قصة قصيرة

من عجيب الأمور أننا قد نحيا الحياة سعيدة نخالها طويلة في حلم قصير الأجل. وما تعتم أن تطرق اليقظة مغلق الأجفان، فينتقل النائم من عالم الأحلام المخدرة إلى دنيا حقائق شديدة الجفاء، وما يجد يده قابضة إلا على هواء. على هذا المثال مضى ذلك اليوم من حياته، كان يوماً أو بعض يوم، ولكن قلبه ذاق فيه سعادة...
الليلة عيد مولده! أولئك أصحابه وصواحبه قد أحاطوا به فرحين مهللين، يضيء البشر في قسماتهم، وترف على شفاههم بسمات الفرح والمسرة؛ قد تنادوا إلى موعدهم ودعوه معهم إلى ناديهم، ليحتفلوا بعيد مولده! وإنه لجالس بينهم ولكنه ليس منهم؛ إنه هنا ولكنه هناك! . . . وفي يده زهرة يعبث بها. . . وضمها بين راحتيه...
الصبح يتنفس في تثاقل ، والشيخ سـيد أبو الغريب على مئذنة جامع أبو عيسى يرفع صوته بآذان صلاة الفجر جماعة ، والديكة تتصايح على أسطح البيوت ... هبَّت الجِدَّة تتسـاند على حوائط الردْهة الطويلة تُجرجر أذيال ثوبٍ كان في يوم ما يبتعد عن الأرض بمقدار شـبر ، ويوشي بعـِّز ولَّى من زمن ليس ببعيد ... انحنى...
قبيل آذان الفجر بكثير تسلل بكل هدوء كلص خائف من تحت اللحاف, تتلمس قدماه المرتعشتان موطئهما بحذر مرة تلو الأخرى كي لا يتعثر في أبنائه السبعة الممدودة أجسامهم على طول الغرفة كجذوع النخل, فتح ضلفة الباب ومرق خارجا. تنفس الصعداء وكأنه نجا من الصراط, لا زال المكان يئن تحت وطأة الظلام..الا أن عيناه لم...
الشمس كانت حارقة، الجو خانق، الأتوبيس مزدحم، وهي كانت واقفة تنز ماء من مسام جلدها، حين وفجأة وقف خلفها هو، حاله كان كحالها تماما، الماء ينز منه ويندفع.. رغم الزحام لم يحاول أن يلتصق بها رغم الشيطان الذى يوسوس له، ورغم انتظارها الذى كان يبدو واضحا من تأهبها لرد الصاع صاعين.. ربما تكون رائحة العرق...
انتهى من فرش شقته - أو حجرته إن أردت الدقة - لأنها كانت مكونة من حجرة متوسطة الحجم وردهة صغيرة، وكان الأثاث في غاية البساطة كذلك لا يعدو الفراش الخشبي الصغير وخواناً يستعمل مائدة للطعام ومكتباً للمذاكرة وكرسياً وصندوقاً لحفظ الملابس والكتب ومسطرة مدرسة الصنائع المعروفة بطولها. وهذه الشقة هي...
“سيكون هناك اختبار”.. ردَّد الصوت ذلك طويلاً، حتى وأنا بين الحياة والموت أسمعه يقولها بحَزْم، وهكذا كان يُردِّد طوال الاختبارات التي كنتُ أتجاوزها كلَّ يوم. ومع كلِّ اختبار، أكتشفُ أنَّه لم يكن هو الاختبار المقصود.. كانت الصحراء مُنهكة مُمتدة، لا نهاية لها، ورغم اللثام الذي يُغطِّي وجهي، فإنَّ...
لم يغمض لها جفن طوال تلك الليلة.. كانت غارقة في تفكير عميق لا مفرَّ منه، مُسيطر على كل ذرة من كيانها، وكأنه السلطان الذي يحلُّ على حاشيته فيذعنون له كالرقيق؛ حتى شعرت بأن رأسها يكاد ينفجر من دوامة الأفكار التي تعصف به. كان قرص القمر يلتمع في صفحة السماء السوداء التماعًا متوهجًا على نحو موصول؛...
في مكان بعيد، حيث تسكن أشباح الليل الأسود .. كانت تقف هناك فتاة تعتقد أن الدنيا قد أظلمت عليها .. لم تكن هذه هي سمر، لم تكن هي تلك الفتاة، لقد تغيرت، لقد شحب وجهها، وزالت ابتسامتها .. مَن منا يدري ما الذي يجري لهذه الفتاة؟ فجأة أصبحت لا شيء، بعدما كانت سمر تلك الفتاة المثالية التي لطالما...
كانت (راجية) تعلم أنها مفارقةٌ المدينة غداً، ما من ذلك بُدّ؛ لقد حاولتْ أن تنسأ الأجل إلى الرحيل فلم تظفر بطائل، وافتنَّت في الاحتجاج لرأيها ما افتَّنت فلم يستمع لها أحد؛ وأجمعت الأسرة أمرها على السفر إلى الريف لتكون بمنجاة من ويلات الحرب. . . حقاً؟ أيكون الريف أبعد من المدينة عن ويلات الحرب؟...
لم يكن يرى شيئاً من هذه المناظر الجميلة المتنوعة التي يمّر بها القطار، ولم يكن يسمع شيئاً مما يدور حوله من أحاديث الناس. كان في دنيا الماضي يجوس خلالها، ويقف على بعض مشاهدها وقفات طويلة مفكرة. هو ماضي أليم، ولقد كان نجح بعد جهود مرّة في إسدال الستار عليه، وفي نسيان ما فقد فيه من آمال عزيزة قرّح...
قبل الحكاية: – “أين الجنة؟”. نهرُ حنين انسكب من عينيها، وحشرجة جرح ازدادت تمدُّدا في قلبها المكلوم. وقبل أن تجيب أمها….! أبصرتْ الجنة في طرف جلباب والدها المعلَّق: “الجنة نقشٌ في جلباب أبي.. وأبي الغائب… في جلباب حكاية!”. بعد الحكاية: الخوض تلك المدينة النامية، تكاد لا تنام شوارعها في...
قَالَ “فارس” وهو يَضَع يَدَيْه الصَّغيرتين على مَلَابسه: “ملابسي مُبلَّلة”، ثم نَظَر أيضًا إلى فَرَاشه، وقد فَتَح عَيْنَيه باتساعٍ شديدٍ: “وفِراشي مُبلَّل أيضًا”. ذَهَب إلى خَزَانة الملابس؛ ليغيِّر مَلابسه، فسقطتْ جميعها عليه. ذَهَب إلى أمِّه ليخبرها بما حَدَث، ولكنَّ أمَّه كانت مشغولة بأخته...
تلك الخيام كانت تقاوم دفنها تحت العاصفة..البرد القارس قد يكون القاتل الأبرز في هذه الأرض الموحشة، ليست الخيام سوى كفنٌ مؤقت سيُستبدل سريعا بكفنٍ دائم، وحينها سيكون أكثر دفئاً. ماذا لو تُركت الأجساد على ممشى القادمين؟ ماذا لو لم يجدوا في وقت فرارهم فرصة لدفننا ؟ حسنا لا بأس سأخبر جيراني في...
طبطب أستاذ مادة اللغة العربية فوق كتف لبنى بحنان هو يقول "ستصبحين مميزة ،لا ينقصك سوى الكثير من التركيز ، وغير قليل من الانتباه. وأضاف بنيرة أب حنون " واجباتك المدرسية قبل التلفزيون ...أتسمعين. يا لبنى؟؟؟؟ في البيت العتيق ، لا يتوقف جهاز تلفزيون 14 بوصة بدون ألوان عن الضجيج و لا يكف عن إرسال...
أعلى