سرد

أومأت فأخذتني رعشة التّلبية إليها.. إلى معابثة جدائلها وافتكاك ناصيتها من الرّيح والتماعة عينيها من سناء البدر..هدأت فورتها قليلا وأشرعت رمشيها فأسرتني المقلتان الزّيتون .. صفت وجنتاها للون الورد.. كم هي محرقة أنفاسها ففي القرب منها خَدَرٌ بالجفون..وبعد حُضنين وعناق انفرطت جدائلها من بين أناملى...
... أتذكر جيدا عندما كانت جدتي تستيقظ في الصباح الباكر لتصلي الفجر ثم تذهب مباشرة إلى المطبخ لتحضر فطور الصباح، كنت و جدتي نتشارك نفس الغرفة و أحيانا نفس السرير عندما أشعر بتوعك، بمجرد أن تجهز القهوة ، تضع الصينية المزينة بعراقة الماضي على الطاولة الموجودة في غرفتها، تفتح النافذة على مصراعيها...
حياة المكان الذي تجلس انت فيه الان ..ربما كان يقف فيه قبل مئات او عشرات الملايين من السنين ديناصور ما .. وربما مر قبل مليون عام او اقل ماموث نابض بالقوة وبالحياة حيث تجلس انت الان حاملا فنجان قهوتك .. وبعدها بالاف السنوات ربما كانت تقيم عائلة من سكان العصر الحجري في كهف ما تماما حيث تقع...
كنت في الخامسة من عمري عندما اصطحبني والدي إلى المدرسة لأول مرة، كان من دواعي سروري أن أكتشف عالما جديدا ليس كعالم رياض الأطفال ولا مثل عالم المنزل ولكنه عالم أكثر جدية. احببت كثيرا الذهاب إلى المدرسة، ما لم أكن أحبه هو أداء واجباتي المدرسية، لم يكن صديقي "سام" يعجبه القيام بواجباته المدرسية...
في ساعات العصر الحارة، حيث أويقات تترامي بين الرابعة والخامسة قبل أن يغزو الغروب السماء، ينفث التراب رائحة السموم من بطنه. شيء غريب يتمدد حول الروح، شيء كالاغتراب، وأمنية بأن لا يطفر السواد من فوق السماء. تلك اللحظة المائعة، التي تبدو فيها الذات منفصلة عن الواقع، جعلت سكون الغرفة إلا من صوت...
" إنهم يريدون خلق جيل من الضباع" ذ. محمد جسوس عو عوو عووو عوووو بدأت في العواء، وخرجت بدوري إلى ظاهر البلدة، في البدء كانت الأمور عادية جدا، عادية تماما، عادية كسرنمة، مثل ما يحدث في أحيان عديدة، كما في الأفلام مثلا أو في أحلام اليقظة، وتحولت الأحداث إلى ما يشبه الأمر الواقع، ثم بدأ التحول...
لما تكتمل الحكاية بعد؛ في ليل الشتاء وحين تضرب السماء بريح عاتية، تكاد القلوب تنخلع قبل الأبواب، تأتي النداهة إليها، حين كان الفيضان وحشا يغمر البر، تبعتها لا تلوى على شيء، هل كانت تسحرها أم تشدها بحبل خفي؟ تتراقص على صفحة التيل جنيات زرق وحمر، تبلغ بها مسافة الغرق، تلاعبها مثلما تفعل الحملان...
لقد اجتمعت النجوم لتصنع تاجاً يرصّع جبين من أحب، يسعدني أن أراك تكبرين، وأن يخفق قلبك بفرحة الفائزين، ومن قبل أسعدني أن أراك تستقرين، وأن ترسو السفين على شاطيء الحياة الأمينّ! لك كُلّ هذا، أما ما تبقى فاتركيه لي، ودعي قلبي يطاردك إلى آخر العالمين، يفرح لفرحك ويحزن لحزنك، متراوحاً بين ظلال الشك...
قصة قصيرة تفرغ عبد السلام للسرقة رفقة مجموعة من اللصوص الصغار. عندما يسطون على حقيبة أو حذاء أو قميص أو هاتف، يلتقون في المقبرة، ويقتسمون الغنائم. اعتاد أن يخرج من السجن، ثم يعود إليه. في إحدى المرات حاول سجين مُلقّب بالذئب اغتصابه، لكنه ظل يصرخ، والذئب يضربه دون جدوى، حتى تدخل الحُراس. تعلّم في...
«يا صديقي هم لا يعلمون كم يتطلب الأمر لتبدو بهذا الثبات، وكم تَشغَلُ نفسك بكل شيء حتى لاتنشغل بما يتعبك، يمر بقربك عابر سبيل، وآخر قاصدًا مبتغاه، ولن يشعروا بشيء.. حتى ذلك الذي شعر بك سينسى بمجرد أن تبدو له طبِيعيًّا؛فالاسترسال في إظهار كونك على مايرام سيجعل ذاكرة شعورهم بأنك لست بخير؛ ذاكرةً...
تسللت شمس الصباح الى قاعة الرسم في المدرسة، تشاكس جدائلها الحريرية عيون الأطفال من ذوي الإعاقات الجسدية، الذين كانوا يجلسون على امتداد أشعتها العابرة عبر نافذة عريضة. كانت أصابعهم تداعب أوراقاً بيضا أمامهم على رحلاتهم الدراسية، حيث موعد حصة الألوان التي يحبون العبث بها. طلبت منهم معلمتهم أن...
حينما رأيته لأول مرة؛ خيم السكون من حولي، حدثني قلبي، إن ثمة شيء بشغف كبير سيحدث؛ فهذا المتجلي ببقايا الشمس وهي تغيب، العالق بآخر خيوط الضوء، سيكون موعد الحلم الغافي تحت وسادتي. لوحت له بيد ترتجف؛ فتملكني الشعور أنه نصف الله الثاني، والذي به سأكتمل كما أقرته لي الطبيعة. امتد إليه هذا الشعور؛...
نظرة عينية المتكررة على حائط غرفة المعيشة ، كلما انفرد بنفسه فيها ، كانت مثار دهشتي لسنوات عديدة ، على الحائط صورة معلقة لشاب يشبهه تماما ، اقطع نظرته تلك وارتمي فى حضنه بدلال طفولي، أغمر وجهه بالقبلات فيتحول بعينيه نحوي.ويضمني أكثر فى المدرسة أخبرتنا مدرسة اللغة العربية فور عودتنا من عطلة يوم...
في أوائل التسعينات بعد أداء صلاة العصر كنت أمضي بشارع التعمير الصحاري بخطى متمهلة، أنفق الوقت تحت ظلال أشجار الصفصاف الشاهقة التي تقف على جانبي الطريق الممتد حارسة لأزمنة مرت من هنا. استريح قليلا جالسا على التلتوار أحدق في اللاشيء أو أتأمل السيارات المنطلقة أو أنظر نحو السماء المرصعة بأسراب من...
"قال لنا المالك وهو يهرول مبتعداً بعد أن سلمنا مفاتيح المنزل: إياكم أن تقطعوا هذه الشجرة". **** اضطرت أسرتي للانتقال إلى منزل صغير في الحي القديم ، استأجره والدي من مالكه صاحب الطاحونة. وقد كانت قيمة أجرته المنخفضة مثيرة للدهشة في هذا الزمن، لكنها تعتبر منطقية بحسب حالة المنزل التي شهدناها...
أعلى