سرد

ظلت رسالة وداعه الأخيرة عالقة في ذاكرتي ، قال بكثير من الفقد واليأس : قدري ان اترك مدينة حبي الأول والأخير في مثل هذا اليوم القائظ ، الى الأبد ، تركتها بلا أسئلة ، الأقدار رتبت لي موعدا مع المستقبل بحسابات الزمن خارج هذا المكان .. كل شيء فيه يعيدها إلي ، و كل زاوية منه تشي بها ، قال : سآوي إلى...
نرتدي أحياناً صمتنا من شدة حيائنا وتتراكم الأعباء النفسية بين ثنايا قلوبنا البريئة، أتساءل هل ما زال الخجل يحملني مزيداً من الأعباء النفسية؟! أم أنني قد تخطيت هذه المرحلة من حياتي؟! لم يكن نقلي سهلاً لإحدى المدارس الابتدائية القريبة من منزلي. بعد ترقيتي في وظيفتي منذ عدة سنوات، في المرحلة...
وضعت الام المهجرة المكلومة الثكلى يدها على قبر ابنها الراحل للتوّ، ووضعت يدها الأخرى على قلبها وهي ترسل نظراتها في الفضاء المسترخي قبالتها، كانت القبو تملأ الرحب. ما أصعب فقدها لابنها. املها المتبقي في العودة الى قريتها. هكذا برمشة عين انزلق، انفلت من بين يديها، ورحل في طريقه الابدي تاركًا وراءه...
أنا تعرَّضت للسرقة، للأسف الشديد، ولا أستطيع أن أتهم أحداً منكم.. لأنكم أحبتي وأنا أثق بكم جداً.. لا أحد منكم غريب عني، فأنتم أخوتي وأصدقائي، وأعرف أنكم تحبونني، ولا يمكن لأحد منكم أن يغدر بي، ويطاوعه قلبه على تحطيمي، والتسبب بدخول السجن بتهمة النصب والإحتيال، ويسيء لسمعتي أمام الناس، وخاصة...
قرر أحمد أن يستأجر «بارتيشن» في أحد المولات الكبيرة؛ ليعرض فيه مشغولاته من الفضة والذهب، فهو موهوبٌ في صياغة الذهب، تلك المهنة التي تعلمها في مدرسة الصنايع، وحصل بعدها على الدبلوم. كانت نشأته في الصاغة بحي الحسين، تربى بين أزقته وحواريه، فهو جزءٌ منه، لا يخلو شارع ولا بازار إلا ويعرف أحمد، فهو...
لا أحد انتبه إلى وجوده، خيبة أمل قطعت نياط القلب، كثيرا ما قالوا له إن الشعب يسانده، يمجّده،و أن أحياء كثر، وسموها باسمه، أوسمة متنوعة توجتها عدة ولايات باسمه وصوره قد ملأت الشوارع ووسائل الإعلام في ذلك الزمن السحيق فهونت عليه سنوات السجن والمنفى .لكن الغرابة أدهشته فهول الصدمة محا لهفة السنين...
وأشرقت شمس اليوم الخامس بعد الزلزال، وليتها لم تشرق! لأن اليوم الأول كان مؤملاً أكثر من الثاني بوجود ناجين يمكن إنقاذهم. وسيتوقف البحث بعد انقضاء يومنا الخامس هذا، فإن كان هناك بشر تحت تلك الجبال من الركام فهم لا شك قضَوا نحبهم، وصارت العملية تسمّى انتشالاً للجثث. ما أطولكِ يا دقائق الانتظار...
لا يستطيع أحدنا إنكار تأثير الناس في حياته وإن كان بقدرٍ متفاوت، فالإنسان يحن الى إنسان ٍ مثله ينشد لديه حباً أو صداقةً أو رفقةً يشعر فيها بالأمان، بالحرية، بالسعادة، بالتجرد، بالقدرة على البوح دون خوفٍ من العواقب، برؤيةٍ انعكاس روحه في مرآة شخص ٍ آخر يمشي معه دروب الحياة الصعبة المفروشة...
وقف (مطر) سعيداً أمام المرآة وهو يرتدي الكنزة التي انتهت والدته من حياكتها له.. ابتسم وقال لها شكراً يا أمي.. فقبلته وذهبت إلى المطبخ.. فتبعها وسألها إن كان يستطيع ارتدائها اليوم؟ فقالت والدته..كلا يا (مطر)، سوف ترتديها غداً في عيد ميلاد أختك (قمر)، وأنا الآن أحضر الكعكة التي سنلتف حولها...
كنت أعمل مراسلا لإذاعة الإمارات في موسكو عندما أعلنوا عن زيارة سيقوم بها الرئيس مبارك إلى موسكو في 15 مايو 1989، فكلمتني الإذاعة باهتمام ولهفة أن أحصل منه على تصريح خاص تنفرد به الإذاعة. بالسؤال تبين لي أن جميع المراسلين من دول العالم كافة سيقفون في المطار لاستقباله يوم وصوله خلف حاجز، وهذا هو...
"أهدي هذا النص الى روح ابنتي الراحلة الحاضرة ، الرسامة والإنسانة الملهمة سماء الأمير" توقفت ساعة الحياة عن دغدغة جدار بيتي بتكتكات الوقت السعيد، حين رحلت ابنتي الوحيدة إلى حيث المرج السماوي. فقدت أصابعي ذاكرة إعداد الأطباق التي كانت تحبها، فخبت شعلة النار في الطباخ. لملمتُ لوحاتها وخزنتها في...
جلست ماريان أمام شجرة عيد الميلاد، وقد علقت عليها أغلى، وأعز أماني لها في الوجود، وبعد أن أكملت صلاتها، قامت تختبر ديك الحبش بالفرن، وبعد أن تم نضجه أخرجته من الفرن، ثم وضعته في وسط المنضدة، أحضرت زجاجات وكؤوس الشمبانيا، وزينت المنضدة بالشموع الملونة الفواحة، وجلست في وسط الأهل تتفقد الهدايا...
(ما أجمل أن نبقى أطفالا.) تقرفصت في سريري الخشبي الصغير، حيث الفراش البارد، واسندت ظهري إلى حائط الغرفة الخالي من كل شيء سوى البرودة، وأنا أحدق في الظلمة التي تحيط بي من كل جانب بعينين جاحظتين توشكان على الخروج من محجريهما دون ان أرى شيئا تحت ضوء الفانوس الأصفر الشاحب كوجهي الذابل من الخوف...
أكاد لا أشعر بجسدي.. تخيفني خفته وكأنني أطير في كل مرةٍ أغلق عيناي فيها بحثاً عن وهج النجوم التي انطفأت في روحي، فتنبت لي أجنحةٌ تطارد الماضي بعد رحيل ذكرياتي وتلاشي مشاعري كسرابٍ يحسبه الظمآن ماءا، ينسكب على عتبات الطفولة والأحلام البريئة، فأبحث عنها تحت جلدي وفي صمت كلماتي لتُقبل السلام في...
بعد أن تَعبتُ من الهرولة الصباحية على ضفاف شاطئ رادهاناغار، بدأتُ أبحث عن مكان ألتقط فيه أنفاسي، وأستنشق هواءً لم يخالط أنفاسه النتنة، ذلك الوغد. لطالما أحمل كرها دفينا تجاه ذكراه، صاحب الوعود الكاذبة، النرجسي المتحامل عني، صاحب كبرياءٍ مقرفٍ فصل بيننا. كنت أظن أن لهيبَ قلبي لن يخمد إلا وأنا...
أعلى