قصة قصيرة

وُلِدَ خليل طفل خديج، وكان رأسه عند الولادة كبير جداً. قالت القابلة لوالدته حينها: "يا لطيف! لعمري لم أسحب وليداً مثل ابنك هذا. رأسه كبير كرأس الثور!". في السادسة من عمره دخل خليل المدرسة الابتدائية، لكنّه هرب من اليوم الأول بحجة أن المعلمة، حين دخل التلاميذ غرفة الصف، ربتت على رأسه هو دون غيره...
حين وصلت، كان رأس الديناصور يرقد بالقرب من قدمي السيّدة وئام. كانت تقوده عبر أحياء المدينة لإيصال الركاب. وكانت هذه رحلته الأخيرة. جاءت أربع رافعات لنقل الجثة. ربط عمال أطرافها بالحبال استعداداً لرفعها على لوح معدني تحمله ست شاحنات. كانت السيدة وئام تتابع المشهد. وكان حزنها ظاهراً. اسمه ساتولا...
راحت ميوب تتقافز بخفة من قن الدجاج إلى حظيرة الخنازير إلى بيت النار، وخيّل إليها أن الأيام لم تكن يومًا جميلة كما كانت آنئذ. فها هي الريح تعبق بالإثارة، وتملأ خياشيمها رعشة وحماسة، بينما جعل حصاد الذرة والقطن والفول السوداني والقرع من كل يوم مفاجأة ذهبية تحرك فكّيها لذة. share طفلة في...
قالت سآوي الى رجل يعصمني ، وحال بينهما الصمت فكانا من المغرقين . ما عاد الخوف يخيف ولا الحزن يحزن فبعد سنين من مقارعتهما اختبارهما.. اصبحتهما ! تندّ عنها ابتسامة ساخرة وتهمس في سرها – ما اصعب ان يتحدى المرء نفسه فلا يجدها ، ان يمد يده خلال سدم الماضي بحثا عن ملامحها كمن يتلمس تفاصيل...
كان وجه رئيسي في العمل يوحي لي بشاربيه اللذين يشبهان جناحي طائر يحلق على انخفاض، وبعينيه الصارمتي النظرة. هذا الوجه يوحي عادة أنه امضى ليلة سيئة وانه عانى الكثير من الهموم التي مبعثها الافكار الثقيله الموحيه بعدم خلاصه منها، وكعادته كل صباح يسألني: ـــ هل نمت ليلة أمس مثلما حدث لي، أعني دزينه...
ملاحظة لا بد منها: (جرت احداث هذه القصة في عهد النظام السابق، وكانت خاتمتها في نهاية ذلك العهد البغيض). مّر السيد عبد الحليم سعيد النواد بمقهى (العروبة) وهو في طريقه الى دائرته الحكومية القابعة في طرف المدينة، كان يرتدي قميصاً ابيض وبنطلوناً اسود، سلّم على جلاس المقهى، ردوا عليه التحية، واختفى...
مهداة الى القاص والروائي الرائع والرقيق مثل نسمة ربيع في ليل آب اللهاب الصديق صالح جبار خلفاوي عدنا بعد الظهر، أمضينا هناك بضعة ايام، أنا وجهاد والأستاذة وشتاين. في قرية العزيزة إلى الجنوب من ناحية المشرح، قرب الحدود ألأيرانية، على مقربة منها حقل نفط، واقعة إلى الشرق من العمارة. بحثنا مع الناس...
أقبل ممطرا.. مظلما.. موحلا.. وبدأ موسم البطالة، أجلس في البيت عاطلا عن العمل ثلاثة أيام بطولها، أو أشتغل أشغالا صغيرة مختلفة. وفي الدكاكين كانوا يخدعوننا – نحن العمال – فيقدمون لحما نتنا، وطحينا عفنا، وشايا أستعمل فجفف من جديد.. كان المعاونون والممرضات ينهبوننا في المستشفى، وإذا ما كنا أفقر من...
انتظر إلى أن امتلأت الحافلة عن آخرها، وما عاد متسع للمزيد، حتى صارت كالحامل على وشك الوضع، وانطلق ذاكرا الله أن ترافقه السلامة، فأرواح الناس ميثاق غليظ. سارت على هدي من الله تتمايل ببطء تشكو إلى الباري أمرها وأمره، في نوع من التضامن بينهما قل نظيره؛ خيط نور يربط بين روحيهما. كان يعلم أنها لم...
زوجي سائق باص. منذ ثلاثين عامًا وتزيد. تعرّفتُ إليه وهو في الرابعة والعشرين، وكان تخرّج للتوّ من مدرسة السياقة في المدينة. في بطاقة هويته كتبوا إلى جانب المهنة: “سائق باص”، وكانت هذه كفيلة، إلى جانب صورته البراقة، بأن تدخلني إلى قفص الزوجية الذي بناه لي، في قريتنا الجميلة النائية. كنتُ في أثناء...
صوت رصاص يُسمَعُ من بعيد, بدأ الصوت يقترب شيئا فشيئا.. جموع تنتظر بحذر وتنظر بريبة وكأنها أرانب برية تتحسس المحيط بأنوفها, لا ترى بعيونها, تنتظر غياب الصقر كي تخرج من جحورها لتأكل ما تستطيع, ربما تعود أو قد لا تعود! الصقر لم يعد له وجود, السماء خالية سوى من الغربان المتفرقة التي تمر بين فترة...
تتصلُ به كعادتها فَقَدْ اشتاقت إليه.. لكنه لا يرد، لا بأس ربما لم يسمع فتعيد الاتصال مرة أخرى والابتسامة جاهزة على شفتيها لترحب بصوته، الذي تحبه. ولكن دون رد، فيقوم إصبعها بطلب المكالمة مرة ثالثة ورابعة بشكل لا إرادي والنتيجة لا إجابة!! بدأت تسحب أنفاسها بصعوبة وصارت تسمع خفقان قلبها الذي يشير...
زماننا عاثر الحظ أو نحن به عاثرو الحظ. فأينما تول وجهك تسمع تنهد شكوى أو تر تجهم كدر. ولن تعدم قائلاً يقول إن هذا الزمان أضيق رزقاً وأنضب حياء وأفسد خلقاً وأقل سعادة وأنساً من الزمان الماضي، ويجوز أن نكون لزماننا ظالمين، وأننا نتحامل عليه لا لعيب اختص به دون غيره من الأزمنة، ولكن تبرماً بقساوة...
في حارة (قصر الشوق) من حيّ الجمالية بالقاهرة، وإلى الشمال الغربي من مسجد (أبي عبد الله الحسين) حيث لا تزال القاهرة التي بناها المعز لدين الله قائمة في هذه القباب والمآذن، وتلك الدُّروب والمسارب، وهذه الدُّور الرحيبة المتقادمة التي تفضي إليها من باب إلى باب إلى أبواب. . . . . . هناك، حيث...
إلى إبراهيم البهرزي الوحوشُ التي تأتي من الحديقة المظلمة، تخترقُ زجاجَ النافذةِ مثلَ الضوء.. تحدّقُ بي ثم تمضي الى غرفةِ النومِ.. وأنا اجلسُ متماسكاً، على الأريكة المغطاةِ بالنمل.. لا أدري للآن، ما الذي تفعلهُ الوحوشُ وهي تدمدمُ بزئيرِها المكتوم تتقّلبُ فوقَ سريري، وتنقّبُ في الدولابِ المكتظّ...
أعلى