سرد

علي طاولة النقاش أمسكت الأم والإبنة طرفي المشكلة ، شد وجذب، كلاهما يريد إقناع الآخر بوجهة نظره إلي أن وصلت المناقشة إلي طريق مسدود، حاولت الأم بشتى الطرق أن تنير للإبنة الطريق، أن تشرح لها مع من سوف تقضي حياتها، وأن الحياة بينهم شبه مستحيلة لأن أفكارهم مختلفة، ولن تتقابل في نقطة، وسيمضي الوقت...
قبل أن تتوسط الشمس السماء، في هذا اليوم الذي انتشرت فيه روائح الفل على المنطقة كلها، انتهيت من إعادة شحن عداد الكهرباء، ثم سرت متثاقل الخطوات إلى البيت، أفكر في تناول الفطور قبل فوات موعد الدواء، تلقيت اتصالًا مفاجئًا، أبهج روحي، من صديق افتقدت تواصله لشهور طوال، قال إنه عاد في زيارة خاطفة...
قالها والدي ثم رحل : ما عاد البشر بشرا، وما صارت المدارس مدارس ولا المجتمع مجتمعا ،بعد أن حوّل العلم العالم قرية كونية صغيرة، الكل منكب، منشغل، مستهتر . لبثت أفكر في رد يشفي الغليل، لكن تعثر بي التفكير، طأطأت خجلا من واقع مترذل وحكم قاس صادر عن حكيم قد خبر الحياة و تقصاها لعقود طوال، و أنا...
(8) أعمال ربّة البيت كثيرة جدّا ولا تقف عند حدود المطبخ. في كل شبر من مساحة هذا البيت عمل لابدّ منه، في الأروقة وفي غرف النوم الثلاث، وفي قاعة الجلوس، وفي خزائن الملابس، وفي الشرفتين الأمامية والخلفيّة أيضا. في كلّ هذه الأماكن الفرعيّة عمل لابدّ منه. نعم قد تكون الأعمال فيها متباعدة الأوقات...
كان رقما غريبا ، أو لم أهتم برؤية الرقم ، في البداية اعتقدت أنها رسالة دعائية من عشرات الرسائل التي تقتحم هاتفي يوميا ، كالعادة كنت مشغولا فلم أحذفها ( تعودت أن أنتهز فرصة حذف الرسائل وتنظيف الجهاز أثناء السفر ، حيث لا مجال إلا للانتظار ) . قرابة الشهر ظلت الرسالة ، وحين حانت الفرصة قرأتها...
* عطاءْ لاتحزني أيتها الفَراشة لعمرك القصير لأنّك وفي الغمضة تلك منحت طولاً لعُمر الشعر لم يعطه حتّى "نوح" فلا تحزني.. ايتها الفراشة * الجذرْ في الغابة هذه يوم قلتُ: إني الشجرة الوحيدة التي يأكل منها الله بَعدَها نشبت الحروب! في الجبال هذه يوم قلتُ إني الجبل الوحيد الشامخ الذي تشرق عند ذروته...
(7) لم يكن مطعم السيد محسن مطعما حقيقيّا. هو في الأصل دكان صغير لبيع السجائر الأجنبيّة المهرّبة أو السجائر التونسية المحتكرة، ولبيع المشروبات الغازية وكل أنواع المقشّرات. ولكنّه تطوّر شيئا فشيئا ليصبح محلاّ لبيع المأكولات الخفيفة والسندويتشات العصريّة، ثم توسّع فصار مطعما لإعداد الأطعمة...
(6) أمام مطعم السيد محسن عدد هائل من الروّاد. أطفال المدرسة ينتظرون أدوارهم لينال كلّ واحد منهم مطلبه، وطلابّ وعمّال وآخرون، والسيد محسن بطيء الحركات ثقيل الردود. يلتفت إليّ. أسأله عمّا أعدّ فيسمّي لي القائمة. أختار ما تيسّر لي اختياره وأنتظر تسلّمه. نصف ساعة أو يزيد. أدفع الثمن وأقفل راجعا إلى...
ذات ليلة، وكان ذلك في منتصف أكتوبر، حلمت كأني تحولت لامرأة أخرى، امرأة لا تشبهني ، ولأنها لا تشبهني، تعرفت عليها بسهولة. هذه المراة وأنا كنا نملك ذات الجسد، لكن أشياء كثيرة بيننا كانت مختلفة، مثلا كانت تجد متعة كبيرة في السفر بمفردها، لا تكره القطارات، تحب الجلوس على ساحل البحر وقت الفجر، لا...
مرحبًا، اسمي آدم، سأكون في خدمتكم طيلة فترة إقامتكم هنا، أرجو كما ترجون ألا تطول، لتعقبكم وجبة إثر أخرى في دروب الرحيل، أما أنا فحياتي هنا، في هذه القرية الجبلية النائية، ذاكرتي لا تتسع لأي مكانٍ آخر، وعيت وكبرت وأنالا أعرف شيئًا عنعائلتي، ولا أدري إلى أي جنسية أو قومية أنتمي، بين أناس ألفت...
هبّت رياح شهر آذار الربيعية , كانت الغيوم ترسل المطر مدرارا يغسل وجه الارض التي تحولت الى خضراء محتفيّةُ بالربيع , وزهور الهندباء البرية المنتشرة تتمايل راقصة تتلقى قطرات المطر لتزيّن بها لونها الاصفر الداكن , وعلى قمّة شجرة الصفصاف الكبيرة المعمّرة وسط الحقول وقف الطائر صامتا ساكنا يتأمل ويراقب...
قام أفلاطون من مرقده، تجول بفكره الثاقب في أحوال العالم، استغرب ما عاينه، صدم ثم استنفر ملكاته لفهم ما لا يفهمه الفكر الناصع، استطرد وقد أرخى الليل سدوله على كون مليء بالصراعات منعدم الأخلاقيات، تنهَّد ملء صدره العريض المتسع لكل الحضارات في نبرة حزن و أسى حدَّث ظله المتسكع بين ثنايا عقله...
(5) فاتني أن أحدّثكم عمّا لحقني من الرهق وأنا أستعدّ لطبخ الكسكسيّ. هذا المطبخ على صغر حجمه كثير الأدراج والمخازن، بعضها لترصيف الكؤوس وبعضها للصحون وبعضها لأواني الطبخ الأخرى. ولا أدري على أيّ نظام تمّ توزيع كلّ هذه الأواني. حتّى العلب المخصّصة لتخزين البهارات كثيرة جدّا وليس عليها علامات تشير...
الحقُّ عليكِ... أنتِ التي قلتِ بلهفةٍ حارقةٍ: أنتظرُ أحفاداً يغيّرون سيرةَ الأجداد.. والمفاخرةُ عندهم عملةٌ صدئةٌ باطلة. أنتظرُ قطاراً يأتي من غيرِ ما جهةٍ.. حيثُ لا سكّةٌ ولا محطّة فيمضي بنا بلا هوّيةٍ أو قوميةٍ أو مذهبيةٍ إلى حيث لا حدود. أنتظر ملكاً بغيرِ عرشٍ وصولجان ورئيساً كما انقلابِ...
تتلقى التهاني من المدعوين ، باسمة الثغر ، تملؤها فرحة عارمة، لزواج أخر أبنائها، لقد سبقته فى الزواج أخته الوحيدة وشقيقان، أحست اليوم أنها قد أكملت رسالتها التى انتظرتها طويلاً بقبس من صبر وكثيرِ من ضغوط مارستها بتعنت على شعورها كأنثى، الأن فقط أتمت ما أملت فيه، الأن فقط تستطيع كل شيء أرادته...
أعلى