سرد

ذات مساء شتوي انقطع التيار الكهربائي عن منزلي، كان هذا لإصلاحات يجرونها في غرفة الكهرباء أسفل العقار، ولن أقول أنني تكاسلت في تشغيل مصباح الطواريء، ولكنني في حقيقة الأمر قد سررت كثيرًا بالهدوء والظلام اللذين سادا، والسكينة التي حلت على جو المنزل، وكنت إذ ذاك ممدًا على سريري أجاهد في استدعاء...
على موعده الدائم "الخميس من كل أسبوع" تنتظره نساء قريتنا، ضعيف البنية، قصير، دقيق ملامح الوجه، له صوت جهوري، تتعجب حين تسمعه ، كيف لهذا الصوت أن يخرج من هذا البدن الهزيل! عباراته قاطعة لها قفلات محكمة، لو سمعت نداءه دون أن تراه لخيل إليك أنه قائد جيش ينادي على جنده ليتجمعوا في ساحة المعركة، تحول...
وقف في الافق قمرا عاريا خلف سترة ضبابيه مقلمه بضوء خجول في السماء يحدثنا عن ذلك الليل الحزين الذي وثب على شاطئ طويل يحيك حبال سوءته بقتل اخيه النهار يحاول اقناع ابنته المشرقة بالبقاء معه. لتذوب بعناد على صفحة فضية حركتها امواج دافئة آتية من قبر ابيها . سويعات وتستأذن بالغوص في قلب المحيط تبحث...
عندما غزا الألم الموجع منطقة البطن المنتفخة بعض الشيء، والذي يتحرك من يمينها إلى شمالها بحركة شبه بندولية في منطقة السرة التي غارت في العمق، رقد سلام بشعر منفوش، وتضاريس وجهه متبدلة بين حين وآخر، وبدا كالليمونة الذابلة، وهو مغمض العينين، غائرهما. أخذ يفكر، وهو في فراشه، بما كان يعيق عمله في...
أستيقظت المدينة الجنوبية الصغيرة النائمة على شط الفرات، على صراخ شق عنان السماء، فزّت علياء من نومها، على جلبة مسيرة راجلة، تحت نافذة غرفتها المطلة على الشارع، هبت الى النافذة، فوجدت أهل المدينة يمشون مسرعين بإتجاه الشط ، وجدت نساءً ورجالاً وشباناً، رأت نسوة، بملابس البيت وبعضهن بلا حجاب، على...
وعلى الوسادة نفسها التي كنت أتوسّدها كانت تغطّ في نومٍ عميق ، تأمّلْتُ وجهَها المكسوّ بعرق الدفء ، كملاكٍ مستحمّ بقطر الندى الصباحيّ ، تلتصق على جبينه خصيلات شعرها المتناثرة كالإكليل الفوضويّ ، وكأنّ تلك الخُصيلات ضرَباتٌ مُستعجَلة من ريشة فنّان غير مهتمّ لتصفيف شعرها بعد أن بذل كلّ الجهد في...
(قصةاونلاين) محمد مباركي هل سمعتم بروائيّ ندم على كتابة رواية؟ ربّما لم تسمعوا بذلك. إنّه أمامكم أنا العبد الفقير إلى رحمة ربّه. كتبتُ روايتي الأخيرة وندمتُ على كتابتها، لا لأنّها رواية دون المستوى، أبدًا. قد تناولها عدد مهمّ من النّقاد في الدّاخل والخارج بالدّراسة والتّحليل حتّى إنّها نالت...
اليوم كأيّ يوم يعصف فيه الضّجيج على حواجز الانتظار، ريتا القادمة من ليل الاغتراب، الآملة برؤية المدينة، أتعبها الوقوف أمام الحواجز المغلقة، مشت على الجسر المقام فوق حاجز قلنديا، بدت العيون غائرة في وجوه متعبة، اتكأ المشاة على آلامهم، مضوا في أوجاعهم، المسافة تتمدّد على جسر طويل، يزيل السّتائر...
... لم تكن ميلارا تملك جمالا جذابا كجمال أنجلينا تلك الفتاة القادمة من النمسا، و لم تكن تمتلك ذكاء و دهاء ليزي فيلاسكيز المقبلة من تكساس أمريكا، كل ما كانت تملكه وجدانا معبأ بالأحاسيس لو قسمت على البشرية جمعاء لعم الحب و السلام أرجاء العالم، و لإنسحب الجنود من ساحات القتال تاركين حقول الدمار...
لم يتحمل قلبها الفتي هول الفاجعة فراحت تصرخ صراخا هستيريا و تكسر كل ما كان أمامها حتى هاتفها النفيس قد أمعنت في تهشيمه لأنه هو من بلغها الخبر المشؤوم وحده المذنب والمجرم ، ما كان عليه أن يعلن خبرا صادما فاجعا كهذا ،كان عليه أن يتمهل أو يمانع أو حتى يرفضه أو يغلق كل صفحات النعي ،لماذا لم يفعلها ؟...
لقد كره البعض أغاني فيروز، لأ لشيء سوى أنها انهزامية، تبدو الحبيبة فيها منكسرة باستمرار، وفي حالة انتظار خالد لحبيب خائن. الحب الخالد والخيانة الخالدة، الذكرى الخالدة والنسيان الخالد، الانتظار الخالد والغياب الخالد. غير أن هذه العظمة المثالية، هي الشعر والغناء في قمة روحيهما الفذة، لأنه لا شيء...
أنتظر هنا منذ زمن ليس بالقليل حتى قال ناظر المحطة التي سكنتها فئران الحقول، وفي ليالي الشتاء الطويلة تتقافز فوقها الثعالب البرية: لن يأتي قطار السابعة في موعده، تمنى ألا يراني؛ بدأت أشعر ببطء عقارب الساعة، ثقل الهواء يضرب صدري في غير هوادة؛ ثمة ملل يجتاحني؛ الحياة من حولي فقدت رونقها الذي كنت...
لا يذكران متى جرى ذلك الأمر لأوّل مرّة ، لكنّ البداية كانت قديمة قليلاً ، والأمر صار متّفقاً عليه بأنّ البداية جدّ قديمة ، وما من أحد يريد نبش التواريخ لتسجيل نقطة البدء ، لأنّ الأمرَ بات متكرّراً ومعتاداً ومقبولاً بل ومن المسلّمات ، وبحكم الأمر الواقع وقالت لزوجها هامسةً : -عسانا ننتقل من ها...
لا أدري متى قطعوا زائدتي الدودية تلك التي كانت تتراقص في فمي، كنت أناغم بها أبيات شعر لفتاتي الجميلة، أشاغلها بها، فالنساء يعجبهن الثناء ويطربهن؛ لا مال لدي غير أنني ماهر في كلمات الهوى، في مرة انتهزت سكون الليل وفي جلوة القمر صعدت مئذنة المسجد التى كانت عالية- الأطفال يرون الأشياء أكبر مما هي...
في السابعة صباحًا تبدأ رحلة البحث عن عمل، نعم، تقول لى : إنني كنت أعمل في وظيفة يحلم بها كل شاب فأقول لك إنني الآن بلا عمل، ولم أفقد الوظيفة فحسب بل فقدت كل شيء، لم أقصر لحظة إلى أن تعرفت إلى أحد الكبار مصادفة قبل أربع سنوات، كما أن هذا الرجل قربني منه حتى أحببته، فما هي المشكلة إذن ؟ في مكتبه،...
أعلى