سرد

رفقاء الزمن تحويشة العمر، نور الأيام الشديدة الحلكة، خضرة الروح وطراوتها، يجترهم إذا نزلت به وعكات المرض فيشفى، يعيش الوحشة دونهم، يجاهد فى سد ثقوب خيمات العمر، ويرمم حطام الزمن، ويضمد جراحات الأيام فى داخله خراب، بحجم الكون، الوحدة لها القدرة على نهش الروح، مئات الحشرات الصغيرة تلتهم روحه...
رسمت الملوحة والتشققات على جدران المقهى، لوحات وخرائط وتضاريس بلا معالم أو عنوان، المقاعد والطاولات قديمة غير لامعة لكنها نظيفة، صورة صاحب المقهى تتصدر الواجهة طاردة لا جاذبة من تكشيرة وعبوس صاحبها، المقهى قطعة من الحياة أشبه بقطار طويل يتأهب زحمة وحشد، فى محطة القطار مودعون وجلبة، داخل هذه...
رأيت فيما يرى النائم أهوالا يصعب ذكرها، حاولت جاهدا تناسيها، تأبت إلا أن تترك بعض آثارها، تلازمني في صحوى، تبقى شاخصة أمامي، تمثل كائنات مفزعة، شياطين تجوب الحجرة، تتراقص على الحائط ، كلما زفرت أنفاسها اتسعت شقوقه، دوي الريح يشعلها غضبا، تمايل الأشجار في عنف يحدثني أنها تحيط بي، زاغ بصري...
صعدت في القطار الذاهب الى أنقرة، من المدينة التي أسكنها، تكتظ العربة بالمسافرين، يقف بعضهم في الممر، أنا في الخمسين من العمر، لا اتحمل الوقوف سبع ساعات، لعنت صاحبي الذي أقترح عليّ بصعود قطارات الليل، بزعم انهم يغضون النظر عن المدخنين بين فوصل العربات او في التواليت. نظرت الى وجوه الرجال والنساء...
قال جاجانديب المزارع الهندي العجوز لزوجته بهاجياشري: يا سيدة الفرح يا كأس ماء في صحرائي القاحلة يا دربا بين مجراتي المعتمة هناك التقينا على مفترق القدر حين استعرت يوما ما ملاحم الآلهة المتنافسة متصدقة على أول بشري يمرق من بين نوارس الصباح وصواري السفن الجانحة قالت الآلهة: - أنت يا جاجانديب يا...
حاول أن يجعل مفرداته بسيطة وطيعة، ومشجعة على مواصلة الحوار، ضغط فى موضع الجرح دون أن يدرى، فانسكبت اللآلئ من عينيها، وجد نفسه يعتذر وسط جلبة، تواطئت مع صمته الذى غاص فى باحات عميقة من نفسه، أربكته دموعها وذلك الشجن الدافق والمتكاثف الذى أحاط به، - قالت : لم أذق طعم السعادة منذ إنفصال أبى وأمى...
صباح يوم الإثنين : كان المُعلّم يستند بيديه الضخمتين على المكتب، جسمه مائل نحو الأمام، ينظر في ورقة موضوعة أمامه، رأسه الصلعاء البرّاقة باتجاههنا، ونحن بعد أن ولجنا الفصل كُنّا قد اِستقمنا في جلستنا، ووضعنا أمامنا دفاتر الملخصات والمقلمات، وربَّعنا أيادينا ٠ لكنه وبِدون أن ينظر باتجاهنا،...
أشعر بالوحدة مع أني لست وحيداً !!! هي جملةٌ كتَبَها على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وذيّلها برقم هاتفه، وعنوان بريده الإلكتروني. ولم يستغرب قرّاؤه ومتابعوه ممّن يعرفونه تلك العبارة وفحواها، ونسجوا من كلماتها القليلة حكاية مُسهَبة بطريقة الخطف خلفاً، فهم يعرفون بأنه تقاعد حديثاً من وظيفته،...
أصاب قلمي شلل الكلمات ٠٠ أجهضت حروفه وهي ما تزال أجنة في عالم الأحلام… ماذا عساي أكتب ؟ كيف لي صياغة الجمل التي تصف غدرك؟ هل أخبرها أن من تتحدثين عنه هو حبيبي ؟!.. أو من ظننت ذات لحظة أنه حبيبي .. بل كيف سأخبرها أن هذه الكلمات التي همس بها لكِ قد أهداها لي ذات مساء وقد طبع على كل حرف فيها قبلة...
هم الأطفال يلهون بطائراتهم الورقية .هي الدبابات العراقية قادمة من القدس باتجاه نابلس . الناس يخرجون فرحين يهتفون بحياة عبد الناصر . وهي الطائرات المعدنية تمزق ورق الأطفال . هي رأس تخرج من داخل الدبابة تطلق لعنة . الناس يهرعون خائفين . أحدهم يلقي بأحمد في ملجأ حفره أهل المخيم كخندق ترابي تحت...
نكتب على الجداريات أنا وهي، جداريات البيوت ذنوب أصحابها، لعدم قدرتنا على فعل شيء أمام طاغوت الناس. وسائل شاعرية بعد فقدان امل تغيير أي شيء في المجتمع. بعد وسائل فردية من الصراخ في الليل، حتى أفعال الدمار لنا كانت عنفا ضد الذات العاجزة عن فعل شيء من التحشيش للكحول. الخ. صوابية الطفولة وغياب...
فجرا، أصبح الناس يستمعون الى ثغاء الخراف، في مسيرة لها بداية وليس لها نهاية، دهشوا حينما وجدوا أن الخراف، تضع على رؤوسها قبعات كُتبت عليها " الويل لمن قتلنا " .. لا أحد في القرية، بقي نائما في فراشه، صباح ذلك اليوم، خرجت النساء يعتمرن العباءات بإرتباك واضح، ثم خرجت الفتيات من البيوت وهن يحاولن...
انتفخت أوداجه وطالت لحيته في هذه العشرية التى ضرب أثداءها الجفاف؛ هل تراه يعاني مما يضرب الناس بسوطه؟ يجري الناس هلعا فثمة طاعون يهز العالم من حوله، رجال مكممون ونساء منقبات، فالموت على الأبواب وفي الشوارع، أما هو فيمد رجليه ويتمطى في جلسة لا يحسن غيره إلا أن يقلده. أخذ يمد فمه الذي يشبه زلومة...
اعتادت السير كل يوم فى توقيت ثابت وطريق لا تغيره، ملابسها بسيطة لكنها فى غاية الرقة، لا تستطيع جاذبية الأرض على الإمساك بها لرشاقتها، عيناها أشبه بصفاء البحر والسماء، لابد أن يكلمها ويصارحها بحبه لها، وإنتظاره لها كل يوم، إشترى وردة ليقدمها لها، عربون حب، شكرته عيناها بين إبتسامة واسعة، مد يده...
بمهارة فائقة؛ نجحت السيدة العجوز في تفادي وقوع أي اصطدام، أو حتى احتكاك للدراجة، ثلاثية العجلات، بالسيارات الطائرة فوق الكوبري.. تسير ببطء، تجبر السيارات على الإبطاء، أو تجنبها؛ فترتبك الحركة فوق الكوبري، لم تُبالِ بما نالته من سباب، لم تهتم إلا بأن تعبر الدراجة الطريق سالمة، فلما نجحت في العبور...
أعلى