سرد

ربما لأول مرة في حياتي أقوم بإعادة قرأءة لكتاب لي بعد مرور سنوات على نشره.. فقد قمت في الأيام الماضية بإعادة قراءة المجلد الثاني من ملحمة الملك لقمان " أديب في الجنة " قرأت الكتاب بمتعة شديدة رغم وجود خيال جامح في الكتاب يضرب عرض الحائط بكل ما يحاول أن يحد منه. أمر مؤسف أن لا تحظى ملحمة الملك...
لم يترجل عن الحمار قبل أن يصل الدار بأمتار كما جرت عادته ،ما إن وصل الحمار للباب حتى تسمر مكانه وقد تدلت رأسه ، دخل أبي المندرة التي تعج بالمهنئين ، أشار بيده لصاحب الميكروفون والزينة :خد حاجتك وربنا يعوض عليك وعلينا ، أفسح الشباب له فجلس واضعا وجهه بين كفيه وانخرط في بكاء مسموع ، تحول...
خذ الذي يعنيك وانصرف أيقظني صوت امّي فنهضت مترنحا، لا أزال تحت تأثير كابوس ليلة البارحة نظرت في المرآة وأنا أغسل وجهي كان شاحباً جدّاً. يا ألهى متى أتخلّص من تأثير قصص جدتي، كانت لا تتعب من حكاياتها الطويلة التي لم أستطع الصّمود ليلة واحدة دون أن انام قبل ان أعرف النهاية. يهزمني النوم دائما، كنت...
لا ينسى أي منا خفقة القلب الأولى، ورعشة الروح أمام أول احساس ٍ صادق ٍ شعر به، ولا ينسى الأماكن أو الكلمات أو الروائح أو الأصوات التي رافقته، فهي بمثابة واحدةٍ من الولادات التي نعيشها كما المرات التي نموت فيها قبل أن نموت بشكلٍ جسدي.. وتبدو الحياة مثل المواصلات العامة أو محطة القطار، البعض...
رغم حالتها الصحية الصعبة؛ نزلت للمنطقة التجارية بالقاهرة؛ لتبتاع لحفيدها هدية، هاتَفته أمس أثناء حفل عيد ميلاده، وعدها بزيارتها. في محل الهدايا، تُطالع وجه ابنها الوحيد على التلفاز مع نبأ سفره ضمن وفد رسمي لدولةٍ الصراعُ فيها وصل لحد القتل دون تفرقة. شعرت بغُصة في قلبها، وتسارعت ضرباته، دوامةٌ...
استلمتُ ورقتي وبدأتُ في قراءة الامتحان. من عادتي أن أُغمض إحدى عينيّ وأنا أمرُّ على الأسئلة بسرعة. أتفاءل بأنني أعرف الكثير، والقليل الباقي يُمكنني الاجتهاد فيه، مثل سؤال العَشرة سُطور. اثنان من المُراقِبين يقفان بحزم وسط طُلاب اللجنة المُوزّعين في المُدَرَّج الواسع. أقرب زميل لي يبعد ما لا...
عندما مات زوجها أطلقت فاطمة صرخة مدوية , وأخذت تدور في حوش البيت الترابي , تلطم بكفيها وتدق على صدرها دقات متتابعة , ثم سقطت مغشيا عليها . ظلت فاطمة أسيرة الحزن عدة أسابيع ، ثم أفاقت وتوقفت عن البكاء , وبدأت تفكر في أطفالها الذين لا تدري كيف تنفق عليهم , بعد رحيل أبيهم الذي لم يترك لهم سوى قاربه...
تهبط من إحدى السيارات، التي دخلت الموقف للتو، تنجذب إليها الأعين. أربعينية، طويلة، بيضاء، تستر جسدها الممشوق بعباءة سوداء، و تتدلى خصلات شعرها الناعم من تحت طرحتها الخضراء، عيناها أخلصتا للضدين الأبيض الرائق، و الأسود الحالك، فأظهر اللونان جمال بعضهما البعض، و أضفا على عينيها سحرا و جاذبية،...
كُلّ ما اتذكره صَوته الجّهوري المُشبع برغوةِ الصَّباحِ الصَّحو ، المُكلَّل بتيجانِ النَّدى فَوقَ الغيطان ، يجَوبُ في قَامةٍ مُنتَصبةٍ كأعوادِ الذرة الصَّيفي ، وجَسَدٍ يئَنُ تحت أثقالِ السنين الطوال ، يتصايح في إيقاعٍ واحد لا يُغيِّره :” عال البرلس ” ، في المُبتدأ تَمنَّع عَليَّ كلامه ، ظَننت...
يصرخ سمير من أعماق قلبه: كفى. لا يعيره الموظف انتباها، ولكنه يسمح له بالمغادرة ريثما تهدأ أعصابه قليلا. يهرول خارج الغرفة، ويطوى طرقات محكمة الأسرة طيا، ويلقى بنفسه على كرسي فى مقهى قريب من المكان. يقدم له النادل فنجانا من القهوة السوداء، يرتشفها سمير فى مرارة، يشعل سيجارة ولا يدخنها، يرمق خيوط...
حملتُ كل أحلامي، ورتبتها بدقةٍ متناهيةٍ، فهي مُتراصة بشكل دائريّ، حتى لا تأخذ حيزًا من الحقيبة. بدأت بالأهم فالمهم، حتى وصلت للضروري، هل هناك حُلم ضروري وحلم مؤجل؟ نعم يوجد.. يوجد حلم عاجل، هو حلم سعادة القلب الذي لا يتحقق إلا بوجود من نحب بجوارنا، أيًا كان مَن نحب، حتى وإن كان عصفورنا الذي نألف...
عم مسعود عامل زراعي بسيط لا ينحدر من عائلة كبيرة او من طبقة ملاك الأراضي فهو خير ممثل لطبقة القرى من المهمشين ، يعمل عند ملاك الاراضي ليصيب من عرقه ما يمسك عليه حياته للغد هو وزوجته وبناته ، لم يكن ينفق كل ما يحصل عليه من أجر فكان يدخر منه جزء مع زوجته ويطلب منها تخفيه بين جلدها وعظامها أو تخفيه...
28/8/2032 السادسة والنصف صباحاً محاولات الحصول على الماء فشلت كلها. الدول المجاورة لا تسقي إلا نفسها. في هذا العام تقلّص نصيب العائلة إلى متر مكعب واحد من الماء شهرياً. رائحة الأجساد العطنة باتت عادية ومألوفة. آخر فنجان قهوة ركلته عمّان قبل سنة. الشاي أيضاً توقّف استيراده. صورٌ كثيرة نُصبت...
بعد موت زوجها بأيام ثلاثة خلت الشقة أمامها. أهلها الذين جاءوا لمواساتها؛ عادوا إلى بيوتهم بالأمس، وظلت هي وابنتها الصغيرة في الشقة الواسعة وحدهما. الطفلة نائمة تداعب الستارة الحمراء فوق السرير، تشدها بيدها الصغيرة وتناغيها. خرجت رتيبة إلى الشرفة، تابعت الشارع، انحنت فوق الجدار لكى ترى دكان...
~~1~~ لمعت عينا جمال بالسعادة وهو يقف على ضفاف البحر الأبيض المتوسط حافي القدمين، ضغط باحدى يديه على كتف زوجته وهو يطبع بقبلات قوية بصوت مسموع على وجنة إبنه الرضيع الذي أحاط رقبته بيديه الصغيرتين بقوة. رفعه فوق كتفيه وأخذ يجري مقلدا لصوت الطائرة وهو يأرجحه ويلاعبه وارتفعت أصوت قهقهاتهما...
أعلى