قصة قصيرة

هضاب ضبابية راكضة على الطريق الندي. تطمس معالمه.. تطعن صدور السيارات المتحفزة لقطعه ولا تموت.. السائقون مستسلمون للموت المندس في الهضاب ينتظرون الشمس الكسولة تصطاد الهضاب بشبكاتها.. نبضات الخطر التي تحرس السيارات من هجوم بعضها على بعض تشكل للسائقين مسافة أمن.. أيقن السائقون ضعف التكنولوجيا أمام...
مع انسدال خيوط الضوء الأولى، وهى تفسح الطريق للنسائم البكر الباردة المنعشة، كان يبدو فى الأفق "خيال الماتة" وحيدا حزينا، حيث بدءأ يتمايل ذات اليمين وذات اليسار كعاشق صوفي أصابته لوعة عشق، كان مرتديا شبه جلباب ممزق به خطوط طولية زرقاء ومستقيمة تقطعها بعض الرقع المستطيلة باللون الأخضر، ويحمل فوق...
وقف قربي، وقد جَن المساء، فظننت أنه عابر سبيل، منصرف عن دعوة أو صلاة عشاء، مسدلاً على وجهه غطاء جلبابه، وقد بدا لي وكأنه يحمل في يديه شيئا يقطر ماء، فلما أضاءت سيارة ـ فاجأتْ وقفتَنا ـ ما حولنا، رأيته، فارتعْتُ، كان هو نفسه القذافي .. أبو طاقية ـ كما نعته، أحد الظرفاء، إنه إله النفط، لا يزال...
مقهور... مكسور... ومشبع بالحزن، بت أمتصه كما يمتص الإسفنج الماء، أو كأرض متعطشة للمطر. أمشي في شوارع هذه المدينة باحثاً عن صدر أمي لأرتمي عليه..وعن يدها الدافئة لتمسح بها على شعري وتقول لي بأنني كنزها وهبة الله لها الأبدية ولكن هذه المدينة أصبحت قاسية تعرف بإتقان كيف ومتى تسرق منا...
غادرنا الميناء ليلا متجهين إلى الشمال الشرقي من المحيط الهادي، هدفنا الوحيد مطاردة بعض سفن الصيد الجانحة ومنعها من صيد الحيتان المهددة بالانقراض. تركنا أهالينا على رصيف الميناء يلوحون لنا بأياديهم مودعين ومتمنين لنا القيام بما نحن مقبلون عليه في أحسن الظروف، وعلى أحسن ما يرام حتى نعود سالمين...
وقفت طويلا لعلي أجد فرجة أنفذ منها إلى داخل الأتوبيس فلم أجد، تعبت ساقاي كثيرا، الوقوف متعب والانتظار مملّ، أخذت أطوف به بحثا عن فرصة دخول أو فرصة خروج مما أنا فيه، عاينت مداخله كلها فلم أجد منفذا، كانوا على كل باب مثل النحل أو أشد تلبكا. داخلني قلق شديد أن تنفذ المقاعد ثم لا أجد إلا على رحلة...
الطفل حنظله.. حافي القدمين .. ثيابه رثة.. ترك المدرسة من شدة الفقر, والده لم يستطع أن يفي باحتياجاته من قلم الرصاص والدفتر. دروب العمل معطلة.. والبطالة متفشية, الفقر أصبح موضة أكثرية العرب. كان حنظله نموذجاً حيّاً ومباشراً لأطفال العرب خصوصاً, وأطفال العالم الثالث عموماً .. لا يشربون كأس الحليب...
كلما هبط السكان تحت الأرض، مع اشتداد حرارة السطح، أخذوا معهم سجيناً واحداً، استبقوه رمزاً لماضٍ سياسيّ خانق عانوه، مع سجّانه الذي يرافقه دوماً. وربما وضعوا تاريخاً ثابتاً يذكرهم بيوم السجين السياسي، أسوة بأيام الأسبوع المتسلسلة في رموزها الأبدية. في بداية صيفٍ لاهب، أعفِي المساجين جميعُهم من...
البيدر مطعون بالسيف.. الأشجار تتيممُ بالغبار.. الأغصان مسامير واقفة.. خراف الأمس الراكضة أضحت بذورًا منثورة.. الطيور الميتة أمست علامات عبور للرحل.. متى تلد الصخور مياه؟ متى يأكل السرو فاكهة ناضجة؟ متى يبني العصفور عشه وتفتح الصغار مناقيرها مناديةً أبويها بزقزقة مخنوقة؟ آه! منذ زمن لم أسمع...
فتحتُ عينيّ ونظرتُ الى الساعة التي أمامي على الحائط. السادسة وأربعون دقيقة! لم يبقَ على وصول الباص أكثر من عشر دقائق! ياه... تأخّرتُ كثيرا! هببتُ من فراشي وركضتُ الى الحمام. ثم عدتُ الى الغرفة واندفعتُ للبس ثيابي. نظرتُ الى يميني فرأيتُ أنها ما زالت نائمة، مستريحة. المسكينة. منذ البارحة وهي...
لم أبرع أبدًا في عقد الصفقات حتي قابلته. هو أول من لقنني مبدأ »إذا كنت تجيد أمرًا ما، فلا تفعله مجانًا»‬، حتي دون أن ينطق هذه العبارة. لكي أحكي قصتنا، أحتاج لجمع أشلاء حقبة مر عليها ستة عشر عامًا تقريبًا. هي سنوات لا أكن لها أي مشاعر سواء بالسلب أو بالإيجاب وتشغل حيزًا ضيقًا في ذاكرتي، بل هي...
غ1 داعب العجوز حبات مسبحته، وهو يتلو الورد، كان قد فرغ من عشاء دسم، وشرب شايا في دورتين، حمد الوهاب، ترحّم علي الآباء، والأجداد والراحلين من أموات المسلمين. عجوز وابن أخيه يلتقيان في الخريف، غالبا كل عام، تكون حدة الحر كُسِرت قليلاً، وبدا الجو مقبولاً لعجوز قضي معظم سنوات عمره في الشمال، بجوار...
فاجأتني صورتي في المرآة بالأخص عيناي، أنهما ليستا لي، رأيتُ هاتين العينين من أيام لسيدة عجوز كانت تدعو علي ابنها الذي طردها ليهدم البيت ويقيمه علي مساحة كبيرة. منحته الأم قطعة أرض بجوار حجرتها التي تقيم فيها وهو أيضًا يقيم معها و يزورها أولادها وزوجاتهم فيها، الابن يقرر إدخال حجرة أمه في البيت...
في شوارع وازقة مدينتي شكا بعض المواطنين من ظهور اجساد غريبة وهي تتنقّل من زقاق الى زقاق ومن شارع الى اخر وهي تصدر اصواتا غريبة كأنها تنطلقُ من بئرٍ سحيق .. بعض الشهود ذكروا ان هذه الاجساد ارعبتهم اكثر مما فعلت معهم المفخخات والعبوات والاغتيالات وغيرها من المرعبات .. وقالوا ايضا، انه على العكس من...
أخبروه عندما ماتت أمه بانها ذهبت إلى الجنة...واشاروا الى السماء انها هناك الآن تاكل رمانا وعنبا..وتشرب من أنهارها عسلا وحليبا...الا تحب لها ان تحصل على كل ذاك..؟! _بلى..! إذن لاتبك.إذا بكيت ستحرمها الملائكة من ذلك وتدخلها النار ومسح.الصغيردموعه..ومتسائلا وهل في الجنة ايضا شبسا... ؟ _نعم..وشبس...
أعلى