سرد

قال لي بائع التّذاكر: - أتذكرُ أني رأيتكَ البارحة هنا، أليس كذلك؟. - نعم. لقد وصلتُ المحطة متأخرًا، فاضطررتُ لتأجيلِ الرّحلة لهذا اليوم... قاطعني مندهشًا: - ألم تسمع نشرة الأخبار،ألم تقرأ الصّحف؟!. نفيتُ بهزةٍ من رأسي، لكن لم يمهلني طويلًا، إذ قال وكأنه يسردُ فيلمًا سينمائيًا: - ليلة البارحة،...
دشداشة رمادية حائلة لا تستبدل , وجه مصفر صغير يلف جراوية على رأسه يثبت عليها صندوق زجاجي صفت داخله كريات حلوى ( الشكرلمة). حين يتعب من الدوران في الازقة يستقر على تخت المقهى في قلب العشار وهو في حال وجوم مستمر لا البيانات رقم واحد تهمه ولا الرؤساء الذين يستبدلون كل سبع سنوات ولا حروب التحرير او...
ثلاثة اخوة يتبادلون ادارة الاسواق الواسعة في احد الارياف. اوسطهم شاب في العشرينيات بسيط ومتزن وفيه شيء من الانطواء. يحسده الزبائن فكل شيء متوفر في هذه الاسواق من كرزات ومعجنات وادوات كهربائية وبهارات وقرطاسية وانواع الدجاج واللحوم. كتابه المدرسي بين يديه يطالعه حتى يأتي زبون فيتبادل معه كلمات...
ما انفكت الملمات، ترافقه في سرابيلها التي حملت كل تمزقات الذنوب المدلهمة، في ليالي عقيمة، رافقه العديد من هم على بينة من الأمر، بإنه لا يتعدى زمن عابر، صقلت الأيام أظافرها ولونتها بالسواد، تجهيزا في طعن أبدان آن لها أن تتذوق عذابات الآخرين، الذين اعتاد ان يراهم كبسولات لأمزجة متغيرة، قد تعني...
كانت السماء فى ذلك اليوم ملبدة بالغيوم، وصفحة البحر كمرآة مقفرة، وقوارب الصيد متناثرة، تتمايل وتطوح كلما عصفت بها الريح، حبيبها الشاعر يقرأ كل يوم، صفحات عديدة من كتاب الشمس، وحياته دونها معتمة، لا نبض فيها ولا حياة، مازال يكتب القصائد فى عينيها البنيتان الشقيتان، التي تسحبانه نحو الأعماق،...
معتمرا قبعة سوداء، وسترة ضيقة، وسروال جينـز، وحذاء رياضيا ذا علامة عالمية شهيرة، ومتأبطا عددا من كتبه، اخترق الرجل الستيني بخفة شاب في العشرين خان الخليلي، مارا من أمام مسجد "الإمام الحسين"، ليدخل زقاقا ضيقا تحفه محلات مكتظة بالناس والسياح، ويقف بقرب بناية قديمة تنتشر على جانبيها موائد وكراس،...
جالسة علي سريرها الحديدي القديم - ســرير عــرسها كما اعتادت أن تقول لنا كلما حاولنا تجديد غرفة نومها -، كل شىء حولها تغير إلا ذلك السرير، سريرآ وصندوقآ مطعما بالفضة كانا مشتملات غرفة نومها، استبدلت الصندوق بدولاب لكنها أبت أن تستبدل السرير بأخر أحدث وعلي الموضة كما نقول، تصرخ فينا سرير عرسي...
أحب ركوب الحافلة ، خاصة عندما تكون المسافة التي ستقطعها طويلة ، أحب ركني القصي في الخلف ، خاصة لما لا يكون هناك عدد كبير من الراكبين ، أحب ألا يكلمني أحد، ولا أحد يتجرأ أن يكسر الهدوء حولي . عندما أجلس ، كل شيء يتوقف عن الدوران ، أفصل نفسي عن العالم حولي ، أحس أنني أنزلق على الطريق وأنني...
هذه الرواية خيال محض لكن الواقع غالبا أكثر غرابة من أي خيال أهديها إلى ابنتي الحبيبة أروى أيمن مصطفى الأسمر دمياط - مصر يناير 2008 محمد عبد الهادي كعادتي في الشهر المنقضي التجأت في نهاية يوم شاق آخر إلى مقعد وحيد في مقهى شبه خاو، أصبح هذا المقهى بالنسبة لي ملاذا آمنا ألجأ إليه في ساعة متأخرة...
سامح رشاد "قالت ٢" استطالت وحلّت ضفائرها للهواء وراحت تهتز بالرقصِ المتخافتْ ادرعت بشالها ثم قالتْ: أنا غُصن زيتونك الأخضر ودرقة روحك الرنَّانة في ليالي السهر والحُمَّة "ما من مرةٍ رأيتك إلا وسمَّيت" كُن رفيقًا بي أليست لديك رغبة بالتَشْبيب ولو لمرةٍ أخيرةٍ؟ شَعري كقطيع معزٍ رابض مزين بالناردين...
حين دنا منها وهي تستقر على دكة خشبية وتتكيء على كيسين من الرز كاد يغشى عليها فبردت يداها وتهاوتا في حجرها , انها ارتعاشة الهيمنة لا تشابه سقوط طير في كمين لان الاجنحة سترفرف , هي قبضة الغريزة على الكيان الانثوي في لحظة مباغتة. نظر من شباك صغير , حسنا , انهم يغفون في هذه الظهيرة الجحيم. وبخرس كلي...
ما إن استلقى على سريره ووضع رأسه على الوسادة، حتى انتبه إلى حركة غريبة في الغرفة التي ينام فيها وحده! ما معنى تلك الحركة؟ وما هو تفسيرها؟ وتوقف فكره. . بل أنه جاهد حتى أوقفه عند هذا الحد خوف الوصول إلى التفسير الذي لا يقبل الشك. . وكان يجاهد أيضاً في أن يهدئ من روعه، وأن يخفف من خفقان قلبه. ...
بلهفة فتحتْ النافذة .. بدأتْ تستمع لصوتِ المطرِ .. فهي تعرف عشقه له حد الجنون. تذكرتْ الليلة التي راقصها فيها بينما المطر الجسور انساب عبر الثياب ليتخلل جسديهما .. ترك قبلة على شفتيها المكتنزتين بعد إزاحته خصلات شعرها التي غطت وجهها .. وبلغة لا يفهمها سوى القلب أخبرها كم يعشقها! كيف إن روحها...
أعتدت السير بجوار الحائط ،،يغشاني ظل الأبنية، احتمي بصلابته وثباته.. وأخشى إن انزلقت قدمي تجاه الطريق الحر، المفتوح. أن تدهسني قدم رجل قامته مهيبة، أو تصفعني حرقة الشمس التي لاتخاف.. كنت أخشى أن ألتقي بعربة الشرطة.. فقد سألني قائدها ذات نزهة.. عن بطاقة هويتي وعن علة خروجي.. بماذا أجيب؟فأنا خرجت...
قبل ثلاثة عقود خلت، من جلسته الآن وحيداً، في صباحه الأنكونيّ (1) الرتيب، وحين كان شاباً نضراً يُحسن العشق، كتب إليها: " كبّليني بحسنكِ.. كبّليني، قيديني بصدودك، ثم القِيْ بالمفتاح في أعمق جبّ على مدى شمعتين من جموحك الضاري، الذي ينثال في كل المسارات/ الفضاءات، عدا تلك التي تفضي إليّ، ثم تظاهري...
أعلى