سرد

في جوف ليلةٍ مظلمة يبدو السائر تحت جنح سوادها كشبح مبهم الملامح، وبعد تأكده من خلو الشارع تمامًا من الحركة، وأن ستائر شبابيك كل البيوت لا تشف عن أي نور، راح الحاج حسن يتسلل باتجاه البيت الكبير الذي يتوسط الشارع، بخطواتٍ مرتبكة وقلب خاف أن ييقظ دويّ ضرباته الجيران من نومهم فيفتضح سره. أدخله أحد...
أهلي أحبائي.. أبناء عشيرتي في سوريا، لبنان، الأردن ومصر. أريد أن أخبركم بهذا أنني فقدت يوم أمس إبني.. بكري بعد أن ربّيته ورعيته بنور عيني حوالي نصف القرن. ابني حبيبي نور عيني. رأيته يكبر يومًا بعد يوم.. شهرًا .. وسنة في أعقاب سنة. يا الله ما أصعب ساعة الفراق. قلبي يتمزّق. الآن بعد أن جاء الرجال...
الليلة قررت أن أرحل ، لقد كرهت هذه الحياة التي أعيشها مع زوجي كزوجة ثانية ، شتمني كثيرا ، وضربني أكثر دون أية أسباب سوى إرضاء زوجته الجديدة.! لقد تحملت كل هذا العذاب من أجل أولادي ، وهاهم قد كبروا ويستطيعون العيش بمفردهم ، أما الطفل الصغير فسأخذه معي. الان الوقت بعد منتصف الليل ولم أنم بعد من...
بعد أن شيعنا شيخا كبيرا نجلّه ونحترمه، ورششنا الماء على تراب قبره، كنتُ أفكر بشكل القلادة التي سأهديها لمَنْ كنتُ طيلةَ الطريق أتأمل صورتها، لم تكن تعرف أنها جميلة، لكنها تنافس ملائكة الجمال ببهائها، وحين توقفت السيارة إيابا، نزلتُ ومشاعري مختلطة بين حزنٍ على فقيدٍ ونشوةِ حبٍّ تتقد بداخلي مثل...
عند عودتي، تغزل خطواتي سجادة الطريق، أعبر الطريق بسرعة وحذر كما لو أنني لم أعبره من قبل، أقف عند بائع الصحف، أشتري منه صحيفة، لكنني لا اتذكر يوماً أنني قرأتها او فتحت اوراقها، أو حتى اختارت ذائقتي اسم الصحيفة، سواء كانت صحيفةأخبار أو اهرام أو حتى جمهورية، كانت كما هي عادتي أمسح بالصحيفة زجاج...
لم اتخيل يوما أن اتصادف ومسطول ، لا تزال مشاهد السِّينما عالقةٌ في مخيلتي السَّاذجة ، صَغيرا اقضي سَحابة نهاريّ أمام أفلام الأبيض والأسود، يستفزني منظر السَّكران المُستهتر في تَرنحّه ،تقلقني نظرات عينيه الزائغتين ، وشعره الأسود الغارق في بحورِ "الفازلين "مَسدولا فوقَ جَبهتهِ ،مَبعثرا في فتنٍة...
كنت أجلس على رصيف المقهى أنا ومجموعة من أصدقائي فى تسعينات القرن الماضي وتحديداً في موسم الانتخابات كما يطلق عليه المنتفعين منه مثل عبده الذى يجلس على يميني بدون عمل أو مصدر دخل ثابت أو أمل في الغد، ويهدده القهوجي بأنه لن يأتي له بمشاريب مرة أخرى قبل أن بدفع الحساب القديم. يعانى عبده من فلس...
سقطت أشعة الشمس على الجدران الرمادية العالية ومتطاولة الشروخ بعد أن فتح كافة شبابيك الصالة من أجل تجديد الهواء وتبديد الرائحة العطنة، كما أنه أبقى باب الدار، الخشبي العريض، مفتوحًا على وسعه، وكأنه ينتظر قدوم أحدهم، مشى بين الغرف المركومة بالأتربة والرطوبة الطاعنة في الزوايا أكثر من أي مكان آخر،...
اعتقد بداية ان ما وضعه مؤلفون ودارسون من دراسات حول موضوع الابداع وعنه ايضًا، قد اثار نوعًا من البلبلة لدى المهتمين بهذا الموضوع الشائك والشائق في الآن ذاته، فمن قائل إن الابداع هو ان تأتي بجديد، إلى قائل انه اختراقات لآفاق غير مسبوقة وغير مطروقة، وما إلى هذه من آراء صائبة في مجملها ومبلبلة في...
رأيتها على سور السفينة، أنا مبحر لأداء العمرة، راودني شك جدلي، بأنها يمامتنا. القاطنة شجرتنا..، عجبت لنظرتها: ــ ألا تعرفني. أنا (محبوبة). يمامة ابنك أكرم، الذي يناوشني من الشباك.. ابتسمت للخيال..، الذي شرد بي، ذكرني بأصغر أبنائي..، هاتفني الشوق لأسرتي، منزلي، شجرتنا.. عجباً لها.. ستظل ثلاثة...
في ليلةٍ سوداءَ سواد جَهنَّم؛ تَرجع إليه ابنته العَروس تحت جُنْح الذُّلِّ والهوان فَجر ليلة زفافها. يهوي إلى الأرض جالسًا القرفصاء، يُنكِّسُ رأسه بين كفَّيه، تدور به غُرفته الكائنة في بئر السلم، تَتسارَع في رأسه صورة الليلة الفائتة، الرَّقص والغناءُ والتحطيب، جارات وصديقات هنادي وهُنَّ...
“ادخل البيوت أعمى واخرج منها أبكماً”. تلك كانت الوصية التي ألزمني أبي اتباعها مذ كنت طفلاً طريّ العود. لا أعرف كيف أطعت والدي على الرغم من حشريّة الصغار التي كانت لديّ حين كنت ما أزال أتلمّس طريقي في الحياة. حدث في إحدى المرّات أن قصصْت على إخوتي ما شاهدْته في منزل أحد أصدقائي الذي كنت ألعب...
ما يزال كبار السن في قرية أكمة العقاب إلى يومنا هذا من الأميين ، باستثناء عبد السلام منصور " الفقيه " الذي يقوم بتحرير العقود وكتابة الوثائق ، يقرأ خطبة الجمعة ويصلي بالناس في جامع القرية . وقبل أن يتعلم فتيان القرية القراءة والكتابة في مدرسة القرية المجاورة كان الفقيه هو الشخص الوحيد الذي يقرأ...
بحذاء ممزق مثقوب، و قدمين منهكتين التمس طريقه على الأسفلت الخشن، و اجتاز عددا من الشوارع المعتمة بشرود، و وصل بعد مشقة إلى حافة النهر. ثمة بنايات بعيدة، أرسلت أضواء شحيحة، بددت قليلا من ظلمة الليل، و فتحت مجال الرؤية بالكاد أمام عينه. تقدم خطوات إلى الأمام، و التصق بسور الكوبري...
استيقظ سمير نجل الشيخ على صوت عبده حزام الحارس في حقول الذرة وهو يصيح : - يا شيخ عبد العزيز قم يا شيخ . استقبله سمير بغضب : - ايش حصل ؟! - قتلته - قتلت من ؟ الله لا صبحك من صباح الصبح . - قتلت الوحش. جحظت عينا نجل الشيخ وشحب وجهه وهمس : - اصصصصه اسكت ولا كلمة ، الشيخ راقد. وأضاف : - هل علم أحد...
أعلى