قصة قصيرة

خلَتْ (هُدَى) إلى نفسها تتدبّر أمرها وتزن ماضيها وحاضرها؛ كانت تشعر أنها قادمة على أمر ذي بال، وأَنها الساعةَ في مرحلةٍ بين مرحلتين من حياتها، وثَمّةَ طريقان عليها أن تختار أيَّهما تسلك؛ فإما إلى سعادةِ تُنسيها الماضي بما فيه من لذة ونشوة وسحر، وإما. . . ولكنها لا تعرف السعادةَ إلا ما كانت فيه...
هل يعقل ان تتحول السماء التي لايحدها البصر الى بقعة صغيرة جدا ليست اكبر من النافذة الشاهقة التي يرفع اليها رأسه ؟ مرة يراها زرقاء ومرة سوداء او سمراء غائمة واكثر المرات مغبرة. هي كالفتحة في اخر نفق مظلم تربطه بالحياة وبالتاريخ الذي مر به. لم يكن معه من يتحدث اليه او شيء يقرأه حتى ولو كان ورقة...
قررت هذه الليلة أن تعمل بالنصيحة التي طالما ترددت في تطبيقها.. هيأت وجبة عشاء شهية.. أوقدت شموعا.. تزينت.. تعطرت ..لبست فستانا جديدا.. غيرت تسريحة شعرها.. نثرت ورودا على الفراش.. حضّرت منامة حمراء، حرصت أن تطويها بعناية فائقة، وتضعها في وسط الفراش؛ حتى تأخذ شكل وردة كبيرة وسط الورود الحقيقية...
يكاد أن ينطبق عليها قول الأعشى : غراء فرعاء مصقول عوارضها / تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل تلك هي (غادة) الشابة المليحة القسمات التي كان يتبارى شبان حيها ذات زمان مضى على الفوز بقلبها ، فمرت الأيام والسنون واصبحت (غادة) زوجة وام لثلاثة أطفال بعد أن تزوجت (بفيصل) ، الرجل الثري الذي يمت لها...
يرى بيسو جارته ( أم على ) الأرملة تتجمد الأرض تحت قدميه، يهذى كالمحموم , يحبها بجنون، يتلصص عليها وهى عارية تستحم من خلال ثقب صغير في عشته , تتسع عيناه وترسل شعاعا يصل لجسده الأبيض تحت نور القمر الغارب , يرى نهديها المتحفزتين يزداد جنونه وشبقه يمد يده ليلمسهما فلا يلمس إلا فراشه الخشن ، تتراقص...
جاء بها من حديقة بيضاء تحاكي القمر، نسرين التي تشبه القمر، سرى بها في الظلام محتفلاً وهي لم تحتفل، لما رأت سواده المفزع لطمتْ خديها وبكتْ نسرين. أي حظ هذا الذي قادني من حديقة البياض إلى مزرعة الخنافس، سرتْ والدمع نصفٌ محترق ونصفٌ يطرز فستان الزفاف، حطتْ رحالها في الدار الغريبة بين أصوات الخصام...
وفاء وفيصل زميلا مهنة واحدة ؛ يعملان في قسم الاستقبال في مستشفى للأسنان. متجاوران في مكان عملهما منذ سنتين. بدا فيصل مهتماً كثيراً بأمر وفاء، فهي فتاة ذكية ولبقة ونشيطة ومعظم مرتادي المستشفى من الرجال يفضلون الاتجاه نحوها للحجز عند الطبيب؛ لسرعتها في انجاز عملها. فيصل لايعرف عنها الكثير، سوى...
الموعد من السادسة إلى التاسعة من ليل الجمعة ، اللقاء سيتمّ في مكانٍ يُدعى الجلجلة أو الجلجثة ، هناك تواعدنا (لكن بدون لصّين ). ذهبنا لوحدنا وبدون موكبٍ يرافقنا... كان كلٌ منا قد صلّى طويلاً في بستان الزّيتون... كلّ منا قال: ( لتكن مشيئتك يارب لا مشيئتي أنا ) وانطلقنا نحو الجلجثة وأجفان الناس...
وضعتني أمي على عجلٍ في فجرٍ ماطرٍ ونهضت لترعى إخوتي ، ويبدو أيضاً أن أبي أرسلني إلى رحمها على عجل ، حيث كانت الحياة قديماً لاتمهلهم كي يلموا بالتفاصيل الجميلة للعلاقات. فخلقت عجولة ، يضيق صدري من التفاصيل المسهبة، كنت طفلة مزعجة دائمة البكاء ، كثيراً ما تعرضت للسخرية كلما خرجت للعب مع أطفال...
وقفتُ أمام المرآة مبتهجا في منزل صديقي عبد الله .. اعيد إحكام ربطة العنق التي أرتديها مع بذلة المناسبات .. كان صديقي يدندن في الحمام مع نغمات أغنية ( وحياة قلبي وأفراحه ) صحتُ وانا أستدير امام المرآة سعيدا بأناقتي الطارئة .. - أسرعْ يا أستاذ عبد الله .إننا لا نضمن المواصلات ويجب أن نحضر الحفل...
الناس لا يصدقون المعجزات، لم تعد تستهويهم الأساطير ولا حكايا الجدات. أواجه معهم مشكلة جدية عندما أخبرهم عن معجزة حدثت منذ زمن قريب. يجدون عسراً في محاولة فهم ولادة صبية جميلة من الشمس والقمر. كانت الصغيرة هي ما وجده أهل القرية ذات يوم بجوار نخلة باسقة ويتيمة بجوار آخر بئر تجود بالماء في ذلك...
حمل حقيبته المهترئة من قريته التي تحيط بها الجبال كحدوة الحصان، مسافراً إلى مدينة مضاءة ليلاً ونهاراً ، يبحث عن وظيفة ، وهو الذي يرتعب من ظِله ، ولديه الخوف من كل شيء. ولم يبرح القرية منذ ولادته . أقلته سيارة إلى المطار المزدحم، دسَّ ملفه الأخضر العلاقي بين ملابسه البالية ، جابه المفتشين في...
كنتُ أقف على أبواب تلك الجنتين . عن يمينٍ تمتدُ أنهارٌ بلا نهاية ، صافيةٌ كأنها مرآةٌ مصقولة، وعلى جوانبها تدّلت أنواع شتى من الثمار التي فاضت بألوانٍ لا مثيل لها . عن يساري كانت جنة أخرى ، كل ما فيها نورٌ ينساب في أشعة طيفية فيخترق الأجساد ويثير فيها نشوةً عجيبة ، كانت الجنة عن يساري مسكونةٌ...
ليس هذا نوما .. بل غياب. جسدي مسجى .. عاجز.. كسجادة صوفية إيرانية إمتقلت .. رأسي هاجع في قعر بحر الرمال العظيم . تواتيني أشباح صور تتراقص في المطلق.. حيث لا زمان، وحيث كل الأماكن عنوان .. ولا عنوان. تشير مؤشرات ضبط الوقت الى الساعة صفر.. تتعطل كل الخصائص الفيزيائية للأشياء.. فها انا أسبح على...
في صدر أيامه لم يطاوعه طموحه على الزواج من ابنة عمه؛ بداله يومئذ أنه خليق بالفرار من بيئته إلى بيئة أعلى وأقدر. ولما قيل له: بنت فلان أشهر تاجر في الحي مهذبة وجميلة، رأى أن آماله أسمى أيضاً من هذه البنت وأبيها، ورأى قدْرته أجدرَ أن تُنيله نسباً أجلً. . . وأحس أن آمال كثيرات من صبايا الحيّ...
أعلى