شردتُ بعيداً أنظر الي غروب الشمس وهي تلملم أشعتها من سماء النهار، كعروس تتهادي في موكب زفافها، وتفترش خيوط الليل سماء النهار رويداً رويداً كلما بعدت خيوط الشمس افترشتها خيوط الليل.
أنتظر اولادي لحين انتهائهم من تدريبهم الاسبوعي، كدأبهم كل خميس،
أقظتني يد تربت علي كتفي، نظرت بجانبي فلم أصدق...
لم يكن عور إحدى عينيه، تحدثه بلغة فصحى، تبجيل الزملاء له. داعياً لجذب انتباهي..، لكن.. عند بوابة المدرسة. جذب يده من يد امرأة.. انحنت لتقبلها:
ــ (ربنا يخليك لينا يا سيدي الشيخ)
انصرفت السيدة، دخل الأستاذ للمدرسة، تصنعت عدم الانتباه..، بادرني:
ــ (والله. الست دي مسكينة. ربنا يشفي ضناها)
وجدته...
مثل مراهق خرج أهله وتركوه وحده في البيت، قد يخرج علبة سجائره المخبأة ليدخن منها ما يشاء دون خوف من رائحتها التي تأبى الانزياح عن الغرفة، يعب بانتشاءٍ من زجاجات الخمر التي اشتراها تحضيراً لهذه الفسحة الزمنية النادرة، يرفع صوت المسجلة إلى أقصى حد، يتعرّى من ملابسه، باستثناء لباسه التحتاني، أو قد...
قليلا ما كان يصفو أبي ويحكي عن حياته في الصعيد، عندما كان يسهر للصباح لحراسة الأرض خشية أن يسرق اللصوص القطن المزروع؛ فيواجههم ويواجه العفاريت التي تظهر له في صورة نخلة تسير وتتحرك نحوه، أو صورة خراف تطارده، لكنه كان يغلب اللصوص والعفاريت، فقد كان يستعد لقدوم الاثنين ويواجه كلا منهما بالطريقة...
(4)
غادرت المنزل وأنا لا أدري إن كنت غاضبا أو مبتئسا أو فرحا. والأرجح أنّ فرحا خفيّا بالخلاص من مشقّة الطبخ قد نبت في أعماقي ولكنّ التفكير في البديل قد أعياني. هل أعود لأجرّب من جديد؟ لا تعد. دع الأمر الآن والتحق برفاق المقهى فهم في انتظارك. في المقهى دارت أحاديث شتّى في مواضيع شتّى. لاحظ...
أعجبُ شيءٍ في الوجود هذا الذي نُسمّيه الوطن.. شيء نعيش فيه، وهو في الحقيقة يعيش فينا، نُحبّه حتّى التضحية بالمال والأهل والنّفس، ولا ندري إذا ما بادلنا حُبّاً بحُبّ...
بحثتُ في أعماق نفسي عن هذا الشيء كثيراً، وفي مراحل مختلفة من عُمُري الذي جاز النصف قرن بعام واحد اليوم، فلم أجد له تعريفاً...
(2- 3)
آلت إليّ إذن مقاليد البيت كلّها فتوليت شؤون الطبخ وغسل الأواني وترتيب الغرف وطي ما تبعثر من الملابس والأغطية الشتوية الثقيلة. وكان أعسر عمل على نفسي هو الوقوف طويلا في المطبخ لإعداد الفطور والغداء والعشاء. أنا في العادة أنهض بمزاج متعكر جدا حتى أني لا أقوى على رد تحية الصباح فأكتفي...
استوقفني سائل يطلب فضلة من متاع الدّنيا، و شيئا ممّا يرجى من العباد ..تردّدت برهة لاختلاط الأمر عليّ..فنحن في زمن اختلط فيه السّائل بالمسؤول.. ثمّ انزلقت يدي إلى جيبي تستدرّه بعضا ممّا أبقاه أمسي .. و ما إن هممت بيدي أخرجها بما حصّلت ، حتّى وثب المتسوّل يستبقيها في جيبي .. ثمّ وقف مقابلا حيرتي...
إستيقظت خيرية في الصباح الباكر نشيطة كعادتها، إرتدت ملابسها الرياضية في عجلة، وخرجت بعد ان ألقت نظرة خاطفة على إنعكاس صورتها في مرآة الحمام المشقوقة، ثم أشاحت بنظرها عنها لا مبالية. شعرت بقشعريرة قوية تسري في جسدها بمجرد فتح باب شقتها الخارجي، فالهواء ما زال بارداً في هذا الوقت المبكر، رغم دخول...
اعتقدت عندما رأيته في المرة الأولى يأتي في ساعة الفجر المبكرة ويفترش الأرض قبالة حانوتي لبيع التذكاريات في شارع الكازانوفا، ويمارس طقسه الغريب هناك، اعتقدت أنه م واحد من السياح الكثرين الذين يؤمون مدينتي الناصرة ليتباركوا بها، ويسيروا في طرقاتها المقدسة، يقضون فيها فترة ما ويمضون، غير أن ما حدث...
شعرتُ فجأة إني عارية تماماً وجميع الجالسين في الكافيتيريا التي لجأت إليها بعد تجوال طويل يحدِقون بثنايا جسدي، وانا شاردة النظرات هنا وهناك، أتفحص ملامح الوجه الذي أطل عليّ من مرآة الكوافير بعد قص شعر رأسي حتى الكتفين وصبغه باللون البني الفاتح، ووضع المكياج الساطع تحت وهج الـ “سبوت لايت”، مرتدية...
الذكريات تتكلم..
-----------------
عندما كنت أزور أختي في القرية قبل ان تنتقل الى مسكنها الجديد ، و بعد الإنتهاء من اشغال البيت أصعد إلى النافذة و أجلس، تقابلني الجبال و البساتين و الصخور الكبيرة، كنا نشعر بالمتعة و نحن نسير ما بين الصخور تحت أشعة الشمس المحرقة، و العصافير تمتع آذاننا بصوتها...
تبقت في ذاكرتي حكاية لم تسرد بعد؛ الموتى يزورون القرية في ليالي العتمة، يتسللون من أكفانهم البيضاء، يأتون في ثياب جديدة، إن لهم نصائح لما يقدموها لمن خلفهم، يسري الليل وفي الشتاء حين تشتد الريح، تتوالى الطرقات على الأبواب، تموء القطط، نحن لا نضربها، إنها ترى العالم الآخر، ثمة أسرار لا نحيط بها،...
مع أني أتمتع بحاسة سمع قوية، لكني أدركت سريعا أن الجيران كلهم لديهم القدرة على سماع كل صوت يصدر عن أية شقة، كان هذا واضحا في غمزاتهم وتعليقاتهم وضحكاتهم.. كنت أشفق على فردوس حين يرمقها الشبان بتلك النظرة الشبقة، بعد أن سمعوا تأوهاتها اللذيذة في الليلة الفائتة.. عروس جديدة، لا تقدر على كتم...
(1
)شاءت ثقافتنا توزيع الأدوار في الحياة العائلية بين الأب والأم على نحو لا يخلو من عدل. فالأب رب والأم ربة والفارق بين الربين أن الأب قانونا وعرفا هو رب الأسرة والأم هي ربة البيت لا بأحكام القانون بل بأحكام العادات والتقاليد.. هكذا سارت الأمور في حياتي منذ بنيت عش الزوجية. فقد آلت لزوجتي...