على تلك الصخرة الملساء أضع رأسي متوسّدا كفي حتى أغرق في سبات عميق، تلقفني الشمس المسكونة بالأحلام والأمنيات تدثرني بدفئها الربيعي منتظرة معي وعود الأجداد... يَرِنُّ الجوّال كعادته مصلصلا، أستيقظ مذعورا،
- من المتصل، ألو ألو....؟!
لم انتبه إلى المنبّه، نظرت في قائمة المتصلين تراءى لي، اسم...
سوف أحكي لكم اليوم قصة إرتيادي لأعرق مدرسة عربية في أسمرا، والصعوبات التي واجهتها واخي في سبيل الدراسة فيها.
كانت مدرسة الجالية العربية تعتبر من مدارس النخبة في إرتريا، وبمعايرها وشروطها التعجيزية لم يكن اي طالب يستطيع الدراسة فيها. كان لدى هذه المدرسة مجلس أولياء أمور فاعل ونافذ جدا، يتألف من...
قبل ان الج عالمي المصارعة الحرة والملاكمة، همست بأذني شقيقتي ومعلمتي وأمي الثانية أنك سترين العجب العجاب في هذين العالمين، وستواجهين فتيات بأطوار غريبة وأخريات بأخلاق مدهشة، وتدخلين عالما لا صمود فيه الا للقوي المقتدر الخلوق معا، سترين ما ذكرت لك وما لم أذكره وتعلمك الحلبة أن الحياة حلبة.
ظلت...
منذ فترةٍ لم يُسمع صرير بابه، لكنَّ سُعاله اليابس متواصل لا ينقطع، من غبَشِة الفجر وحتى مقدم المساء ،وحدي من يعرف حكايته القديمة مع “روح” أو بالأحرى” الحاجة روح” هكذا يُطلق عليها بعدما أصبحت جدة، لكن من يراها لا يعتقد غير أنَّها أنثى في الثلاثين، فرونق الِهندام، ومَلاجة الوجه، وفتنة الشباب...
لا يقارن شغف البدايات رغم جماله باستقرار المشاعر عقب اتضاح رؤيتنا.. حتى وإن كانت الصورة قاتمة، فالوضوح يختصر مشواراً من الآلام والدموع ويضع النقطة في مكانها على سطورنا بدلاً من فواصل لا معنى لها، كوننا نبحث دوماً في داخلنا وفيما حولنا عن إجاباتٍ لأسئلتنا المتدفقة، والتي لا ندرك فعلاً أنها كذلك...
(11)
لم تكن مدّة قيامي بأعمال ربّة البيت فرصة لاسترجاع بعض المهارات المنزلية التي اكتسبتها أيام العزوبيّة فقط، بل كانت إلى ذلك فرصة لاكتشاف أشياء أخرى منها ما يتّصل بالمنزل ومنها ما يتّصل بمحيطه. فمنزلنا الذي نأوي إليه وفيه نقيم منذ عشرين سنة إلاّ قليلا، يقع يا سادتي في ناحية منسيّة من حيّ لا...
منذ فترة لم أنظر إلى وجهي في المرآة؛ تعودت أن أقف قبالتها؛ انطبعت في ذاكرتي ملامحي؛ كنت أعرف التعرجات والمنحنيات التي تظهر؛ أتحسس شعر رأسي؛ يبدو أنه الآن صار أكثر هشاشة؛ كثرت به الشعرات البيض؛ أبحث عن المرآة فلا أجدها؛ علها انزوت في ركن الحجرة التي تراكمت فيها أشيائي القديمة:
ثياب مكدسة تهرأت...
أبخل عليكي بوجهي، تماماً كما قلبي.. فخلعت أقنعتي تباعاً لتريني كما أنا، لم أتأنق، لم أهتم بأن تريني جذاباً أو وسيماً، بل اكتفيت بأن تريني بعد هذا العمر حقيقياً.. وكانت تلك هي مفاجأتي الكبرى ودليلي الأصدق على حبي لكِ، فالمجاهرة بالحقيقة في زمننا يا حبيبتي مجازفةٌ بالذات ومقامرةٌ بالغد وتكاد أن...
(10)
غادرت الأستاذة ليلى صديقتها ربة بيتنا المصون وتركت وراءها أحاديث كثيرة بعضها خفيف لطيف وبعضها الآخر فيه ما فيه من الهرج والمرج. قالت زوجتي: فضحتنا يا رجل. أهكذا تقدم القهوة؟ كأنك لم تستضف أحدا من قبل. قلت مداعبا: ألم يقل الشاعر (يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا / نحن الضيوف وأنت رب المنزل) المراد...
(9)
لم تتلقّ زوجتي طيلة مدّة مرضها التي جاوزت الأربعين يوما سوى زيارات نادرة من بعض نساء الجيران. وتلقّت في المقابل مئات المكالمات الهاتفيّة العادية والمصوّرة والرسائل القصيرة بنوعيها. بعض زميلاتها العاملات معها مثلا أغرقن في التواصل معها عن بعد ولم يتسنّ لهن أن يزرنها. واحدة فقط من بين كثيرات...
~~1~~
ها هم يمرون بقرية حدودية أخرى مهجورة كسابقتها، أفرغ فيها جيش وياني حقده الدفين بطريقة ماسوية، فقد أحرقت المحاصيل الزراعية التي كانت تبشر بحصاد وفير، قتلت المئات من الحيوانات الداجنة وهدمت المنازل وسويت بالأرض ولم يتبق منها سوى أعمدة سوداء تقف متفرقة كشواهد القبور. حتى الموتي لم يسلموا من...
رأيته يقيناً بابا خشبيا مهيباً، وصحراء شاسعة فيما وراءه، وبوابة استقبال على نمط غرف التفتيش في دوائر الدولة. وكان كل من حولي يبكون، ويتساءلون عما اذا كنت اسمع وهم ينظرون الى وجهي المحروق؟. وكل من يضع يده عليّ ويهز كتفي كنت أحس به وعقلي يذهب اليه، وأرى كشريط سيمائي ايامي معه. والغريب رجعتُ طفلا...
كورت أطراف عباءتها قبل أن تهم بصعود الحافلة التي غطى هدير محركها على كل الأصوات. وهي تخطو بين المقاعد، فكرت بالجلوس قرب امرأة ترتدي زي المدينة، لكن يد والدتها دفعتها للسير نحو المقاعد الخلفية لتجلس قرب نافذة مغبرة مليئة من الخارج ببراز الطيور.
جسد والدتها البدين أجبرها على التزحزح نحو الداخل...
ينهض من فراشه كل يوم متوجهاً الى عمله.يغادر ساحة أم البروم بعد تناول وجبة متواضعة من الشوربة الحارة مع رغيف خبز بارد يدفعه دفعاً بسبابته اليسرى أحياناً، أو البيض المقلي بدهن الحر أحياناً أخرى. عشرات من الباعة مع عرباتهم الشبيهة بمطاعم شعبية متنقلة، انهمكوا بمداراة زبائنهم المعتادين.
مدّ خليل يده...
حمَلني فوق كتفه مثل شوال مفتوح تتسرب من الدماء وركض بي بين وهج النيران، مشهد لا ينفك أن يتردد في ذاكرتي وينغرس في أحلامي لحد الآن، رغم مرور عمر على انتهاء تلك الحرب، ورغم أني كنت شبه مغيَب عن الوعي، فيما كان جسدي ينتفض مثل سمكة خرجت لتوها من الماء، مع تدافع أنفاسه بين أضلع صدره طيلة المسافة...