سرد

يُري كالمعتاد من باب حجرة النوم المفتوح قليلاً‮ ‬لحافة ذو الغطاء الحريري،‮ ‬ومنضدة خشبية صغيرة منخفضة بجوار سريره،‮ ‬وعلي المنضدة كوب ماء‮ ‬يشبه حوض أسماك صغير،‮ ‬ماؤه عكر بسبب عدم تغييره منذ فترة طويلة،‮ ‬وفي قاع الكوب‮ ‬يربض طاقم الأسنان‮ ‬يبدو كأنه هيكل عظمي لإحدي الحيوانات المائية‮ ‬يسبح في...
دائماً يردني الكابوس ذاته، منذ أن كنت صغيراً، فأستيقظ لاجئاً إلى حضن أمي مرتعباً، فتهدهدني كي أعود إلى نومي، بقراءة آياتٍ قرآنيةٍ واضعةً الكتاب الكريم فوق رأسي، كي تطرد الشرَّ عني، كما تقول لي في كل مرة، لكني لم أكنْ أروي لأمي، ماذا جرى لي في الكابوس، ولم أكن أسمّيه كذلك. حين دخلت سنَّ...
ضبابية عينيك والتحافات الصقيع في كلماتك النادرة تشدني حين نواصل نشد أغنية قديمة أبدية، هل للأرض تفسير ؟ نعم. ولما فركت يديها، سمعت طقطقات الأصابع المتداخلة العصبية، قالت برعشة خفيفة أنا التكوين وأنت/ أنت بداوة عمري، وأسبلت جفنيها كأنما تبتهل، الناس والبيوت، أبواق السيارات وكل ما يقابلنا تائها...
باكرا، قبل طلوع الشّمس ينهض من فراشه. ينفض عنه بقايا النّّوم ويقصد الحنفيّة العموميّة المنتصبة أمام المنزل. يتأمّل برهة الأواني المصفوفة على طول مائة متر أمام الحنفيّة ثمّ يتخطّى السّطول الكبيرة والصّغيرة ويقف بطوله الفارع ولحيته الكثّة في رأس الطّابور. يتخلّى له الجميع كعادتهم كلّ صباح عن...
يطالعنى كل صباح كشمس بهية أبادره أنا بصباح الخير يغض الطرف ويتمتم صباح النور ما أن اتحرك من أمامه حتى اشعر بنظراته تنفض خجلها على جسدى ، التفت حتى أتأكد من هذا الإحساس القابع فى أرى عينيه مصوبتين نحوى أعمدة من كهرباء تشعل اعينا ، يتوارى ببصره بعيدا ، يجبر عينيه على العتمة ، ربما التفاتتى قد...
لست معتادة فقد ابتلعت الحزن سواد حتى بات جلدي، تقريع وتجريح لا لشيء سوى أني أرملة نزق الموت زوجها فستباح حياته موعده دون تأخير، الغريب في الأمر أنه كان زوجا على ورق فبعد عودته من جبهة القتال في اجازة لمدة ثلاث أيام كانت الأسرع في إعتصار الزمن ليكون خاطبا وزوجا بعدها إلتحق حيث مكانه، عرفته وديعا...
عمّتي القرعاء نُهيلة،كانت تزورنا على فتراتٍ متباعدة تتجاوز الشّهور،وأحياناً تصلُ إلى سنة كاملة،كانت تحضر ومعها بعض الأوراق تسلّمها لوالدي ليستكملها لها من الدوائر الرسميّة،ولم تكن تمكث أكثر من ليلة واحدة،إلّا إذا اقتضى استكمال الأوراق ذلك!وكان رحيلها السّريع مبعث سرورٍ لوالدتي الّتي لم تكن...
في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها الكاهن صدقة بن الكاهن الأكبر إسحق بن الكاهن الأكبر عمران (عمرم) الحفتاوي [١٨٩٤-١٩٧١، زعيم السمرة في نابلس من أربعينات القرن العشرين إلى ستيناته، مثّل طائفته لدى المملكة الهاشمية بالرغم من أنّه لم يكن كاهنًا أكبر؛ قاصّ بارع، شمّاس معروف، وصف بالذكاء...
الصباح يبدأ حين تزيح سبيعة الخامية وتفتح الشرجم وتتأكد من أن الأرض لا تدور كما يقول ابنها، فما كان بالأمس خلف الدار لا زال خلف الدار: آثار زريبتها.وبقية برويطتها ونصف محراثها وعجلة التراكتور المتآكلة و، غير بعيد، بيت الجارة ايجا ذو المدخنة المائلة كمدفع مضاد للطائرات. إيجّا، تحفة آدمية مات زمنها...
مَا إنْ جَلَسَتْ رِتَاجُ فِي حِجْرِ جَدِّهَا حُسَيْنٍ حَتَّى حَدَّثَتْهُ حَدِيثًا مُتَّسِمًا بِالصَّرَاحَةِ وَالْعَفْوِيَّةِ وَ هْيَ في غَمْرَةِ حُزْنِهَا تُقَبِّلُ جَبِينَهُ الْأَسْمَـرَ ، المُجَعَّدَ تَقْبِيلاً مُتَواتِرًا يَطْفَحُ بِحُبٍّ فَيّاضٍ ، مُتَدَفّقٍ كَمِيَاهِ الْيَنَابيع فِي...
- حسنا يا أستاذ علوب..أليس هذا اسمك؟ - نعم هو كذلك... تنحنح الرجل خلف مكتبه ومسح لحيته وهو ينظر الى علوب...وكأنه يحقق مع جاسوس: - اقرأ لي بعضاً من مسرحيتك لو سمحت... نهض علوب ؛ الشاب النحيل الأسمر ذو شعر خفيف ناعم يبدأ من منتصف نافوخه ويتقهقر إلى الوراء في معركة خاسرة لتغطية ما يمكن تغطيته من...
أنا الذى املك شعراً أسود مسترسلاً وعينين واسعتين كعينى أمى ، التى كانت تُغنى فى موالد القرية وأفراحها ، تنام بين أهداب رجالها . تهابها النساء لجمالها فكل من نظر إليها بنار الحب احترق ، يبصقن عليها عندما تمرُ أمام عتباتهن الجالسات عليها يتحسرن على رجالهن الذين أصبحوا يهيمون على وجوههم من شارع إلى...
_ الليلة من ليالى الشتاء .. ليلة عجوز شمطاء .. البرد يكاد يمتص كل ما على وجه البسيطة .. برد قارس كئيب تفوح منه رائحة الفناء وتهب نسائمه فتلفح الوجوه التى انهكها سعى النهار . واحتواها ظلام الليل فتهرب منها الدماء مخلفة وراءها صفرة تقشعر لها الجلود المنهكة _ لم يسع المعلم عمر الا ان يقفل باب...
انتبهت فجأة على رنات ساعة اليد في معصمي حين نظرت لها لم أصدق.... مرت سبع ساعات منذ أخر مرة نظرت إليها أسألها عن الوقت.. ولا يزال القطار يقطع ظلمات الليل من حوله في ثقة واستقرار دفعاني لأن لا أنظر للوقت طيلة سبع ساعات كاملة... ولكن كيف مر كل هذا الوقت ولم نصل لمحطة النهاية حتى الآن؟ أسندت ظهري...
ـ امشِ يا ولد تعَبت قلبى . أسرعُ، وعندما ألحق بها، أمسك طرحتها السوداء المتدلية على ظهرها، أطأ قدميّ في آثار قدميها، أراني أفرج الخطوات، والأرض تمرق من تحتي حاملة القش وآثار نبش وأقدام معاكسة. ـ هيـ يـ يـ هـ غزالة. حلقات من التراب الناعم على هيئة قرطاس من قراطيس لب عبد الحكيم، أمسك قشة، أنبش في...
أعلى