سرد

رفع السّاحر قبّعته وأمرني أن أضع قبعتي جانبا. وقال لي: ماذا تريد أن أصنع لك هذا اليوم؟ وليمة ؟ أم أنزل عليك من السماء كساء أخضر وعمامة؟ أم تريد... قاطعته قائلا: امرأة على مقاسي... نظر إليّ بكثير من التعجّب والحيرة. ودار حول نفسه دورة وهو يردّد : " امرأة... امرأة...". ثمّ قال لي بعد أن ابتسم...
النُّكتَة جاءت في موعدها. قالها أحمد فجأة: مُدرِّسة دراسات تاهَ زوجها، فذهبت لتبحث عنه في الخريطة! ضحكنا في نَفَس واحد، وبقينا في انتظار دخول الأبلَة سناء التي لم تظهر طول اليوم. في الفصل "دَوْشَة" كبرى تُصاحب دائما الحصة الأخيرة، أصوات ونداءات وخبط وزعيق. من كلمة إلى كلمة اكتشفنا أننا جميعا...
أرسله ناشره إلى المطبعة في شاع " السجينى" لكى يراجع بروفة كتابه, أشترى قلما جافا من مكتبة في شارع ابن الخطاب, فهو لا يضع أقلاما في سترته خشية أن يسيح الحبر فيها ويفسدها. في كل مرة يذهب فيها لمراجعة بروفة كتاب؛ يشترى قلما رخيصا , ثم يرميه بعد المراجعة.سأل في شارع ابن الخطاب عن شارع " السجينى" ...
بدأت الوشايات تتناقلها شفاه الناس في كفرنا، فهم في زمن الخواء يقتاتونها بدل أرغفة الخبز الشهية؛ يسكنون علبا مميكنة، يدبون على الأرض بأحذية مرصودة؛ يعبثون مع نسائهم في ليال محددة، يدعون أن الجنون بلغ منتهاه، ربما أكون الوحيد في هذا البيت، الذي لم يصب بعد بتلك الحالة، سيذهبون بي إلى السرايا...
القينا بعناقيد العنب، وانطلقنا في جميع الأرجاء، وخطر لي أنني ان توقفت لحظة واحدة عن الركض، فانه سیدرکنی وينهش قفای. ولعدة شهور ظلت الأسنان المرعبة تطاردني كل مساء، بل وتوقظني من نومي مفزوعا، حتى لاحظت أمي ذلك، ولكن لم أجرؤ قط على مصارحتها بما حدث. ولأن الحارس قد نجح في ترويعنا، فقد توقفنا تماما...
لم ينقطع المطر منذ يومين... كان الصقيع ينخر العظام ... وأصبح الخندق موحلا كريها ...تنبعث منه رائحة العرق و الجثث و الجرذان النافقة و المياه الراكدة... أخرج لفافة التبغ من جيبه بيدين متجمدين مرتعشتين ... اتكأ على جذع الشجر الداعم للجدار ... اغمض عينيه لبرهة ثم نظر الى السماء و نفث الدخان و قال...
حتى بعد مرور اعوام طويله على موته .. لم يكن قد اعتاد على فكرة الموت بعد … ورغم تعرضه للسخرية من الاموات اكثر من مرة الا انه كان يتصرف بطريقة تستفزهم .. فيبادرونه باستفراب وانكار : انت ما زلت تتصرف كالأحياء ..!! … كان يراوده حلم غريب … لكنه لم يجرؤ على البوح به لأحد .. فالمادة الأولى في دستور...
( مقاطع من فصل من رواية سعيد وزبيدة) حين صعد جيش العقايبة بقيادة سعيد إلى أعلى الهضبة الفسيحة المطلّة على بعض مضارب القبائل البدوية رأى ما لم يكن في الحسبان . على مسافة تقارب المائتي متر تقف مئات النساء العاريات في ثلاثة صفوف منتظمة ، وعلى مسافة منهن يقف جيش بكامل أسلحته في صفوف منتظمة أيضاً ،...
أغلقت حاسبتي الصغيرة و الكتاب الذي كنت أقرأ فيه لأذهب للنوم .. فالنعاس قد تمكن مني بعد تجاوز الليل منتصفه .. بينما الأفكار كانت تتجاذبني وأنا بين النوم واليقظة، سمعت همسًا قادمًا من الصالة .. الهمس بدأ يعلو قليلًا، تركت سريري وخرجت من الغرفة لاسترق السمع، يؤازرني الظلام فيما عزمت على فعله...
يمكنني ان اعلنَ لكَ كل يومٍ عن استسلامي ,عن قدرتي الفائقة في رفع الرايات البيضاء وتحريكها باتجاه شعاع الشمس كي تبدو واضحة ..وحتى لا تظن انني اخادعك او اريد بك مكرا ,, سأمنحك تذاكر سفر لروحي ذهابا واياباً, يمكنني ايضا ان اطهرَ جراحَ الارض بأفكاري وأنظف شقوقها اثر معاركنا الطاحنة بضغطة واحدة من...
منذ أيلولَ ١٩٧٠...؛ فأيلولَ ٨٢...؛ وحتى دخلتُ (آخر الأيلول)؛ كنتِ ربّة الفصولِ...، وحواءَ التي حكتِ الحكاية!. فارتسمتُ أمامكِ صورةً .. وسورةْ/ طيورا تسيل، وضوءا يطير. أطوفُ حولَ ظلّكِ العالي؛ بنسمةٍ تأتي من وعدكِ الآتي. .. .. وفي غفلةٍ من (أيلولَ) سألتُكِ: (ما الحكاية؟) ‏فكَسّرتي أضلعي على...
أغلق على نفسه باب الحجرة، ارتخى جسده على السرير؛ أخذ يستعيد أربعين عاما مضت، كل التفاصيل الدقيقة ما تزال عالقة بذاكرته، ما أصعب أن تبقى منها نتوءات لا تغادر، يوم لا يستطيع نسيانه، شاخص أمامه، في ساعة من ذلك اليوم والبلاد تفور مثل قدرة الفول. حتى إذا سكن الليل، تلفت في كل جهة؛ ألا يراه واحد من...
الرجل الذي يشبهني والذي يقيم دائما خلف المرايا .. قال لي اليوم وكأنه يطلعني على سر خطير بأنه اكتشف سبب الارتباك والفوضى في عالمي .. واضاف وهو يقرب شفتيه من زجاج المرآة انه اكتشف ان كل شيئ في عالمي معكوس واليمين يسار واليسار يمين وانه حتى الكتابه في عالمي معكوسه .. ضحكت واخبرته ان كل شيئ في عالمي...
منذ شهور، أعيش حالة يباب مرهق. أصابعي تيبست، لم تعد القصيدة تركض إليّ، وكلما حاولتها، أشعر بأني أغتصب الكلمات والمعاني اغتصابا. فما الذي حدث؟ عادة أكتب بعد غيمة من الكآبة والمرض. والتسمم من التدخين. أكتب بعد شحنة ناسفة من القراءة في كل شيء، حد أنني أذهب إلى قراءة المعادلات الرياضية، ليس من باب...
ضجّ البيت والسرير بنحيب الطفلة التي كان عليها أن تنام للمرة الأولى في حياتها من غير أن يكون صوت أمها آخر ماتسمعه، وهي تبتسم لها وكفها الناعم يلامس خدها الطري كما تفعل عادة. في تلك الليلة، قفزت من سريرها نحو صورة معلقة على الحائط، تجمع بينها وبين أمها.. ما أن حدقت فيها حتى تحلق حولها خيال وجه...
أعلى