قصة قصيرة

استيقظت الساعة الرابعة فجراً ... غرفة مظلمة, بابها مواربة قليلاً. يمتد ضوءا أبيض من طرف الباب باتجاه احد أركان الغرفة . فتحت عينيها وهي مستلقية بين شخصين على سريرٍ واحد . يميناً تستلقي فتاة , بشعرها النرجسي , بشرتها الناعمة , رائحة ملبسها من عبق النعناع . كأنها ملاك صغير يترك جناحيه على عتبة...
انتهى الأستاذ حسان جلال - وهو محام تحت التمرين - من كتابة المذكرة القضائية - التي شرع ينشئها منذ الصباح الباكر - في تمام الساعة الثانية عشر وكان الجهد قد نال منه كل منال فأستند إلى ظهر كرسيه في إعياء ونصب. ومد يده إلى فنجال قهوة وأرتشفه وهو ينظر إلى الأمام بعينيه يوشك أن يلتقي جفناهما. ودخل...
جلس (أحمد) على مقعد في جانب من غرفتي الخاصة وارتفق بذراعه على المنضد الصغير وراح يفكر. . . إن بعض الصور التي تتناولها العين في نظرة عابرة قد يكون لها من التأثير في حياة بعض الناس مالا تؤثر الأحداث العظيمة التي تهز العالم. هذا أحمد، شتان ما هو الساعة وما كان منذ ساعات. لقد عاد لتوَّه من السيما...
الأفق الرصاصي المهيمن على الشرق يمتلئ بأعمدة الدخان الملتوية. جبال عائمة و متراكبة من الدخان الكثيف ترتفع رتيبة و متجهمة لتغطي مساحات شاسعة من وجه السماء الذي لا يبدو انه ينذر بشيء قابل للتحديد على الإطلاق. تنهض الجبال السوداء بإحجام دائرية مضغوطة من فوهة ذراع الحديد القائم إلى جانب الماكنة و...
كنا خمسة. . . خمسة من الشبان المتمردين على الجماعة والخارجين على حدود الناس، والذاهبين مع مرح الشباب ولهوه. . . كنا قد انقطعنا عن المدرسة، وتخلفنا عن الرفاق، وسرنا مع نزق الشباب وطيشه، فطردنا من الأهل وحرمنا من الصحب، وتقطعت بنا الأسباب. . . وذهبنا على وجوهنا نبغي العيش من التصعلك والتشرد وركوب...
تحلل القديس من قيود الوطن والأهل والأصدقاء ورحل يبلِّغ رسالته للناس، يبين لهم باطل الدنيا ودنس المال، ويدعوهم إلى اللحاق به في هجرته إلى الله وحده، لا يملك شيئاً ولا يستقر بمكان. وسار وراءه نفر من أتباعه. رجال جاوزوا سن الثورة والاستهتار، خشنوا الجلد والملبس، إذا نزلوا بلداً سهل إيواؤهم...
مضي شهر تقريبًا وحضرة محمد أفندي عبد القوي يشعر بتوعك المزاج. آيته همود في الجسم وثقل في الدماغ ووهن ـ يشتد حينًا ويخف أحيانًا ـ في الساقين، وقد سكت عن حالته الطارئة طوال الشهر وهو يعللها بكثرة العمل تارة وبإدمان السهر تارة أخري، وفعلاً طلب إجازة قصيرة وكف عن السهر راجيًا أن تعود صحته إلي حالتها...
كاد أن يستغرق في النوم هاربا من رتابة الحفل الذي جاءه مجبرا لولا أن الاسم الذي هتفت به مقدمة الحفل تعالى وسط القاعة عاليا ، اعتدل في كرسيه وهو يتابع خطوات المرأة التي قدمت من الصفوف الخلفية وأخذت تشق طريقها إلى المسرح متكئة على عكازها . انطلق صوت في داخله : يا إلهي ، كيف غدت الآن بعد تلك المرة...
تأتيها مثل هذه الحالات بشكل شبه يومي ، وهي تتعامل معها بعقلانية ، وبوازع ديني ، تارة بالنصح ، وتارة بالاعتراض ، وتارة أخرى باللوم ، على حسب شخصية الحالة التي تقابلها ، لكنها ابداً لا تخوض فيما يشتهين . لكن الحالة التي أمامها هذه المرة مختلفة ، أقل ما توصف به أنها غريبة . فتاة في مقتبل العمر(...
يجب ان اتحدث معه. فالامر لم يعد يحتمل التأجيل، حتى لو انه لا يعرفني او لم يسمع بي. سأتصل به وسأقول: يتكلم أنا واريد منك ” إكساً وواياً وزداً “. هكذا، بصراحة ومن غير مواربة، واذا تلعثم او استهجن المكالمة فإنني سأغيّر من لهجتي. سأقول له: اسمع، نحن عرب ونفهم على بعضنا البعض. كل ما اطلبه منك هو ”...
بدا المكان كأنما نبت فجأة وتم إخفاؤه بعناية شديدة، فقد تكفلت الجبال القصيرة والصخور العالية بحفظه بعيدا عن الأعين وجلافة البشر، رقعة بسيطة من الرمال الناعمة تحرس بركة ماء وقد نبتت على حوافها الحشائش ودغل من البوص القصير، لا أدرى على أى نحو وصل هنا، أشرف على هذه الجنة الصغيرة –هكذا تخيلتها فى هذه...
كانت امرأة ذات ملامح يبدو عليها الكبر وفى عينيها عجز العمى، تتخبط فى ضوء خافت عقب أذان الفجر؛ ممسكة عصاة طويلة بيديها النحيلتين تهوش بها فى نواحٍ متفرقة وهى تسير ذهابا وإيابا. كنت مستلقيًا على الفراش إلى جوار زوجتى وابنتى الصغيرة ذات العامين.. كان فى عقلى شىء غامض مخيف لم أستطع تحديد ماهيته،...
هو، «أشرف» خميرة الغَم، مَن أفسدَ اللحظة. الدنيا كانت حلوة. قُبلات تفرقع على الخدود، وأياد مشدودة بسلامات عفيّة. موسيقى عالية لأغنية قديمة حماسية، تستثير حتى تراب الأرض الذى انتفض وداخ فى دوّامات متلاحقة. صحيح أنها دوامات قصيرة العمر، لكنها صنعت صخبا طبيعيا خافتا بجوار الصخب الآخر المبهج. كنا...
يبدو أن تلك العقاقير التي وصفها الطبيب لا تُجدي نفعا , لا أدري لم أنا مصرّ على مراجعة العيادة , فالأطباء متشابهون جميعا, الأشياء التي ترحل لا تكتفي بالفراق, لابد أن تترك أثرا على الجدران, العقل اللاواعي متخم بها حتى الثمل. هذا الأزيز في أذني لا ينجلي، منذ الانفجار المريع أشعر بأن نحلة قد دخلت...
كانت وفاء حريصة على ان توفر لماهر كل ما يحتاجه في المكتب من الحمام حتى المطبخ.. حتى انها عمدت على شراء سرير سفري ليستعمله ان اراد ان يرتاح قليلا.. وكان موضوعا في غرفة صغيرة.. جعلت منها وفاء غرفة خاصة لماهر.. فيما اذا اراد البقاء في المكتب في غير ساعات العمل.. وكان ماهر يعول على هذا المكتب الشيء...
أعلى