سرد

قرب شجرة الكينا، في وسط المدينة، ليس قرب شجرة الكينا القائمة، وإنما تلك التي كانت، سمع ضرار صوتا تمنى سماعه منذ فترة لا يكاد يتذكرها، لبعد الشقة بينهما، الصوت جاء من الناحية الأخرى للشارع، مثل أغنية حملت أمجاد الأمة العربية كلها. كان الصوت مطربا ناعما منعشا للروح: - ضرار. منذ فترة لم يناد احد...
خرجتُ من الشقة متذمراً، بعد نقاش حاد مع زوجتي، " الى أين أنت ذاهب الدنيا تمطر بشدة " قلت، قبل أن أصفق الباب خلفي" ذاهب أمتع نظري بالفراشات" هذا هو التعبير الذي دائما يضايقها، لأنه يعني التسكع ساعات، بعيداً عن رتابة الشقة. أشتد المطر في الخارج، هرعت فورا الى نفق الترام الذي يقع بالقرب من...
عندما أحبَّ ليلى ابنةَ الحيِّ الضيق، كان هناك مَن يرغبها، لم يكن متأكدًا من شعورها، هل تحبُّه أم تحبُّ مرتادَ المقهى القديم، هو يحْلقُ رأسه بشفرةِ حلاقةٍ يشتريها من الدكان المجاور؛ بينما الآخر لايحلق رأسه ويتباهى بكثافةِ شعرِه وطولِه أمامَ أقرانه، ومع بروزِ تغيراتِ الشبابِ ظهر أجملَ منه مع أنه...
كالعادة حاولت غالية أن تضغط جاهدة على أعصابها، كي لا تبصق الحصاة التي بقيت لسنوات تحت لسانها، وكتمت غيظها ككلّ مرّة فلم تقل له في نوبة نزقها وفقدان السيطرة على جيشان مشاعرها ما ودّت قوله منذ لحظة تعيينها في هذه المؤسسة: "من تظنّ نفسك؟؟ ما أنت إلا مجرّد نكرة مهما ظننت أنّ هذا الكرسيّ سيهبك ألف...
نفض عنه الفراش مسرعا للقيام بالضوء قبل ان تبزغ شمس الخامس عشر من تشرين ثان، نقر الصلاة كعادته بركعات سريعة، ونهض، وشقَّ الحصالة البلاستيكية بالسكين، واخرج ما فيها وعدها بنهم، وخرج الى السوق يبحث عن شراء لوازم هذا اليوم المتميز، حتما سيحضر لأطفاله وزوجته فطورا افضل، وحلويات ، وفاكهة ، ووو...،...
قال لي ذات يوم: لم تفلح في شيء إلا في هذه الحكايات؛ تخيط منها ثيابا للدراويش، ترسم لوحة لعالم يقبع في خيالك؛ حذار ياولدي أن تمس عتبة مولانا السلطان؛ سيفه باتر وسجنه مغارة في جوف الجبل؛ حذار أن تخرج من الباب الذي يتحدث عنه الخرس؛ يومها لم أع ذلك؛ ومتى يأتي ذلك الطائر الذي يخوفني منه؟ وهل سيتكلم...
لم يَعد للورد عندي قيمة ، وزعتُ ورودَ الحديقةِ الواسعةِ ، تركتُ أغصانَها تذبل ، عاتبوني لأنني أزهقتُ النفَسَ الجميلَ والرائحةَ العطرة، لم أُلقِ بالًا لكلماتِ العتاب، ولم أستمع لصيحاتِ الاستنكار، كلُّ ذلك لايهمني، نفَقَ بعضُ الوردِ واختلطَ بذراتِ التراب، ولحقتْ به الأغصان، حضر بعضُ الشامتين...
ما إن انتهى الناس من طعام الغداء وجلسوا يمضغون القات في منزل أحمد حاتم حتى وقف أحد الناس فجأة وصاح : ـ يا ناس اسمعوني ، أنا عبد الله قاسم أريد منكم دقيقة فقط ، أنا كنت مريضا ، أصبت بكساح ، تحجرت مفاصلي ، بدأ الوجع في ركبتي ثم انتشر في كل مفاصلي ، طفت العالم خلال سنوات أبحث عن الشفاء ، ذهبت إلى...
أختطفتُ امرأة كانت تسكن في بيت طيني يقع في آخر القرية، ارجو الا يذهب خيالكم الى إنني انسان غير سوي، يختطف النساء ليمارس معهن الرذيلة، أو إنني أجبرتها على ذلك، كأن سحبتها من ذراعها عنوة، لتصعد معي عربتي، بحمارها الهزيل، الحقيقة أننا أتفقنا ليلة البارحة، أن نضع حدا لهروبنا من الناس، ألتقيت بها في...
حين مرضتْ أمي؛ لجأتُ للمياه نفْسها، لأيام لم ألتقط إلا صرخات معدتي وإخوتي، ‏استعرتُ يدها بعروقها النافرة، التي تنبض بإيقاع عميق، ببشرتها الشفافة الملساء، وردَّدتُ ‏ذات الكلمات التي همسَت بها في أُذني؛ فخرجت سمكة كبيرة، من حولها تقافزت أسماك ‏كثيرة ملوَّنة، امتلأتْ بها ردهة البيت الجانبية، هرولت...
كان يتأمل ملامحها في مرآة السيارة ، وجهها الشاحب عيونها المستغرقة في النوم لما يخفيا جمالها الاربعيني الظاهر مستغرقة في نومها ؛ ترتعش من حين لآخر ؛ ارتجافة جفنيها تشير إلى حلم مزعج يروادها. أوقف السيارة وفرد ظهره على كرسيه ونظرة عينيه تتأملها في مرآته.ومابين فضوله ولهفته ظل يراقبها . ….كان...
هذه هي رسالتي التاسعة بعد الألف الثانية التي أرسلها لك, لكنى لا أدرى أهي المائة الخامسة أم السادسة التي أقسم فيها أنى لن أرسل لك, ثم أحنث في قسمي ثانية, أصبحت الكتابة لك نوعا من الإدمان, فكلما مررت بخاطري "كلما ! " كيف كلما؟ أنت بخاطري دائما, تحيا معي حتى في مطبخي, فهذه الأطعمة الشهية وأنا أعدها...
لا عليكِ يا صغيرتي فأنتِ الأجمل، مرَّ هذا اليومُ ولم يتوجوك، غدًا سيأتي يومٌ جديدٌ قد تكونُ الجائزةُ مختلفة، ربما جائزةُ اليومِ لاتليقُ بك ، وقد يخبئ لك القدَرُ سرورًا جميلًا يعوضكِ عن حالةِ الحزنِ التي اعترتْك بعد فشلِ الاعتلاء، تنهدتْ وقالت لي وهي تنشجُ من الفرحة :كنتُ أتمنى أن تكونَ أنتَ...
كان الفصل ربيعا ، ليس كربيع زمن تقلبات الفصول. لبس معطفه وخرج مهرولا صوب العيادة حيث تنتظر "حياة " مولودها بعد اثار عملية الإجهاض المؤلمة. كان الشارع مكتظا باليافعين، يجرون صاخبين ، أقلامهم تتبعهم تدون أغنياتهم والأوراق البيضاء تحمل اثار أقدام ولطخات محمد القاسمي وأنفاس محمد شبعة لعلها تكون...
تفر الكلمات من قلمي؛ تبدو الخيالات قمرا ينير في ليالي العتمة، نحسبها وميض القلب فنتحسسه، نمزج بين الأمل والألم في جديلة آسرة، كانت مثل فراشة تمعن في الحركة كلما همت بها يد، ابتعدنا كل في عالمه. المسافات تقف حاجزا، يصعب على المرء أن يتجاوزها، مثل طيف يخدع العقل، يعمي البصر، الخيال يصنع الوهم؛...
أعلى