذا العبث أن ينتهي ؟
كان سعيدا جدا تلك الليلة، زفرت أنفاسها على صفحة وجهه، هرب قلبه من بيته واحتضنها، عاد منتشيا إلى قطته وأسر إليها بالسر الكبير، ماءت القطة مواء...
رائحة ضفائرها موغلة بذاكرته، لم تستطع الجدران الصماء، وصرير الأبواب الموصدة، حجب وجهها الذي كان فى لون سنابل القمح، وابتسامتها التي كانت أشهى من ثمر التوت والبرتقال، تشرق منه وتغرب فيه، واسعة العينين يتعانق فيهما الجنون بالثقة، تذيب الصخر وتشيع الدفء، ثمانية عشر عاما على رحيلها، ومازالت تأتيه...
برفقة عمّي (عمر)، ذهبت جدّتي إلى.. البلدة التي تعيش فيها أختها.. والتي تتبع لهذه (المنطقة)، وكان الوقت مساء، لذلك ومن المؤكّد، بأنّها ستنام هناك.. أمامها ثلاثة بيوت، يتوجّب عليها زيارتهم، دار أختها (فطيم)، التي هي من تقصدها في الأساس، لخطبة حفيدتها لأبي، والدّار الثّانية هي لأخيها (الحج محمد)...
في ظلمة تمحو ملامح المكان ، كتلة بشرية سوداء قابعة في كرسي ، تحاول العينان منها فك شفرة العتمة فيزول العمى ، في مكتبه بين كتبه الموسومة بعناوين شتى ، لم ينس سعيد هنداوي أول شعور بالغرور العذب يسري في دمه ؛ إذ يرى اسمه مطبوعا على غلاف ورقي بائس ، بالنسبة إليه كانت المرة الأولى في يوم بعيد...